بات ليونيل ميسي على بعد خطوة من تكريس أسطورته، وذلك بقيادته الأرجنتين الى نهائي مونديال قطر 2022 بالفوز الكبير على كرواتيا 3-0، في نصف النهائي، في استاد لوسيل، الذي بات بمثابة "معقل" لأبطال 1978 و1986.
وبعدما طار حلم الانضمام الى الأسطورة دييغو مارادونا ومنح الأرجنتين اللقب عام 2014 بالخسارة في النهائي أمام ألمانيا، سيحصل ميسي عن 35 عاماً على فرصة ثانية لإحراز اللقب الكبير الوحيد الذي يغيب عن خزائنه بعدما بلغ "ألبيسيليستي" النهائي السادس في تاريخه بعد أعوام 1930 و1978 و1986 و1990 و2014.
وبمواجهة المنتخب الكرواتي الشجّاع، سيطر ميسي ورفاقه تماماً على اللقاء واستحقوا بطاقة العبور الى النهائي.
ويعود الأرجنتينيون الأحد الى "معقلهم" القطري في لوسيل حيث لعبوا الثلثاء مباراتهم الرابعة عليه، لخوض المباراة النهائية ضد فرنسا حاملة اللقب أو المغرب اللذين يلتقيان الأربعاء في نصف النهائي الثاني.
وبمؤازرة حشد كبير من الجمهور الأرجنتيني ما جعل رجال ليونيل سكالوني يشعرون كأنهم يلعبون على أرضهم في ملعب بلغ عدد الحاضرين فيه 88996 متفرجاً، حسم "المضيف" اللقاء في الشوط الأول بفضل هدفي ميسي (34 من ركلة جزاء) وخوليان ألفاريز (39) الذي قضى على أي أمل للكروات بالعودة بتسجيله الهدف الثالث أيضاً بتمريرة من قائده ميسي (69).
وعاد الطرفان بالذاكرة الى مونديال 2018 حين تواجها في دور المجموعات، ووقتها حققت كرواتيا فوزاً بثلاثية نظيفة على العملاق الأميركي الجنوبي بثلاثية نظيفة.
في حينها، تصدرت كرواتيا المجموعة بتسع نقاط كاملة واضطر ميسي ورفاقه الى الانتظار حتى الجولة الختامية لحسم تأهلهم بالفوز على نيجيريا 2-1.
وفي هذه النسخة، انتظر الأرجنتينيون أيضاً حتى الجولة الأخيرة لحسم التأهل بعد السقوط الصادم افتتاحاً أمام السعودية (1-2).
وعندما وصلت كرواتيا الى نصف النهائي عام 1998 في مشاركتها المونديالية الأولى بعد الاستقلال عن يوغوسلافيا، مرت أيضاً بالأرجنتين لكن النتيجة كانت حينها لصالح "ألبيسيليتسي" بهدف سجله إيكتور بينيدا في دور المجموعات.
لكن موقعة الثلثاء في لوسيل ارتدت أهمية أكبر بكثير بالنسبة للمنتخبين، لأن بطاقة النهائي على المحك.
ميسي يعادل رقم ماتيوس
وبخوضه مباراته الخامسة والعشرين في النهائيات، عادل ميسي الرقم القياسي المسجل باسم الألماني لوثار ماتيوس (1982 و1986 و1990 و1994 و1998).
ومن جهتها، فشلت كرواتيا في معادلة إنجاز ألمانيا عام 2014 حين باتت أول بلد يفوز على الأرجنتين والبرازيل في نسخة واحدة، وفي أن تصبح رابع دولة أوروبية فقط تصل الى النهائي مرتين توالياً بعد إيطاليا (1934 و1938) وهولندا (1974 و1978) وألمانيا (1982 و1986 و1990).
وستكون فرنسا أمام فرصة تحقيق هذا الانجاز الأربعاء في حال فوزها على المغرب.
وبدأ سكالوني اللقاء بإشراك لياندرو باريديس أساسياً، فيما بقي أنخل دي ماريا على مقاعد البدلاء.
وكان دي ماريا شارك في الدقيقة 112 من مباراة ربع النهائي ضد هولندا، وذلك بعد تعافيه من إصابة ابعدته عن لقاء أستراليا (2-1) في ثمن النهائي.
وفي ظل غياب ماركوس أكونيا وغونسالو مونتييل بسبب الإيقاف لتراكم الإنذارات، لجأ سكالوني الى نيكولاس تاليافيكو لتعويض الأول في التشكيلة الأساسية التي شهدت مشاركة لاعب الوسط باريديس على حساب المدافع ليساندرو مارتينيس مقارنة بمباراة هولندا.
وفي الجهة الكرواتية، خاض زلاتكو داليتش اللقاء بنفس التشكيلة التي أقصت البرازيل في ربع النهائي بركلات الترجيح، مع البدء بأندري كراماريتش في مركز رأس الحربة، فيما بقي بطل التعادل أمام البرازيل في الوقت الإضافي برونو بتكوفيتش على مقاعد البدلاء.
وبمشاركته أساسياً للمرة السادسة، بات قائد كرواتيا لوكا مودريتش رابع لاعب بعمر السابعة والثلاثين أو أكثر يصل الى هذا الرقم من المباريات كأساسي في نسخة واحدة بعد البرازيلي نيلتون سانتوش عام 1962، الحارسين الإيطالي دينو زوف عام 1982 والإنكليزي بيتر شيلتون عام 1990.
بداية بطيئة ثم ميسي يتفوق على باتيستوتا
لم يقدم الطرفان شيئاً يذكر في الدقائق الأولى مع عجز أي منهما عن بناء الهجمات مع أفضلية لكرواتيا الذي كانت الأكثر جرأة هجومياً لكن من دون نجاعة.
وانتظرت الأرجنتين حتى الدقيقة 25 لتسجل حضورها الفعلي هجومياً بتسديدة بعيدة من إنسو فرنانديس صدها الحارس دومينيك ليفاكوفيتش، رد عليها إيفان بيريشيتش بمحاولة ماكرة فوق الحارس إيميليانو مارتينيس لكن الكرة علت العارضة بقليل (30).
وتنفس الجمهور الأرجنتيني الكبير الصعداء حين احتسبت لخوليان ألفاريز ركلة جزاء بعد اسقاطه من قبل الحارس دومينيك ليفاكوفيتش، فانبرى لها ميسي بنجاح ليسجل هدفه الخامس في هذه النسخة والحادي عشر في مجمل مشاركاته في النهائيات (34).
وبات ميسي بذلك أفضل هداف أرجنتيني في النهائيات بفارق هدف عن غابريال باتيسوتا (10 في 12 مباراة).
ولم ينتظر الأرجنتينيون طويلاً لإضافة الهدف الثاني عبر ألفاريز الذي انطلق بهجمة مرتدة سريعة ثم استفاد من فشل مدافعين كرواتيين في قطع الكرة بالشكل المناسب وسدد في الشباك (39)، ليسجل هدفه الثالث في هذه النهائيات
وكاد أليكسيس ماك أليستر أن يوجه الضربة القاضية للكرواتيين بهدف ثالث قبيل نهاية الشوط الأول لكن ليفاكوفيتش تدخل لصد كرته الرأسية (42).
وحاول داليتش تدارك الوضع فأجرى ثلاثة تبديلات مطلع الشوط الثاني، لكن كادت الأمور أن تتعقد أكثر لولا تألق ليفاكوفيتش في صد محاولة لميسي إثر مجهود رائع وتبادل جميل للكرة (58).
وقضى ميسي على أي أمل لكرواتيا بالعودة الى اللقاء بعدما قام بمجهود فردي خارق على الجهة اليمنى وتلاعب بيوشكو غفارديول بشكل خاص، قبل أن يمرر لألفاريز، الذي سدد في الشباك (69).
وعرف بعدها رجال سكالوني كيف يديرون المباراة والسير بها الى بر الأمان، بموازاة يأس واضح عند الكرواتي الذي أخرجوا قائدهم مودريتش في الدقائق التسع الأخيرة، ليودع وسط التصفيق.