إذا لم تكن السيارة، فالاستراتيجية، وإن لم تكن الاستراتيجية، فالسائق. هذا هو الواقع المرير الذي يعيشه فريق فيراري خلال الموسم الحالي من بطولة العالم لسباقات "فورمولا 1"، وآخر فصوله الأحد حين ارتكب سائقه شارل لوكلير من موناكو خطأ فادحاً أدى إلى تفريطه بالصدارة، وانسحابه من جائزة فرنسا الكبرى.
بعدما حلم مشجعو "سكوديريا" باحراز الحظيرة الإيطالية لقبها الأول للسائقين منذ 2007 عقب تصدر لوكلير الترتيب العام بفارق 46 نقطة في مستهل الموسم، بدأ يتبخر الحلم بعد خسارة هذه الأفضلية في غضون ثلاثة سباقات.
ثم ازداد الأمر صعوبة بعدما وجد ابن إمارة موناكو نفسه على بعد 63 نقطة من حامل اللقب العالمي سائق ريد بُل الهولندي ماكس فيرستابن عقب سباق الأحد على حلبة بول ريكار في لو كاستيليه.
بدا أن لوكلير في طريقه لتحقيقه فوزه الثاني توالياً والعودة إلى دائرة الصراع على اللقب، بعدما حافظ على مركزه الأول عند الانطلاق وتمسك به حتى اللفة 18 قبل أن تقع الكارثة اثر فقدانه السيطرة على سيارته الحمراء لتنزلق وتصطدم بحائط الأمان، فاتحاً الطريق أمام فيرستابن للفوز والاقتراب خطوة إضافية من الاحتفاظ باللقب بعدما تقدم بفارق 63 نقطة مع بقاء 10 جولات من أصل 22.
كارثة سباق فرنسا لم تكن المرة الأولى التي يفرط فيها الفريق الإيطالي بفوز في متناوله هذا الموسم، بل كانت الخامسة من أصل 12 جولة أقيمت حتى الآن، ثلاث منها بسبب خطأ من السائق واثنان، بسبب خطأ في الاستراتيجية وعطل ميكانيكي.
بالتالي، عوضاً عن تصدر بطولتي السائقين والصانعين، يجد الفريق الإيطالي نفسه بعيداً عن منافسة فيرستابن وريد بُل مع إهداره استناداً الى حسابات تقديرية من صحيفة "ليكيب" الفرنسية 116 نقطة عبر لوكلير و62 نقطة عبر سائقه الثاني الإسباني كارلوس ساينز.
وحتى فيرستابن نفسه أقر بعد سباق الأحد أن الفارق الكبير الذي يفصله عن لوكلير لا يعكس التقارب في أداء سيارتي ريد بُل وفيراري، قائلاً: "تُعد هذه الصدارة رائعة بالتأكيد، لكنها ربما أكبر مما من المفترض أن تكون عليه نظراً الى أداء السيارتين".
ورغم أنه كان سعيداً بالفارق الكبير الذي بات يفصله عن لوكلير، حذر فيرستابن في المقابل من أنّ "الكثير من الأمور قد تحدث"، بعد رؤيته أفضلية الـ46 نقطة التي تمتع بها لوكلير مبكراً تتبخر في غضون ثلاثة سباقات.
وفُهِمَ من لوكلير خلال الاتصال الذي أجراه مع فريقه مباشرة بعد الحادث أن الذي حصل كان بسبب عطل في دواسة الوقود لقوله "لا يمكنني إيقاف دواسة الوقود"، لكنه أوضح بعد نهاية السباق أن المسؤولية في الحادث تقع على عاتقه، قائلاً أمام الصحافيين: "أنا ارتكبت الخطأ. إنه خطأ من جانبي. إنه أمر محبط للغاية".
"سنذهب الى المجر.. للحصول على المركزين الأولين"
وتابع "إذا كنت في نهاية البطولة أتأخر بفارق 30 نقطة، فسأعلم أن هذا بسبب أخطائي. يجب أن أعود الى القمة إذا كنت أريد أن أصبح بطلاً للعالم".
أضاف: "سأستمر في الإيمان بحظوظي، لديّ الشعور بأني على أعلى مستوى منذ بداية مسيرتي، لكن لا جدوى من ارتكاب هذه الأنواع من الأخطاء المريرة".
وسبق لابن الإمارة أن ارتكب هذا الموسم خطأ قيادة على حلبة إيمولا الإيطالية ما تسبب باكتفائه بالمركز السادس فيما كان الفوز من نصيب فيرستابن، لكنه لا يتحمل وحده المسؤولية في إهدار النقاط إذ عانى من عطلين في وحدة الطاقة على حلبتي برشلونة وباكو ما أدى الى انسحابه، ومن استراتيجية خاطئة لفريقه في سباقي موناكو وسيلفرستون ما تسبب بحرمانه من الفوز والاكتفاء فيهما بالمركز الرابع.
حديث لوكلير الأحد عن مشكلة في دواسة الوقود، أعاد إلى الأذهان ما حصل معه في اللفات الأخيرة من السباق الماضي على حلبة ريد بول رينغ النمسوية حين عانى من عطل في الدواسة كاد أن يحرمه من الفوز, إلا أنه تمسك بالصدارة وأنهى السباق أمام فيرستابن.
لكن مدير الفريق ماتيو بينوتو أوضح ما حصل فعلاً، الأحد، على حلبة بول ريكار، كاشفاً أن لوكلير كان يتحدث خلال اتصاله بالفريق عن مشكلة واجهها بعد الحادث حين حاول الرجوع بالسيارة الى الوراء.
وقال بينوتو: "لم تكن هناك مشكلة في دواسة الوقود. لم يكن للأمر أي علاقة بما حدث في النمسا".
أضاف: "ما حدث كان خطأ من شارل وهذه الأمور قد تحدث بشكل طبيعي، لا أعتقد بأن ذلك يُقلل من قدراته كسائق مدهش. لكنه خطأ"، موضحاً: "ما سمعتموه عبر اللاسلكي كان أثناء محاولته الرجوع إلى الخلف للخروج من الحواجز".
وكشف أنه تم حل المشكلة التي حصلت في دواسة الوقود خلال سباق في النمسا و"أقدمنا على بعض الإجراءات لتفادي تكرار ذلك في المستقبل".
وبدا بينوتو متفائلاً رغم صعوبة موقف فريقه، الذي لم يفز بلقب الصانعين منذ 2008 رغم مرور سائقين كبار على الحظيرة الإيطالية مثل بطل العالم مرتين الإسباني فرناندو ألونسو وبطل العالم أربع مرات الألماني سيباستيان فيتيل أو الفنلندي كيمي رايكونن، الذي كان آخر بطل متوج بألوان "سكوديريا" عام 2007.
وقال بينوتو: "سنكون في بودابست الأسبوع المقبل (جائزة المجر الكبرى) لطي الصفحة"، معتبراً أن هناك "أسباباً لنكون إيجابيين".
تابع: "سنذهب الى المجر ليس فقط من أجل الفوز بل للحصول على المركزين الأولين".