النهار

قبل عام كامل، قيل عن نادي برشلونة بأنه "ميت مالياً"، تصريح جاء على لسان نائب الرئيس في حينها، خسر الفريق الكاتالوني أيقونته وأسطورته الحية الأرجنتيني ليونيل ميسي الذي انتقل لى باريس سان جيرمان برغم انه وافق على تقليص رواتبه، إلا أن العجز المالي للفريق وتراكم ديونه الى أكثر من 1,3 مليار يورو، اضطرته الى التخلي عن صانع أمجاده في العصر الحديث، ليخرج البلاوغرانا في نهاية الموسم المنصر بسجل خالٍ من الالقاب.

وبالرغ من الموسم "الصفري" إلا أن ثمة ايجابية كانت تلمح في الافق، ومشروع يعيد ترتيب التشكيلة، إذ دمغ النادي سوق الانتقالات الحالية بطابعه، بعد سلسلة صفقات قوية، إذ نجح في استقدام العديد من اللاعبين ويطمع في المزيد، في مشهد مناقض لتعقيدات الأزمة المالية التي عرفها "بلاوغرانا" في العامين الأخيرين.

المشروع الجديد الذي يقود رئيس النادي جوان لابورتا إدارياً، والمدير الفني تشافي هرنانديز فنياً، يشي بأن الفريق قادم على موسم قوي يعيده الى المنافسة جدياً على الالقاب ولا سيما محلياً ضد غريمه الازلي ريال مدريد.

عرف المدير الرياضي ماتيو أليماني احتياجات الفريق، وتصرف بذكاء في "الميركاتو" الذي انطلق بالتعاقد مع الدنماركي أندرياس كريستنسن من تشلسي الانكليزي والعاجي فرانك كيسييه من ميلان الإيطالي كلاهما بإنتقال حر، ودفع 67 مليون يورو نظير جلب الجناح البرازيلي رافينيا من ليدز يونايتد الانكليزي، أما الأمر الاهم فهو إقناع أفضل لاعب في العالم في الموسمين الماضيين البولندي روبرت ليفاندوفسكي بالحضور الى "كامب نو" من بايرن ميونيخ الالماني مقابل نحو خمسين مليون يورو فقط.

وأعرب "المدفعجي" عن مدى حماسته لمواصلة مسيرته في صفوف فريقه الجديد، مشيرا الى أنه "يريد مساعدته للعودة الى القمة". وجاء كلام ليفاندوفسكي في تصريحات نقلتها قناة برشلونة الرسمية بعد انضمامه الى زملائه الذين يعسكرون في ميامي الأميركية وقال "أخيرا وصلت الى هنا. أنا سعيد بالتواجد في برشلونة". وأضاف "كانت الأيام الاخيرة طويلة، لكن في النهاية توصلنا الى اتفاق. أنا مستعد لرفع هذا التحدي".

وأوضح "لطالما كان حلمي اللعب في لا ليغا وفي الفرق الكبيرة وبالتالي فإن برشلونة يمثل فرصة جميلة بالنسبة إلي. أنا هنا من أجل مساعدة برشلونة على استعادة القمة واحراز أكبر عدد من الألقاب الممكنة". وتوج برشلونة بطلا للدوري الإسباني للمرة الأخيرة عام 2019، وبدوري أبطال أوروبا عام 2015 للمرة الأخيرة أيضا.

 

 

الى هذه التعاقدات مدد الفريق عقد الفرنسي عثمان ديمبيلي، وثمة اسماء أخرى تدور في فلك كتيبة تشافي، يأتي في مقدمها البرتغالي برناردو سيلفا لاعب مانشستر سيتي والمدافع الفرنسي لإشبيلية جول كوندي.

وأثارت صفقات النادي إستغرباً عارماً، وتساؤلات حول كيفية استطاعة الفريق إبرام الصفقات برغم سقف الرواتب المحدد بمبلغ 144 مليون يورو؟

وبحسب تحليلات صحافية، فإن برشلونة لا يمكنه تسجيل اللاعبين الجدد لأن النادي لا يفي بمعايير اللعب المالي في الدوري الإسباني؛ وذلك لأن العجز في الميزانية يمنع اللاعبين الجدد من الانضمام رسميا إلى الفريق.

ولتجاوز هذه الوضعية المالية، يحتاج برشلونة إلى خفض التكاليف وكسب المال وبسرعة، ويكون ذلك بشكل خاص عن طريق بيع اللاعبين مقابل الكثير من المال أو السماح لأصحاب الأجور الكبيرة بالمغادرة. ويعد الهولنديين فرنكي دي يونغ وممفيس ديباي مرشحين للمغادرة، ولا سيما لاعب الوسط المطلوب بشدة من نادي مانشستر يونايتتد الانكليوي في صفقة قد تناهز نحو 75 مليون يورو.

ويستطيع النادي زيادة مداخيله عبر صفقات الرعاية وزيادة إيرادات التسويق يوم المباراة، ويطلق عليها "الروافع الاقتصادية"؛ إذ كانت هناك صفقة لبيع ما يصل إلى 25% من حقوق البث التلفزيوني لمدة تصل إلى 25 عامًا، وكذلك بيع ما يصل إلى 49.9% من شركة "بي إل إم" المسؤولة عن إدارة التسويق للنادي. ويأمل برشلونة الآن أن يتمكن من بيع 15% أخرى مقابل نحو 400 مليون يورو، وتحقيق هذا الهدف ليس بالأمر السهل، ولكن إذا فعلوا ذلك فسيجني ما مجموعه 600 مليون يورو من الإيرادات، وذلك يعني أنه يمكنه التوقيع وتسجيل اللاعبين، وفق قاعدة 1:1 التي تعني كلما ضمنت إيراد 1 يورو، يمكنك إنفاق 1 يورو في التوقيع مع اللاعبين.

ويأتي النادي الكاتالوني في الترتيب الثالث لأكثر الأندية إنفاقاً في أوروبا بقيمة 105 ملايين يورو، بعد مانشستر سيتي وليدز، في المقابل فإن تخلي النادي عن بعض اللاعبين مرده تقليل الرواتب، فضلاً عن نشاطات استثمارية ومالية لرفع حجم المداخيل وإنعاش الخزينة.

وتعتبر التشكيلة الجديدة للفريق قوية، ولا سيما في الناحية الهجومية، فإلى جانب رافينيا وليفاندوفسكي وديمبيلي يضم النادي الغابوني بيار إيمريك أوباميانغ والشاب أنسو فاتي والدنماركي مارتن برايثوايت ، ما يعني ان المدرب يمتلك خيارات متنوعة، بالإضافة الى الأجنحة فيران توريس والثنائي المغربي عبد الصمد الزلزولي وإلياس أخوماش. وفي الوسط من المرجّح أن يعول تشافي على غافي وسيرجيو بوسكيتس وبيدري. وفي الدفاع سيكون كريستنسن حجر أساس، الى جانب الأوروغوياني رونالد أراوخو والظهيرين جوردي ألبا والأمريكي سيرجينو ديست، وخلفهم الحارس المخضرم الألماني مارك اندريه تيرشتيغن.

ويخوض برشلونة خلال جولته الأميركية أربع مباريات استعدادا للموسم الجديد ضد إنتر ميامي الأربعاء في ميامي، وضد ريال مدريد الأحد في لاس فيغاس ومع يوفنتوس الإيطالي في 27 من الحالي في دالاس ومع نيويورك ريد بولز في 31 منه في نيويورك.