ممرّر رائع، هدّاف المناسبات الكبيرة وأفضل مساعد لليونيل ميسي في المنتخب الأرجنتيني لكرة القدم، رافق أنخل دي ماريا في مونديال قطر 2022 صاحب الرقم 10 في مشوار الفوز باللقب العالمي الثالث للألبيسيليستي وترك بصمة دامغة في نهائي الأحد ضد فرنسا المتوجة بها بلاده بسيناريو دراماتيكي بركلات الترجيح.
قال دي ماريا في مقابلة مع صحيفة "ليكيب" الرياضية الفرنسية في عام 2020: "لطالما قلت ذلك: أُفضِّل تقديم تمريرة حاسمة بدلاً من تسجيل هدف. هذا ما يسعدني".
لكن إبن مدينة روزاريو الذي لم تكن مشاركته متوقعة في التشكيلة الأساسية، قام بأفضل من ذلك بكثير على استاد لوسيل، حصد ركلة جزاء ترجمها ميسي في الدقيقة 23، ثم أضاف الهدف الثاني بتسديدة أرضية في الدقيقة 36.
وبعد خروجه في الدقيقة 64، كادت الدنيا تنقلب على فريقه، اذ عادلت فرنسا 2-2، ثم 3-3 في الوقت الاضافي، قبل ان تنقذهم ركلات الترجيح 4-2 على وقع بكائه على مقاعد البدلاء.
في عام 2008، كان صاحب الهدف الوحيد في المباراة النهائية لأولمبياد بكين ضد نيجيريا، وبعد 15 عامًا تقريبًا، في عام 2021، سجّل مرة أخرى بتسديدة ساقطة بقدمه اليسرى ضد البرازيل في المباراة النهائية لكوبا أميركا ومنح بلاده اللقب الأول في المسابقة منذ عام 1993.
سواء التمريرات الحاسمة أو الأهداف، بالنسبة للمنتخب الأرجنتيني، قدّم دي ماريا (34 عامًا) كل شيء لبلاده. قال "بالنسبة لي، ذلك فريد من نوعه، إنها القمة. ما أفعله في النادي يكون من أجل أن أكون بين اللاعبين الأساسيين الـ11 في المنتخب"، مضيفاً "عندما أدخل إلى أرضية الملعب، أشعر بالقشعريرة. اللعب بهذا القميص هو اللعب من أجل 47 مليون أرجنتيني".
"الولادة في بيردريال"
في مسيرته الكروية مع الأندية، جال دي ماريا في جميع أنحاء القارة العجوز بقدمه اليسرى الساحرة، أذنيه البارزتين، واحتفاله الشهير برسم قلب بأصابع يديه خلال تسجيله للأهداف.
دافع عن ألوان الأندية الكبيرة فقط. وصل في عام 2007 إلى بنفيكا البرتغالي، ثم انتقل إلى ريال مدريد الإسباني ومانشستر يونايتد الإنكليزي وباريس سان جيرمان الفرنسي وحاليا مع جوفنتوس الإيطالي.
قبل أوروبا، تعلم كرة القدم في بلاده، في روزاريو، مدينة مسقط رأسه والتي هي أيضًا مدينة ميسي. طفولته، في شارع بيردريال، أثرت عليه كثيرًا لدرجة أنه رسمها بالوشم على ساعده: "الولادة في بيردريال هي وستظل أفضل ما حدث لي في حياتي".
في شوارع هذا الحي الشعبي في روزاريو، ساعد الملاك الصغير الذي يتمتع بلياقة بدنية نحيفة أكسبته بالفعل لقب "فيديو" (الشعيرية)، والده ميغل في توصيل الفحم قبل أن يجد نفسه حول كرة قدم برفقة أصدقائه الذين ما زالوا كذلك حتى اليوم.
كان متميزاً كثيراً عن رفاقه، فرصده نادي روزاريو سنترال، أحد أقوى ناديين في المدينة مع نيويلز أولد بويز، وكانت والدته ترافقه يومياً إلى الحصص التدريبية.
"على دراجة هوائية مع أمي"
قال اللاعب في تصريح لـ"بلايرز تريبيون": "تخيّل أن: امرأة تقود دراجة هوائية في جميع أنحاء روزاريو، مع طفل في الخلف وفتاة صغيرة في المقدمة، بالإضافة إلى حقيبة رياضية بها حذاء رياضي وأكل".
وأضاف: "كانت تقودنا في مرتفع، منحدر، تحت المطر، في البرد وفي الليل. لا يهم، كانت أمي تجوب شوارع المدينة".
نقلته موهبته حتى الفريق الأول لروزاريو سنترال، ثم إلى أوروبا والمنتخب حيث لعب 124 مباراة وسجل 27 هدفًا. ومع ذلك، تعرض دي ماريا في بعض الأحيان لانتقادات، كما حدث خلال كأس العالم 2010، عندما دافع عنه مدربه وقتها الأسطورة دييغو أرماندو مارادونا، قائلاً: "أنتم لا تعرفون ما هو! فنياته ومهاراته مذهلة".
"فيديو، فيديو"، صدحت آلاف الجماهير في ملعب لوسيل في نهائي مونديال قطر عندما استُبدل في منتصف الشوط الثاني.
سمحت له فنياته ومهاراته بتسجيل الهدفين الشهيرين في مرمى نيجيريا والبرازيل، لكنها لم تساهم بمنح لقب عالمي للأرجنتين التي اكتفت ببلوغ المباراة النهائية فقط في عام 2014. ولكن مع دي ماريا وميسي في قمة مستواهما، قلبت ألبيسيليستي الطاولة على الجميع في قطر.
قال دي ماريا قبل المونديال في تصريح لصحيفة "توتوسبورت" الإيطالية: "ليو هو الأفضل في العالم، خارق. اللعب معه هو أفضل شيء حدث لي في مسيرتي. مشاركة الملعب معه مثل حلم أصبح حقيقة". طفلا مدينة روزاريو نجحا بغزو العالم.