فعلها منتخب لبنان بكرة السلة للرجال. فعلها لبنان وهزم الصين. أطاح رجال الأرز بالتنين الصيني في الدور ربع النهائي من بطولة كأس آسيا لكرة السلة التي تستضيفها إندونيسيا حتى الأحد المقبل بفارق 3 نقاط، وبنتيجة 72-69 (الأشواط 17-13، 39-30، 57-45، 72-69)، وبلغ الدور نصف النهائي حيث من المقرّر أن يواجه المنتخب الأردنيّ بعد غد السبت.
أكثر من هدف
حقّق منتخب لبنان بهذا الإنجاز أكثر من هدف، وبات من الكبار الأربعة في القارتين الآسيوية - الأوقيانية، ممّا سيدفعه قدماً على لائحة التصنيف الدولي والقاري (لبنان في المركز الـ54 عالمياً، والمركز الـ9 آسيوياً). لقد نجح في تدوين أول فوز على المارد الصيني (المصنّف في المركز الـ29 عالمياً، وفي المركز الـ4 آسيوياً) في سجلات بطولة كأس آسيا (سبق أن فاز لبنان على الصين في التصفيات السابقة المؤهِّلة لبطولة كأس العالم في العام 2018)، وثأر لخسارتيه السابقتين في نهائي البطولة في العام 2001 في الصين، وفي العام 2005 في قطر، كما أبقى سجلّه خالياً من أيّ خسارة في البطولة، محقّقاً فوزه الرابع توالياً بعد انتصاراته على الفيليبين، نيوزيلندا والهند.
حسابات خاطئة
صحيح أنّ نتيجة المباراة خالفت كل التوقعات، خصوصاً أنّ الحسابات "على الورق" كانت تصبّ لصالح الصينيين، خصوصاً بعدما استعادوا 4 من لاعبيهم النجوم من الصف الأول إثر تعافيهم من كوفيد -19، وهزموا المنتخب الإندونيسي بفارق 50 نقطة في مباراة العبور إلى الدور ربع النهائي، لكن المنتخب اللبناني - في المقابل - أثبت أنّه منتخب قويّ الشكيمة، عنيد، شرس، متماسك وقادر على إسقاط أيّ منتخب مهما علا شأنه.
هويّة دفاعيّة
نجح المدير الفنّي المدرّب الوطنيّ جاد الحاج في إضفاء هويّة جديدة على المنتخب، بدأت معالمها ترتسم تدريجاً منذ تولّيه المسؤوليّة الفنيّة. وبالرغم من الظلم الذي نزل به، لم يتراجع، بل ثابر، ونجح في تغيير صورة المنتخب، إن من حيث التجانس والتعاون بين اللاعبين من جهة، وإن من حيث العلاقة بين اللاعبين والجهاز الفنّي من جهة ثانية.
وانعكس هذا التطور على الملعب تركيزاً عالياً، وتفانياً في الأداء، وتجانساً وتفاهماً في اللعب الجماعيّ.
عرقجي نجم فوق العادة
حمل المنتخب، صال وجال كما يحلو له، وتلاعب باللاعبين الصينيين الذين فشلوا في "فك شيفرته". أثبت علو كعبه ودكّ "سور الصين العظيم" بوابل من الرميات من كافة الأعيرة البعيدة، المتوسطة والقصيرة، وكان صاحب الحلّ في الكثير من الأوقات الحرجة وبرهن أنّه أحد أبرز اللاعبين في البطولة.
المجريات الفنية
فاجأ اللبنانيون خصمهم منذ الدقائق الأولى من اللقاء ببداية صاروخية، وبمدّ جارف، وتقدّموا (10-2) ثمّ (15-10) وسط ذهول الصينيين ومدرّبهم، لينتهي الربع الأول لبنانياً بفارق 4 نقاط، وبنتيجة 17-13.
وفي الربع الثاني، واصل لبنان سيطرته، ووسّع الفارق إلى (25-18) و(39-29) نتيجة أداء كبير وتركيز عالٍ، ولينتهي الربع الثاني بفارق 9 نقاط، وبنتيجة 39-30.
وفي الربع الثالث، صال اللبنانيون وجالوا دفاعاً وهجوماً وسط ضياع وإرباك صينيّ، ووصل الفارق إلى 16 نقطة (49-33)، ولينتهي الربع الثالث بفارق 12 نقطة، وبنتيجة 57-45.
وفي الربع الرابع الأخير، اعتمد المنتخب الصيني دفاع المنطقة، ممّا أربك القدرة الهجومية للمنتخب اللبناني الذي بدا في بعض الفترات متسرّعاً، فاستطاع الصينيّون تقليص الفارق إلى أربع نقاط (55-59). وبلغت الإثارة أوجها مع تعادل الأرقام (61-61)، قبل أن يتقدّم الصينيّون لأوّل مرّة في المباراة (64-63). لكن هايك كوكجيان كان له رأس آخر، فردّ بسلة ثلاثيّة صاعقة، سدّدها من وضعيّة صعبة منحت التقدّم مجدّداً للبنان (66-64). بعد ذلك، تعادلت الأرقام مجدّداً (66-66)، قبل أن يأخذ عرقجي المباراة على عاتقه ويخترق ويسدّد ويقود لبنان إلى التقدم مجدّداً بفارق 5 نقاط، وبنتيجة (71-66) لتردّ الصين بثلاثيّة (71-69). لكن جوناثان ارليدج حرم الصين من تسديدة ثلاثية في الثواني القاتلة من المباراة "ببلوك شوت" تاريخيّ على أحد اللاعبين الصينيّين الذين كان في وضعيّة مريحة للتسديد، لتنتهي المباراة بفوز تاريخي للبنان على الصين بفارق 3 نقاط، وبنتيجة 72- 69؛ وليحجز لبنان مكاناً في الدور نصف النهائي من بطولة كأس آسيا في نسخة العام 2022، وعينه على التأهّل إلى النهائيّ للمرّة الرابعة بعد أعوام 2001، 2005 و2007.
المباراة بالأرقام
مثّل لبنان: وائل عرقجي (32 نقطة، 2 ريياوند وتمريرة حاسمة)، جوناثان ارليدج (16 نقطة، 11 ريباوند وتمريرة حاسمة)، سيرجيو درويش (10 نقاط، و6 ريباوند و3 تمريرات حاسمة)، إيلي شمعون (6 نقاط وريياوند)، هايك كيوكجيان (5 نقاط، 6 ريباوند و3 تمريرات حاسمة)، كريم عز الدين (3 نقاط، 4 ريياوند، بالإضافة إلى تمريرتين حاسمتين).
وبلغت نسبة لبنان في التسديد من خطّ الرميات الثلاثيّة 32 في المئة، مقابل 37 في المئة للصين. و83 في المئة من خط الرميات الحرّة، مقابل 61 في المئة للصين. وخسر لبنان الكرة 8 مرات مقابل 22 مرة للمنتخب الصينيّ.
تهانٍ رئاسية
اعتبر رئيس الجمهورية ميشال عون أنّ "فوز منتخب لبنان على منتخب الصين يعزّز الأمل بأن ينتزع لبنان النصر الأكبر، أيّ بطولة آسيا في كرة السلة قريباً". وأضاف: "مرة أخرى يثبت الشباب اللبناني أنه مميّز، وقدراته على تجاوز الصعاب كبيرة. مبروك".
بدوره، هنأ رئيس مجلس النواب نبيه بري، في بيان، المنتخب، وقال: "شكراً لمنتخب الأرز مجدداً، فمن خلال الرياضة يوضع لبنان، حيث يجب أن يكون، في الموقع والدور والرسالة دائماً له جدارة الفوز والانتصار... حبّذا لو نقارب التحديات والاستحقاقات الداخلية الداهمة بنفس العزيمة والمسؤولية الوطنية والروح الرياضية؛ بذلك ننقذ لبنان، ونستحقه وطناً بين الكبار".
كذلك هنّأ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي المنتخب اللبناني وقال: "هذا الفوز هو إنجاز كبير غير مسبوق في تاريخ الرياضة اللبنانية، لأن المنتخب الصيني معروف عالمياً أنه الرقم الأول في القارة الآسيوية، كما أن هذا الفوز يُعطينا أملاً بعزم الشباب اللبناني وإرادته التي تحقق النجاح".
وأضاف: "كلّنا أمل في أن الشباب اللبناني والشابات اللبنانيات سينهضون بالوطن. واليوم، هو تأكيد جديد أن رأسنا مرفوع وسيبقى مرفوعاً، وأن الروح الرياضية هي سمتنا والنجاح حليفنا"، مؤكداً أنّه "كلّنا أمل في أن هذا النجاح سيتكلل بالفوز باللقب الآسيوي، وبتنا على خطوات قليلة منه، خصوصاً أنّه قبل أيام فاز الفريق اللبناني على فريق نيوزيلندا، الذي يعتبر أيضاً من أبرز المنتخبات في العالم بكرة السلة". وإذ هنأ الفريق اللبناني، قال: "نحن في انتظار عودته لتهنئته مباشرة".
وغرّد الرئيس سعد الحريري عبر حسابه في "تويتر" قائلاً: "أمل جديد صنعه منتخب لبنان بكرة السلة بفوزه عن جدارة على منتخب الصين. مبروك يا أبطال. بانتظار الكأس".
وأهدى رئيس الاتحاد اللبناني لكرة السلة أكرم الحلبي "النصر إلى جميع اللبنانيين". وقال: "بهمّة هؤلاء الشباب وجهازهم التدريبي والاتحاد والعاملين فيه، لبنان يحقق الانتصارات بالإمكانات الذاتية وعبر الشركة الراعية. هذا هو وجه لبنان الحقيقيّ. مبروك لكلّ شخص قاتل للفوز في المباراة على الصين وفي المباريات السابقة. عندما أشاهد هذه الانتصارات أفتخر بأنّني لبنانيّ. نتمنّى التوفيق لمنتخبنا الوطني في مباراته نصف النهائية أمام منتخب الأردن".