من أقصى المشرق العربي تكبر كرة الأمل لتصل إلى مغربه الأفريقي، الساعي السبت إلى انتصار وعبور تاريخيين لنصف النهائي أمام برتغال منقسم حيال نجاعة نجمه كريستيانو رونالدو، فيما يشهد ملعب البيت نزالاً أوروبياً غير مسبوق في الأدوار الاقصائية بين فرنسا حاملة اللقب وإنكلترا.
بلغ التشويق في ربع النهائي أوجّه الجمعة، عندما حسمت ركلات الترجيح موقعتين خارقتين، فتأهلت كرواتيا وصيفة البطل في مونديال 2018 على حساب البرازيل التي كانت أبرز المرشحين لنيل اللقب الحالي.
أما الثانية، فشهدت سيناريو ولا في الأحلام، حمل معه أرجنتين ليونيل ميسي إلى نصف النهائي على حساب هولندا التي كانت قاب قوسين من إقصاء "البرغوث" ورفاقه.
لن يسأل المغرب مجرّباً اليوم، ذلك لأن "حكيمه" أشرف خاض التجربة في ثمن النهائي وأقصى الإسبان في الركلة الترجيحية الحاسمة بعد استبسال من الحارس ياسين بونو الذي تصدّى لتسديدتين وكان القائم حليفه في ثالثة.
فعلى ماذا يعوّل المغربيون؟
الجواب سهلٌ بالنسبة للمدرب وليد الركراكي، الذي قال: "سنبذل قصارى جهدنا مرة أخرى لخلق مفاجأة أخرى، طالما أنه لم يكن أحد يتوقع أن نذهب إلى ثمن النهائي أو ربع النهائي، ونحن لا يزال أمامنا مباراة أخرى حتى ندخل أكثر في التاريخ ومتحمسون جداً للنجاح في التحدي الجديد الذي ينتظرنا، هي مباراة متكافئة وستحسم بالتفاصيل الصغيرة مثل مباراة ثمن النهائي".
عامل الأرض
لكن في مواجهة منتخب كريستيانو رونالدو الذي قد يكون بديلاً مجدداً على غرار مواجهة سويسرا، سيمتلك "أسود الأطلس" عامل الأرض تقريباً والجماهير المتواجدة أصلاً والمتقاطرة لتشهد على إنجاز للعرب والأفارقة للمرة الأولى في نصف النهائي.
قال الركراكي: "نعرف أن شعبنا يساندنا، وقارة إفريقيا تساندنا، وهذه طاقة إيجابية هائلة في صالحنا وسنحاول استغلالها وبذل كل ما في وسعنا".
ولم يسبق أن وصل أي منتخب عربي أو إفريقي إلى دور الأربعة في كأس العالم.
على عكس البرتغال التي سبق لها أن خاضت نصف النهائي مرتين وخسرت في المباراتين، أمام إنكلترا عام 1966، وفرنسا عام 2006.
وعاش المنتخب البرتغالي بلبلة في اليومين الأخيرين على خلفية الأداء المثالي لـ"سيليساو أوروبا" من دون نجمه رونالدو.
أثار ذلك ردود فعل كثيرة وصلت إلى حد سريان شائعات عن تهديد رونالدو بترك معسكر المنتخب في الدوحة.
غير أن المدرب فرناندو سانتوس أكّد الجمعة أنه صحيح أن رونالدو لم يكن سعيداً بإبقائه على دكة البدلاء أمام سويسرا، لكنه لم يهدّد بالمغادرة.
وقال: "لقد أجرينا حديثاً أنا ورونالدو. لكان الأمر سيئاً جداً لو لم نجر حديثاً. منذ أن استلمت التدريب لطالما فعلت ذلك. أتحدّث وأوطّد علاقتي معهم".
وأردف: "لم يكن سعيداً بهذا القرار. وقال لي +هل تعتقد حقاً أن هذه فكرة سديدة؟+ فشرحت له وجهة نظري وقبل قراري".
فهل يعود "سي آر 7" إلى التشكيلة الأساسية أمام المغرب؟ خصوصاً وأن بديله حينها مهاجم بنفيكا الشاب غونسالو راموس (21 عاماً)، سجّل ثلاثية رائعة هي الأولى في هذا المونديال، ليصبح ثاني أصغر لاعب يحقق هذا الإنجاز في الأدوار الإقصائية بعد الأسطورة بيليه عام 1958.
صراع المهاجمين
في نصف النهائي الآخر، تواجه فرنسا الساعية إلى ثنائية تاريخية، منتخباً إنكليزياً يحلم بتكرار إنجاز العام 1966.
ورغم القوّة الهجومية لـ"الديوك" مع النجم كيليان مبابي هدّاف البطولة حتى الآن مع خمسة أهداف، باتت الأمور جديّة أكثر أمام منتخب "الأسود الثلاثة" المسلّح بروح الشباب والذي قاده مدرّبه غاريث ساوثغيت إلى نهائي كأس أوروبا الصيف الماضي عندما خسر بركلات الترجيح أمام إيطاليا.
المفارقة أن هاتين القوتين الأوروبيتين اللتين تفصلهما كيلومترات قليلة جغرافياً، لم يلتقيا إلا مرتين على المسرح الدولي، في 1966 عندما فازت إنكلترا بثنائية وكرّرت ذلك في 1982 بنتيجة 3-1.
السؤال الأهم الدائر حالياً قبيل المباراة، هو كيف سيتمكّن الإنكليز من السيطرة على مبابي القنّاص في الموقعة التي سيشهدها ملعب البيت.
فيتطلع الظهير الأيمن كايل ووكر الذي من المحتمل أن يواجه مبابي مباشرة، إلى تفادي الانطباع القائم بأن مبابي هو التهديد الفرنسي الوحيد.
يقول مدافع مانشستر سيتي "أعرف أنه لاعب كبير لكننا لا نلعب كرة المضرب. هذه ليست رياضة فردية، إنها لعبة جماعية".
وقبل مباراة نصف النهائي المحتملة ضد البرتغال أو المغرب، فإن فوز "الديوك" سيكون رسالة قوية في عالم كرة القدم، إذ أنه منذ إنجاز البرازيل في العام 1998، لم ينجح أي حامل لقب بالوصول إلى الدور نصف النهائي من النهائيات التالية بعد حصد اللقب.
أما الإقصاء، فسيبدو وكأنه نهاية دورة كرة القدم الفرنسية، مع مدرب في نهاية عقده والعديد من اللاعبين الذين يخوضون بلا شك آخر كأس عالم لهم، على غرار جيرو، هوغو لوريس، وحتى أنطوان غريزمان.
من جهتهم، سيعتمد الإنكليز على خط هجوم قويّ سجّل حتى الآن 12 هدفاً، يبرز فيه إلى جانب هاري كاين، ماركوس راشفورد، فيل فودن، جاك غريليش، بوكايو ساكا، وحتى رحيم سترلينغ العائد إلى صفوف المنتخب من زيارة مفاجئة لعائلته التي قيل انها تعرضت لعملية سطو.
الأكيد أن هذه المباراة في قطر، ستدخل تاريخ التنافس الفرنسي الإنكليزي. ذلك أن المواجهة بينهما وقعت بالفعل مرتين في نهائيات كأس العالم عندما تفوّق الإنكليز، لكن موقعة السبت ستكون سابقة في الأدوار الإقصائية.