إبهار ما بعده إبهار، لا يمكن معه وصف حفل افتتاح كأس العالم لكرة القدم بنسخته الثانية والعشرين. تركة "فنية" كبيرة تركتها الإمارة العنابية للنسخ المقبلة من "درّة البطولات الرياضية". بعد عرض لا تكفيه عبارات الإشادة والثناء، اذ تحول ملعب البيت في منطقة الخور الى "صندوق فرجة" أذهل العالم بروعته، حيث وضع المنظمون القطريون الدول المضيفة للنسخة المقبلة أمام تحد كبير.
أعطى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل الثاني، إشارة انطلاق "مونديال الشرق الأوسط"، بحضور ثلة من زعماء الدول يتقدمهم ملك المغرب محمد السادس، والعاهل الأردني عبد الله الثاني، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ونائب رئيس الإمارات وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، والتركي رجب طيب اردوغان، والمصري عبد الفتاح السيسي وولي عهد الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح، والفلسطيني محمود عباس ورئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي وغيرهم من ممثلي دول العالم ولا سيما المشاركة في الحدث. وحضر أيضا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ورئيس اللجنة الأولمبية الدولية الألماني توماس باخ.
دولة صغيرة، أسرت العالم لمشاهدة حفل افتتاح ضخم، أسكتت كل الانتقادات التي تلقتها منذ الثاني من كانون الأول 2010 عندما أفصح رئيس الفيفا السابق عن البلد المضيف لمونديال 2022، اذ تفوق المنتخب القطري على دول متجذرة في تنظيم الاحداث الرياضية ولا سيما انكلترا والولايات المتحدة، وردّت حكومة الإمارة على كل الاتهامات الموجهة الى قطر سواء من الغرب والشرق.
رحلة طويلة وشاقة إجتازتها قطر نحو "أفضل نسخة في التاريخ"، 12 عاماً استغلتها الحكومة العنابية لبطولة تستمر 28 يوماً، ولإرث لعقود زمنية طويلة مقبلة. خصصت قطر ميزانية ضخمة للإعداد لتنظيم كأس العالم عبر تجهيز بنية تحتية متكاملة، وإنشاء 7 من الملاعب الـ 8 التي ستسضيف 64 مباراة في البطولة، والأهم تحقيق حلم عربي طال انتظاره، فالمونديال سينطق بلغة الضاد، حدث عربي بامتياز، وشرف تتقاسمه كل الدول العربية، وتشهد النهائيات مشاركة 4 منتخبات عربية وهي قطر المستضيف والسعودية عن منطقة آسيا وتونس والمغرب عن منطقة أفريقيا.
استمر عرض الإفتتاح زهاء 30 دقيقة، مدة وجيزة كانت كافية لتزيل تعب القطريين طوال عقد من الزمن من أجل نسخة مونديالية إستثنائية. الحفل انطلق بآيات قرآنية عن التقارب بين الشعوب وشهد حضور الممثل الأميركي الشهير مورغان فريمان واستذكار النسخ المونديالية السابقة، وقال امير قطر إنه "بدءاً من هذا المساء وطوال 28 يوماً، سوف نتابع، ومعنا العالم بأسره بإذن الله المهرجان الكروي الكبير، في هذا الفضاء المفتوح للتواصل الإنساني والحضاري". وقال الامير تميم الذي كان جالساً إلى جانب والده "من قطر، من بلاد العرب، نرحب بالجميع في بطولة كأس العالم 2022".
وأضاف "لقد عملنا ومعنا كثيرون كي تكون من أنجح البطولات، بذلنا جهداً واستثمرنا في الخير لإنسانية جمعاء، وأخيراً وصلنا إلى يوم الافتتاح الذي انتظرتموه بفارغ الصبر".
وأردف قائلا "سوف يجتمع الناس على مختلف أجناسهم وجنسياتهم وعقائدهم وتوجهاتهم هنا في قطر وفي جميع القارات للمشاركة في اللحظة ذاتها"، لافتاً إلى أنه "ما أجمل أن يضع الناس ما يفرقهم جانبًا لكي يحتفوا بتنوعهم وما يجمعهم في الوقت ذاته".
وبعد ذلك، جاءت كلمة مقتضبة لرئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جاني إنفانتينو قال فيها باللغة العربية "أحبائي عائلة كرة القدم، أهلاً وسهلاً إلى ملعب البيت. ومبروك ألف مبروك". قبل أن يضيف بالإنكليزية أن "كرة القدم توحد العالم. فليبدأ العرض".
واستغرق حفل الافتتاح 30 دقيقة وشمل برنامجاً مكوناً من سبع فقرات أحياها فنانون عالميون ومزجت بين التقاليد القطرية والثقافة العالمية، بينما تم الاحتفال بالمنتخبات الـ32 المشاركة وبالدول المستضيفة السابقة لكأس العالم وبمتطوعي البطولة.