استعادت الكرة الإيطالية بريقها بعد سنوات عجاف، ثلاثة ممثلين لـ"سيري آ" في الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا، أمر لم يحدث منذ فترة طويلة جداً وتحديداً منذ مومس 2005-2006، فضلاً عن وجود أربعة مدربين إيطاليين في الدور عينه وهذا يحدث للمرة الأولى في نسخة واحدة بتاريخ البطولة. ويتواجد كارلو أنشيلوتي (ريال مدريد)، سيموني إنزاغي (إنتر)، ستيفانو بيولي (ميلان) ولوتشيانو سباليتي (نابولي).
علق مدرب نابولي لوتشانو سباليتي قائلا عقب الفوز بثلاثية نظيفة على أينتراخت فرانكفورت الألماني في إياب ثمن النهائي وبلوغ الفريق الجنوبي ربع النهائي للمرة الأولى في تاريخه: "بهذه الفرق الثلاثة المتأهلة، من المحتمل أن نضع بعض الأفكار في مكانها بالنسبة للبعض".
عودة ايطاليا
ستكون إيطاليا الأكثر تمثيلا بين الدول القارية في ربع النهائي خلال عملية سحب القرعة غدا الجمعة في مقر الاتحاد الاوروبي للعبة (ويفا) مقابل ممثلين لإنكلترا وواحد لألمانيا وإسبانيا والبرتغال.
ولم يسبق لإيطاليا التي غابت عن ربع النهائي خلال الموسمين الماضيين، أن تواجدت بمثل هذا العدد من الأندية في دور الثمانية منذ عام 2006، عندما بلغه قطبا ميلان ويوفنتوس الذي خرج هذا العام من دور المجموعات ويكمل مشواره القاري في مسابقة الدوري الأوروبي "يوروبا ليغ".
وعلى الرغم من أن هذه الأندية الثلاثة تملك عددا قليلا جدًا من النجوم الإيطاليين، فإن إنجازها يرفع المعنويات بعد الغياب عن نهائيات كأس العالم الأخيرة في قطر والتي تابعها الإيطاليون على شاشة التلفزيون للمرة الثانية على التوالي بعد الفشل في التأهل أيضا الى مونديال روسيا 2018.
ولكي يكتمل الحفل، وللتأكد من أن إيطاليا ستكون حاضرة في دور الأربعة، تحلم العديد من وسائل الإعلام بمباراة دربي ميلانو في ربع النهائي كما في عام 2005، وهو دربي ناري لم تنتهِ مباراة إيابه بسبب الالعاب النارية التي ألقتها ألتراس الـ"نيراتزوري
أسلوب فني مغاير
سيكون من المغري أن نرى في هذه النتائج الجيدة ثمار التحول الحقيقي للمدربين الإيطاليين إلى أسلوب لعب "أوروبي" أقل حذراً، على خطى أتالانتا برغامو ومدربها جان بييرو غاسبريني، آخر نادٍ إيطالي لعب ربع النهائي في المسابقة القارية العريقة في 2020، أو المنتخب الإيطالي بقيادة روبرتو مانشيني المتوج بلقب كأس أوروبا في عام 2021.
ولكن إذا كان من الضروري تسليط الضوء على نقطة مشتركة بين المتأهلين السعداء الثلاثة، فهي بالأحرى في جانب الجودة الوطنية: الدفاع. لم يستقبلوا أي هدف في ثمن النهائي، سواء في الذهاب أو الإياب.
بعد الخروج من مجموعة قوية جدا خلف بايرن ميونيخ الألماني ولكن أمام برشلونة الإسباني، لعب إنتر ميلان بـ"أسلوب إيطالي بحت" ضد بورتو البرتغالي (1-0 ذهابا، 0-0 إيابا). بمساعدة بطاقة حمراء برتغالية في الذهاب وتألق لافت لحارس مرماه الدولي الكاميروني أندريه أونانا.
وأظهر ميلان وحارس مرماه الفرنسي مايك ماينان صرامة هجومية كبيرة وصلابة دفاعية للتخلص من عقبة توتنهام الإنكليزي ومدربه الإيطالي أنتونيو كونتي، مع سيناريو مشابه: 1-0 في سان سيرو ثم 0-0 في لندن.
نابولي أيضا يدافع بشكل جيد جدا. لكن الفريق الجنوبي يثير الإعجاب قبل كل شيء بتنوع شكله الهجومي بقوة هدافه النيجيري فيكتور أوسيمهن ومراوغات لاعب وسطه الجورجي خفيشا كفاراتسخيليا.
ويحظى نابولي الذي ضمن بشكل كبير تتويجه بطلا للدوري المحلي بحكم ابتعاده 18 نقطة عن مطارده المباشر إنتر ميلان، بالعديد من الإطراءات في الخارج، أبرزها للمدرب الإسباني لنادي مانشستر سيتي الإنكليزي بيب غوارديولا. رد سباليتي عليه بابتسامة "لكنها لعبة مكشوفة كي تضغطنا تحت الضغط".
ربيع دائم؟
اعتبر النجم الايطالي السابق ومستشار "سكاي سبورت" أليساندرو دل بييرو أن نابولي يمكنه الذهاب بعيدا في المسابقة. وأضاف دل بييرو الذي رفع الكأس ذات الأذنين الطويلتين مع فريقه يوفنتوس عام 1996: "لكن بالنسبة لإنتر وميلان يجب أن يرفعا المستوى". بالنسبة لوسائل الاعلام بشكل عام، قلة تفكر في تتويج إيطالي في العاشر من حزيران في اسطنبول.
اعتادت إيطاليا التي لم تتوج بلقب المسابقة منذ فوز إنتر ميلان بقيادة المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو في 2010، على الغياب عن منصات التتويج في السنوات الأخيرة على الرغم من بلوغ يوفنتوس المباراة النهائية عامي 2015 و2017، وبالرغم من أن ميلان هو ثاني أفضل المتوجين بلقب المسابقة (سبعة ألقاب) خلف ريال مدريد الإسباني (14).
واضطرت إيطاليا التي كانت في يوم من الأيام قبلة للنجوم، إلى التخلي عن أبرز نجومها بسبب التفوق المالي للبريمرليغ وأندية ريال مدريد أو برشلونة أو بايرن ميونيخ أو باريس سان جرمان الفرنسي. لا يتواجد أي من الأندية الثلاثة نابولي وميلان وإنتر ميلان في قائمة العشرة الأوائل من أغنى الأندية التي أعدتها ديلويت ويهيمن عليها مانشستر سيتي وريال مدريد. نابولي هو الوحيد من بين الثمانية المتأهلين الى ربع النهائي الذي لا يتواجد ضمن قائمة الثلاثين الأوائل.
لكن هذا قد يفسر أيضًا هذا الانتعاش الإيطالي، حيث أجبر الأندية على إظهار الخيال من خلال تتبع لاعبين أقل بروزًا ولكن لديهم إمكانات تطويرية. نجحت الوصفة في ميلان بطل العام الماضي، ونجحت هذا الموسم في نابولي.