النهار

انتصار "أسود الأطلس" رسالة لكسر "الاستعمار الرياضي"!
أحمد محي الدين
المصدر: "النهار"
انتصار "أسود الأطلس" رسالة لكسر "الاستعمار الرياضي"!
لاعب منتخب المغرب سوفيان بو فال يحتفل مع والدته على أرضية الملعب بعد الفوز على البرتغال (أ ف ب).
A+   A-
الدوحة – أحمد محيي الدين
 
شقّ المنتخب المغربي الطريق أمام نظرائه العرب والأفارقة للتطور مستقبلاً، إذ أثبت علو كعب الموهبة الكروية في الشرق الأوسط والقارة السمارء، من خلال بلوغه الدور نصف النهائي لكأس العالم لكرة القدم "قطر 2022" بعدما تألق أمام منتخبات لها الباع الطويل في الاستفادة من لاعبي المهجر أو ذات مدارس كروية عريقة.

لطالما استفادت منتخبات توجت باللقب العالمي من "أبناء الجاليات" على غرار فرنسا في مونديالي 1998 و2018 وألمانيا 2014، فضلاً عن تألق نجوم كثر في منتخبات الإستعمار منها البرتغالي أوزيبيو في الستينيات، إلا أن "ملحمة أسود الأطلس" أعادت الإعتبار للعبة الشعبية عربياً وأفريقيا، وقد تفتح الباب مستقبلاً لكي يختار اللاعبون منتخبات أوطانهم الأصلية، وهذا قد يسبب الخشية العميقة لدى هذه المنتخبات.

وقال المدرب الأشهر اليوم على الساحتين العربية والافريقية والأوروبية وليد الركراكي غداة الفوز على البرتغال 1-0 في الدور ربع النهائي السبت الماضي "لماذا لا نحلم بلقب كأس العالم ولماذا لا نرفعها، ما تحقق بمثابة رسالة إيجابية للجميع ولأولادنا والأجيال المقبلة، البلدان الافريقية والعربية قادرة على الذهاب بعيداً"، وأردف "ينبغي ان نزرع في نفوس الناشئين هذه البذرة بأنهم قادرين على الوصول والمنافسة على اللقب ويجب ان نحلم باللقب ونقاتل لأجله".

وأكيد "ليس لدينا ما نخسره، انتصارنا هنا زرع الفرح لدى شعبنا في المغرب وكل العرب والأفارقة".

البلدان الكبرى في الكرة العالمية، "استعمرت" الكفاءات، عبر منح الجنسية الى "مشاريع النجوم"، مع قليل من الامتيازات من أجل الدفاع عن ألوان منتخب غير بلده الاصلي من أجل "المجد الرياضي"، فغالبية المنتخب الفرنسي من مكون من لاعبين أفارقة على سبيل المثال كيليان مبابي من أب كاميروني وام جزائرية، وكريم بنزيمة جزائري، وويليام صليبا لبناني، وماتية غندوزي مغربي، وبالتالي بنى الاتحاد الفرنسي قوة الديوك على لاعبين لا يحملون الجينات الفرنسية، وهذا الجيل شأنه شأن جيل 1998 الذي قاده الأسطورة زين الدين زيدان فغالبية اللاعبين أصولهم افريقية أو عربية، حتى المنتخب الالماني الفائز بلقب 2014 فكان يضم التركي الأاصل مسعود أوزيل والتونسي سامي خضيرة والغاني جيروم بواتينغ، وكذلك المنتخب البلجيكي والهولندي والأميركي والكندي وغيرهم، فلو اختار اللاعبون بلدانهم الاصلية لكان في السجل الذهبي لكأس العالم اسم المغرب أو الكونغو أو الكاميرون أو غيرها ترفع الكأس.

استغل "الإستعماريون" الفقر في البلدان النامية، وسيطرة الديكتاتوريات من أجل "نهب المواهب" في قطاعات ستى ولا سيما الرياضية، ولعل أشهر ما نقل عن بنزيمة "عند الفوز فرنسي ولدى الخسارة جزائري"، حيث انه لدى الإنتصارات يتم القول "انتصرت الدماء الفرنسية" أما لدى الهزيمة في المحافل الكبيرة يكون التبري "هؤلاء ليسوا منّا".

ما تحقق في "مونديال الشرق الأوسط" في قطر، جاء بمثابة رسائل بليغة الاثر، على اللاعبين العرب والأفارقة، ولا سيما الذين يفضلون اللعب لمنتخبات تطارد "الأمجاد" بغير أبناءها، بل تستغل المهاجرين لهذا الغرض، إذ سيسهل على النجوم الناشئة الانحياز لبلدانها الأصلية والثقة بإمكانية هزم "المستعمر"، وفكّ عقدة التفوق التي حرمت منتخبات عربية عدة من "أسماء رنّانة" الذين فضلوا المستعمر لعدم ثقتهم بامكانيات بلدانهم وسخروا ابداعاتهم للاخرين.

ولعل النتائج العربية في نهائيات قطر أبرز دليل، حيث استطاع المنتخب السعودي هزم نظيره الارجنتيني، والتونسي إسقاط الفرنسي، والمغربي أبدع بالتفوق على بلجيكا وكندا واسبانيا والبرتغال، ثمة أمل ان ينسحب "فكّ العقدة" على باقي القطاعات.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium