جاء تتويج الإسباني المراهق كارلوس ألكاراز بلقب بطولة فلاشينغ ميدوز الأميركية، الأحد، في نيويورك، بمثابة فصل قياسي جديد من قصة رائعة يُتوقّع أن تنتهي بـ"ثلاثين لقباً في البطولات الكبرى" في كرة المضرب.
بفوزه على النرويجي كاسبر رود بخمس مجموعات في نيويورك، بات إبن التاسعة عشرة أصغر متوّج في بطولة كبرى منذ مواطنه رافايل نادال في رولان غاروس 2005 والأصغر يعتلي صدارة التصنيف العالمي منذ الأوسترالي ليتون هويت في 2001.
اللاعب المتواضع صاحب البنية العضلية القوية والقادم من بلدة إل بالمار في مورسيا (جنوب-شرق)، ليس غريباً على تحطيم الأرقام القياسية، خصوصاً في عام 2022.
أحرز خمسة من ألقابه الستة هذه السنة، فيما رفع تتويجه في بطولة الولايات المتحدة الأحد في نيويورك جوائزه المالية إلى نحو 10 ملايين دولار.
عندما دخل لائحة الخمسة الاوائل في تموز، كان الأصغر منذ 2005. وجّه إنذاراً شديد اللهجة لنخبة لاعبي التنس في مدريد في أيار، عندما أصبح اللاعب الوحيد الذي يهزم نادال والصربي نوفاك ديوكوفيتش في دورة ترابية واحدة، في طريقه لاحراز اللقب.
قال توني نادال، عمّ رافايل ومدرّبه لسنوات طويلة: "من النادر أن ترى قوة وسرعة مماثلة لكارلوس". وأضاف:" لا يستسلم".
تابع: "يسير على خطى رافا، لا يستسلم حتى الكرة الأخيرة ولديه تلك القوة المميزة".
كان نادال أيضاً بعمر التاسعة عشرة عندما أحرز أول ألقابه الكبرى، من بين 22 قياسية حتى الآن، في رولان غاروس عام 2005.
لكن إبن السادسة والثلاثين طالب المشجعين بعدم الضغط على مواطنه اليافع، من خلال إجراء مقارنات جريئة.
قال رافا: "نسيت كيف كنت بعمر التاسعة عشرة. الشيء الوحيد الذي يمكننا القيام به هو الاستمتاع بمسيرة لاعب رائع مثل كارلوس".
تابع: "إذا نجح بإحراز 25 لقباً كبيراً، سيكون رائعاً له ولبلدنا. لكن فلندعه يستمتع بمسيرته".
بدوره، قال ألكاراز في حزيران الماضي لصحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية: "يستمر الأمر منذ سنوات على مواقع التواصل، لكني أسعى لعدم تشتيت انتباهي. التفكير بنفسي وبتطوّري، أنا من مورسيا، وهو من مايوركا، هو أعسر، وأنا لا. عندما كنت صغيراً، لم أكن محارباً وكنت ضعيفاً بدنياً".
رغم إحجام نادال، إلا ان إجراء المقارنات لا مفرّ منه، حيث أحرز نادال أول ألقابه الـ92 في سوبوت البولندية بعمر الثامنة عشرة عام 2004. كان ألكاراز الذي بدأ ممارسة التنس بعمر الرابعة وتعلّمها في ناد يديره والده، أيضاً بعمر الثامنة عشرة عندما أحرز لقبه الأول في أوماغ الكرواتية عام 2021.
يتكتّم اللاعبان بشدة على حياتهما الخاصة، يستمتعان بدعم الجماهير العاطفية ويبنيان لعبهما على دفاع صلب وهجوم متوهّج.
قاتل نادال على مدى 5 ساعات و53 دقيقة في نهائي أستراليا 2012، عندما خسر أمام غريمه ديوكوفيتش. بعدها بأربع سنوات، أحرز أول ألقابه في ويمبلدون بعد مباراة ملحمية دامت 4 ساعات و48 دقيقة ضد السويسري روجيه فيديرر.
في 2022، خاض ألكاراز ثلاث مباريات من خمس مجموعات لبلوغ نهائي الأحد، وأنقذ كرة لحسم المباراة في ربع النهائي ضد الإيطالي يانيك سينر دامت 5 ساعات و15 دقيقة.
"فتى تنافسي"
بعد تتويجه بلقب دورة مدريد للماسترز هذه السنة، قال ألكاراز: "أعرف اني فتى تنافسي للغاية. أنافس عندما أمارس أي لعبة، غولف، بيتانك.. لا أحبّ الخسارة".
بجانبه، مواطنه خوان كارلوس فيريرو المتوّج بلقب رولان غاروس 2003 عندما تبوأ صدارة التصنيف العالمي.
قال فيريرو الذي بدأ العمل مع ألكاراز عندما كان بعمر الخامسة عشرة: "أتمنى أن يتوّج كارلوس بثلاثين لقباً في البطولات الكبرى. ستسنح له فرص كثيرة".
أحرز ألكاراز بطولات لدى الناشئين في أوروبا وإسبانيا، تحت اشراف ألبرت مولينا الوكيل في شركة "ايه أم جي" لإدارة لاعبي التنس.
أسّس مولينا لشراكة ألكاراس-فيريرو، ثم جلب الأخير موهبته لأكاديميته في فالنسيا، على بعد 120 كلم من إل بالمار.
سرعان ما جذبت موهبته الخام رعاة مرموقين على غرار نايكي ورولكس الذين سارعوا للتعاقد مع وريث نادال. توسّعت الحلقة المحيطة باللاعب، فضمّت مدرب لياقة بدنية، معالجاً فيزيائياً ودعماً من معالجين نفسيين وأطباء.
ظهرت إمكاناته عندما كان بعمر السادسة عشرة في دورة ريو على أرض ترابية عام 2020، عندما حقق وهو مصنف 406 عالمياً فوزه الأول في دورات المحترفين على مواطنه ألبرت راموس فينيولاس.
هذا وطوّر ألكاراز وفيريرو علاقة مهنية متينة وشخصية عميقة.
بعد عودة فيريرو إلى بلاده اثر وفاة والده، سارع بقطع المحيط الأطلسي مجدداً لرؤية ألكاراز يحرز أول القابه في الماسترز بدورة ميامي في آذار عبر الفوز على رود في النهائي.
قال فيريرو عندما طُلب منه أن يرسم المسار المستقبلي لتلميذه: "فلندعه يتدفق، فلندعه يلعب".