هل سيؤدّون النشيد الوطني أم لا؟ هل سيحتفلون في حال سجلوا؟ هذا النوع من الأسئلة سيكون محور الاهتمام قبل انطلاق مباراة إيران، الاثنين، في استاد خليفة الدولي مع إنكلترا، الطامحة إلى مجد طال انتظاره، وذلك في افتتاح منافسات المجموعة الثانية من مونديال قطر 2022 لكرة القدم.
بين منتخب يحلم منذ عقود بمعانقة المجد مجدداً واستعادة الفرحة التي عاشها على أرضه عام 1966، حين توج بلقبه الكبير الأول والوحيد، وآخر غارق في مستنقع الأسئلة حول موقفه من الاحتجاجات الحاصلة في البلاد منذ أكثر من شهرين على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني، يبدأ المنتخبان الإنكليزي والإيراني رحلتهما في المونديال القطري في أول مواجهة على الإطلاق بين الطرفين.
في مجموعة تضم الولايات المتحدة وويلز اللتين تتواجهان، في استاد أحمد بن علي في اليوم ذاته، تبدو إنكلترا مرشحة قوية لحسم تأهلها عن المجموعة.
لكن مشوار "الأسود الثلاثة" الذين بلغوا المباراة النهائية لكأس أوروبا صيف 2021 قبل الخسارة على أرضهم أمام إيطاليا بركلات الترجيح، قد لا يكون سهلاً أمام جارتهم ويلز، فيما تحمل مواجهة الجولة الأخيرة بين الولايات المتحدة وإيران نكهة سياسية.
على الورق، تهدف إنكلترا، المصنف خامسة عالمياً ورابعة مونديال 2018، إلى المركز الاول في المجموعة.
لكن بعد دوري أمم كارثي، تبدو تشكيلة المدرب غاريث ساوثغيت أقل اقناعاً، فضلاً عن اصابات هدّدت الاستقرار الدفاعي.
هجومياً، احتفظ الانكليز بقوتهم الضاربة بقيادة هداف النسخة الماضية هاري كاين (6)، والبعيد هدفين عن الرقم القياسي الإنكليزي لواين روني (53).
في الصراع المنطقي على البطاقة الثانية المؤهلة لدور الـ16، تتنافس الولايات المتحدة (مصنفة 16)، مع ويلز (19) وإيران (20).
وتتركّز الأنظار على منتخب إيران، في ظل احتجاجات مستمرة في البلاد منذ منتصف أيلول (سبتمبر) على خلفية وفاة الشابة أميني، بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران لعدم التزامها قواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية. نتيجة لذلك، علت أصوات مطالبة الاتحاد الدولي (فيفا) باستبعاد إيران من البطولة.
وفي أول مؤتمر صحافي بعد الوصول الى قطر، أفاد كيروش الثلثاء أن لاعبيه "لهم الحق في التعبير" عن آرائهم خلال المونديال لأن "الأمر تماماً كما هي الحال في إنكلترا. أنت تتبع روح اللعبة وقوانين فيفا طالما أنك تعبر عن نفسك في كرة القدم، وفقًا لهذه المبادئ والقيم. لكل شخص الحق في التعبير عن نفسه".
"نود إعلامهم أننا إلى جانبهم"
وقضى العشرات، بينهم عناصر من قوات الأمن، على هامش الاحتجاجات التي تخللها رفع شعارات مناهضة للسلطات واعتبر مسؤولون جزءا كبيرا منها "أعمال شغب". ووجّه القضاء تهما لأكثر من 2000 موقوف على خلفية التحركات.
وأعرب العديد من لاعبي المنتخب الإيراني على وسائل التواصل الاجتماعي عن دعمهم للاحتجاجات، وارتدوا أربطة معصم سوداء خلال المباريات أو رفضوا غناء النشيد الوطني.
وكان في طليعة هؤلاء النجوم سردار آزمون الذي عبّر عبر رسائل عدّة في مواقع التواصل عن دعمه للحركة الاحتجاجية واستنكر القمع في بلاده.
وفي مؤتمر صحافي السبت، قال الحارس البديل حسين حسيني: "أود أن أعبر عن تعازيّ للأسر التي فقدت أحباءها في الأحداث الأخيرة وأود إعلامهم أننا إلى جانبهم"، فيما أعرب المهاجم وحيد أميري، الذي يلعب في الدوري الإيراني على غرار حسيني، عن "تضامنه مع الأسر التي فقدت أحباءها".
على الصعيد التنافسي، فإن تشكيلة العائد إلى تدريب المنتخب كيروش، قد تواجه أزمة حقيقية في خط الهجوم، بحال عدم تعافي نجمها آزمون من إصابة بربلة ساقه.
وسيكون من الصعب على الإيرانيين في أفضل أيامهم أن يقارعوا الإنكليز في ظل وجود كاين والمتألق بوكايو ساكا وفيل فودن في خط المقدمة، لكن "الأسود الثلاثة" يصلون الى قطر على خلفية ست مباريات متتالية من دون فوز في سلسلة هي الأسوأ لهم منذ 1993.
وفي ظل المباراتين الصعبتين ضد الولايات المتحدة وويلز، يدرك ساوثغيت أنه لا مكان للتعثر أمام إيران وإلا ستزداد النقمة عليه.
لكن مدافع توتنهام إريك داير هب للدفاع عن مدربه، قائلاً: "أعتقد أن ما يشاع (عن الخطر الذي يحدق بساوثغيت) كلام فارغ. تصورات الناس تتغير بسرعة"، مضيفاً "علينا أن نتذكر ما كانت تفعله إنكلترا في السابق. لقد قاد إنكلترا الى نصف نهائي كأس العالم ونهائي كأس أوروبا. نحن نتحدث عن هوامش صغيرة غيرت تلك النتيجتين (في المونديال وكأس أوروبا)".
ورأى: "إن تعرضه للانتقاد يعد جنوناً بعد سلسلة قصيرة من النتائج (السيئة)، لاسيما إذا أخذنا في عين الاعتبار المستوى الذي قدمته إنكلترا".
عودة بعد غياب طويل
وبعد غيابها عن النهائيات طيلة 64 عاماً، تسجل ويلز عودتها إلى كأس العالم لأول مرة منذ 1958 بمواجهة الولايات المتحدة التي تعود بدورها إلى البطولة بعدما غابت عن نسخة 2018.
ومنذ خسارتها أمام البرازيل في ربع نهائي نسخة 1958 في مشاركتها الوحيدة بهدف وحيد للأسطورة بيليه، غابت ويلز عن النهائيات رغم مرور نجوم مثل إيان راش، راين غيغز، مارك هيوز وغاري سبيد.
لكن غاريث بايل، الذي يسعى للتعافي من الاصابة وآرون رامسي حققا ما فشل به النجوم السابقين، أولاً بقيادة ويلز لنصف نهائي كأس أوروبا 2016 ثم الى نهائيات المونديال لأول مرة منذ 64 عاماً.
وكي يعزز رجال المدرب روب بايج حظوظهم بتتويج هذا التأهل ببطاقة ثمن النهائي، يتوجب عليهم الخروج بنتيجة إيجابية أمام الأميركيين لكن المباراة لن تكون سهلة ضد فريق يعج بالمحترفين في أوروبا، على غرار سيرجينيو ديست (ميلان الإيطالي)، وستون ماكيني (جوفنتوس الإيطالي)، جيوفاني رينا (بوروسيا دورتموند الألماني) وكريستيان بوليسيك (تشيلسي الإنكليزي).