النهار

الصراع "الجيوسياسي" في نهائيات كأس العالم... ايران والولايات المتحدة مجدداّ!
المصدر: "النهار"
الصراع "الجيوسياسي" في نهائيات كأس العالم... ايران والولايات المتحدة مجدداّ!
تعبيرية.
A+   A-
لطالما حفلت نهائيات كاس العالم لكرة القدم بمباريات تحمل في طياتها صراعات "جيوسياسية"، إلا أن أشهرها تعود الى تاريخ 21 حزيران 1998 عندما حققت ايران أول فوز في تاريخ مشاركاتها في نهائيات كاس العالم وجاء على حساب "الغريم التقليدي سياسياً" الولايات المتحدة 2-1 على ملعب "لا جيرلان" في مدينة ليون الفرنسية.

استأثر هذا النزال باهتمام كبير في ذلك الوقت، خاصة بسبب التوترات السياسية بين البلدين. لكن في تلك الأمسية، بمدينة ليون، شهدت الجماهير لحظات رياضية خالصة. فقبل انطلاق المباراة وقف لاعبو الفريقين بمعية الحكم اللماني أورس ماير لالتقاط صورة جماعية. كما أهدى الإيرانيون خصومهم الأمريكيين ورودا بيضاء ترمز للسلام.

مر 24 عاماً على قيادة مهدي مهدفيكيا "تيم ميلي" الى الفوز "الملحمي"، لكن الإثارة التي رافقت أول انتصار على الإطلاق لإيران في كأس العالم لكرة القدم لم تتراجع.


شحن سياسي
نُظِرَ إلى المباراة على نطاق واسع على أنها أكثر مواجهة "مشحونة سياسيا" في تاريخ كأس العالم، ومنذ لحظة الإعلان عن المواجهة الحتمية بين المنتخبَين، أحاطت الإيحاءات السياسية بالمباراة على الفور، ووصلت المواقف بين الدول إلى مستويات غير مسبوقة، وأثار المشجّعون والمحلِّلون ووسائل الإعلام وحتى المسؤولين الحكوميين الجدل حول من سيخرج منتصرًا، حتى عندما دعَت وزيرة الخارجية الأمريكية، مادلين أولبرايت، إلى تحرُّك نحو علاقات طبيعية بين إيران والولايات المتحدة، هدّدَت الجماعات الإيرانية في المنفى المعارِضة للنظام الإسلامي بعرقلة المباراة.

بدت المباراة مثيرة للاهتمام بالنسبة إلى التوتر القومي والسياسي المتوقع مهما كانت النتيجة التي تحدث على أرض الملعب، ومع اقترابها لم يكن بالإمكان تجنُّب العنصر السياسي في أول مباراة لكرة القدم على الإطلاق بين البلدَين.


"أمّ كل المباريات"
قوّضَت التطلُّعات المشتركة لكلا الجانبَين بشكل كبير الصور النمطية المحيطة باللقاء، والذي كان يُنظر إليه في البداية على أنه معركة أيديولوجيات بين "قوى الشيطان الأكبر" ورجال الدين المحافظين الذين يدعون في شعائرهم إلى "الموت لأمريكا". بعد 19 عامًا من الثورة الإسلامية، وفّرت مباراة كرة قدم بين البلدَين موضوعًا مثيرًا للجدل يصعب التعامل معه، ووصفها رئيس الاتحاد الأمريكي لكرة القدم بأنها "أمّ كل المباريات".

وقال مدافع نادي هامبورج السابق مهدي مهدافيكيا البالغ عمره 44 سنة "إيران ضد الولايات المتحدة كانت مباراة القرن. كان الهدف الذي سجلته الأغلى في مسيرتي. لن أنسى تلك اللحظة ما حييت. كنت شابا وقتها. كانت مباراة مهمة للغاية في كأس العالم. كان أول انتصار لإيران في كأس العالم وكانت كل العوامل موجودة لتصبح المباراة الأغلى في حياتي".


تفوق "النمور الآسيوية"
وحضر ألوف المشجعين الإيرانيين المباراة في ليون في أول لقاء دولي جمع بين دولتين حدث خلاف كبير بينهما منذ الثورة الإسلامية عام 1979. وكانت الإجراءات الأمنية مشددة لكن سرعان ما تبددت احتمالات وقوع أي أعمال شغب بين الطرفين بعدما قدم الإيرانيون باقات ورد للأمريكيين ووقف الفريقان جنبا إلى جنب لالتقاط الصور التذكارية.

وشهدت المباراة منافسة شديدة حيث منح حميد استيلي التقدم للإيرانيين بضربة رأس في الشوط الأول وضاعف مهدفيكيا النتيجة قبل ست دقائق من النهاية. وتماسك الإيرانيون في الدقائق الأخيرة رغم هدف بريان مكبرايد قرب النهاية لتنطلق الاحتفالات في إيران بهذا الفوز التاريخي.

وقال مهدفيكيا "هذا الانتصار كان غاليا من كل الوجوه. من منظور رياضي كانت لحظة تاريخية لأننا حققنا أول فوز في تاريخ كرة القدم الإيرانية في كأس العالم. بالنسبة للبلد، انطلقت احتفالات كبيرة وكانت لحظة تاريخية أيضا. من الناحية السياسية كانت لحظة مهمة لا تنسى أبدا. كان يوما مميزا".


"كلاكيت ثانية"
وسيلتقي الفريقان مرة أخرى في نهائيات كأس العالم في وقت لاحق هذا العام في قطر بعد أن أوقعتهما القرعة في نفس المجموعة لكن من غير المرجح أن يكون هذا اللقاء مثل مباراة ليون التي حسمتها إيران لصالحها. وفازت إيران بمباراة واحدة أخرى فقط في كأس العالم منذ ذلك الحين وكانت ضد المغرب في روسيا في 2018 وتوقع مهدفيكيا مواجهة صعبة أخرى أمام المنتخب الأمريكي في تشرين الثاني المقبل.

وأضاف "لدى الولايات المتحدة بعض اللاعبين الشبان الذين يلعبون في أوروبا لذلك أعتقد بشكل عام أن الفريق الأمريكي أقوى بكثير مما كان عليه في 1998 وأنا متأكد من أنهم سيكونون أكثر صعوبة في قطر"، وتابع "ربما لا تزال الأجواء السياسية تخيم على المباراة لكنني متأكد من أن هذه المجموعة من اللاعبين يتمتعون بالاحترافية ولديهم خبرة ويمكنهم الاستمرار في التركيز على الرياضة والمباراة نفسها بغض النظر عما يجري في السياسة. أتمنى أن تكون مباراة جيدة وأن تفوز إيران مرة أخرى".



اقرأ في النهار Premium