"الجرح سينزف طويلاً"، بهذه العبارة لخّص مدرب منتخب إيطاليا روبرتو مانشيني اثر خسارة فريقه أمام مقدونيا الشمالية 0-1 في الملحق الأوروبي وبالتالي غيابه عن مونديال قطر 2022، وذلك للمرّة الثانية توالياً بعد فشله في التأهل إلى النسخة السابقة في روسيا عام 2018.
وتستعد إيطاليا بأكملها والملايين من عشاق الـ"كالتشو" الى متابعة أفضل المنتخبات بحسرة أمام الشاشة الصغيرة، وما يزيد من عذابهم بأن الدوري الإيطالي متوقف أيضاً في الفترة ذاتها.
لم يكن أحد يشك في قدرة إيطاليا على تعويض خيبة الغياب عن مونديال روسيا للمرة الأولى منذ 60 عاماً، لا سيما بعد أن نجح مانشيني في بناء منتخب قوي قاده خلافاً للتوقعات إلى إحراز كأس أوروبا العام الماضي، بالفوز على إنكلترا في عقر دارها ملعب ويمبلي بركلات الترجيح. لكن هذا ما حصل وسيغيب الـ"أتزوري"، بطل العالم أربع مرات أعوام 1934 و1938 و1982 و2006، عن مونديال قطر.
في 20 تشرين الثاني وبعد ساعات من انطلاق المباراة الافتتاحية لمونديال 2022 بين قطر والاكوادور، تخوض إيطاليا مباراة ودية ضد النمسا، تليها أخرى ضد البانيا بعدها بأربعة أيام.
ووصف نجم كرة القدم الإيطالية السابق روبرتو باجو غياب إيطاليا عن مونديال قطر بأنه "وصمة عار"، مؤكداً عدم تفهمه لماذا لم يحصل منتخب بلاده على "مقعد مضمون" كونه بطلاً لأوروبا.
ويستعد أنصار الكرة الإيطالية إلى عيش فترة غريبة في نهاية العام الحالي، حيث سيتوقف الدوري المحلي من منتصف تشرين الثاني حتى الأوّل من كانون الثاني المقبل، من أجل تسريح اللاعبين الدوليين الذي يخوضون غمار المونديال.
ويقول جانلوكا ميلوني (34 عاماً) وهو أحد أنصار ميلان في أحد جوانب ملعب سان سيرو: "نسينا الخيبة بعض الشيء بفضل ميلان (توج بطلا لإيطاليا في أيار الماضي)".
وأضاف: "من الصعب جداً عدم التواجد للمرة الثانية، لأنها لحظة تجمع الأمة على الرغم من كل شيء".
أما لويجي غاروسو (67 عاماً) القادم من بريشا ومشجع إنتر القادم مع حفيده البالغ ثمانية أعوام إلى الملعب والذي لم يشاهد إيطاليا في كأس العالم بعد فقال: "سنتابع المباريات رغم الحزن. لا ادري اي منتخب سأشجع، ربما الأرجنتين". وأردف: "نحن نعشق "ناتسيونالي".
ولم تلاحظ شركة "ستايج اب" للبحوث في مختلف الأحداث الرياضية والدولية، اي تراجع لشعبية "ناتسيونالي".
وأوضح رئيسها جوفاني بالاتسي لوكالة "فرانس برس: "أظهر استطلاع في حزيران 2022 إلى أن نسبة 28.3 مليون شخص مهتم بالمنتخب الوطني لكرة القدم، وهو رقم يتماشى مع شهر تشرين الأول 2021"، علماً بأن الاستطلاع اجري على 1800 شخص تتراوح أعمارهم بين بين 14 و64 عاماً.
الفوز عام 2026
إذا كنا بعيدين عن الذروة المسجلة في عام 2006 بعد اللقب العالمي الأخير (34 مليوناً)، فإن هذا الرقم يثبت أن "ناتسيونالي" وكرة القدم بشكل عام لا يزالان يتمتعان بنواة قوية من المشجعين، وفقاً لهذا الخبير.
ويضيف بالاتسي: "هذه القاعدة الشعبية تحمي الاتحاد الإيطالي من صدمة اقتصادية كبيرة للغاية، حتى لو كان هناك ربما نقص مرتبط بالمكافآت وعقود الرعاية المحتملة في اللحظة الأخيرة والتي يمكن أن تستفيد منها في حالة تحقيق نتائج جيدة في كأس العالم".
ومع ذلك، يمكن لبعض الرياضات الأقل شهرة الاستفادة منها لا سيما من ناحية التغطية الاعلامية مثل الكرة الطائرة أو الرغبي.
ستعزي كرة القدم الإيطالية من خلال ممثليها القلائل المتوقعين في قطر: عدد قليل من الحكام والجنود المشاركين في أمن الحدث وشركة السلع الرياضية "كابا" التي تزود المنتخب التونسي بلباسهم الرسمي.
ستتذكر أيضاً، في يوم المباراة النهائية في 18 كانون الأول، أن الكأس الذهبية الممنوحة للفائزين ولدت عام 1971 في إيطاليا وأنشأتها شركة برتوني.
وتقول فالنتينا لوزا مديرة الشركة في ميلانو التي تعنى أيضاً بصناعة الميداليات للفائزين: "إنها جزء من إيطاليا وتضمن تواجدها دائما في نهائيات كأس العالم، وحتى على منصة التتويج، في أعلى درجة".
لن تمرّ خيبة الأمل إلا "بالفوز بكأس العالم المقبلة" في عام 2026، كما أكد مانشيني بالفعل ملخصاً الحالة الذهنية لبلد كامل يسعى إلى الثأر.