لا يكترث رجل الأعمال القطري يوسف الطاهر كثيراً بنتائج منتخب بلاده، الذي أقصي، منطقياً، من كأس العالم المقامة في الإمارة الخليجية، قائلاً بفخر أن بلاده "فائزة" بالفعل لمجرد استضافتها البطولة "بنجاح".
وفقد منتخب قطر الملقب بـ"العنابي" فرصته بالتأهل منطقياً بعد خسارته مباراته الثانية أمام السنغال 1-3، لكنّ الطاهر واصدقاءه المحبطين بالخسارة أعربوا جميعاً عن سعادتهم وفخرهم باستضافة بلدهم "الصغير" مساحة للبطولة الأكبر بالعالم.
وقال الطاهر (53 عاماً) بتحدٍ "بغض النظر عن النتيجة، الفوز الحقيقي هو استضافة كأس العالم بنجاح. يكفي فخراً اليوم أنّ العالم كله يشاهدنا".
وفي منطقة الجميلية على بعد 40 كلم شمال غرب الدوحة، جمع الطاهر عشرة من أصدقائه في مزرعته، التي يحيط بها النخيل والأشجار وسط الصحراء لمشاهدة اللقاء الحاسم أمام السنغال.
وتزيّن مبنى المجلس الفسيح الملحق بالمزرعة بعلم كبير لقطر، فيما تراصت حوله أعلام أصغر حجماً للبرازيل وفرنسا والسعودية ومختلف الدول المشاركة. وبالداخل، رُصّت مقاعد فاخرة في صفوف متتالية تحاكي المدرجات وضع بينها مناضد صغيرة عليها أطباق تمور وكؤوس القهوة العربية والشاي.
وتابع الطاهر، الذي ارتدى الثوب الأبيض والعقال التقليدي: "المنتخب يشارك لأول مرة على هذا المستوى ونحن فخورون إن فاز أو لم يفز".
أضاف: "يا لها من فرصة أن نستضيف العالم أجمع"، في إشارة إلى توافد مئات آلاف من المشجعين الأجانب على بلاده، البالغ عدد سكانها نحو 3 ملايين نسمه، أكثر من ثلثيهم من الأجانب.
وقال ضيفه المؤرخ الرياضي سلطان الجاسم: "قطر اصبحت محط انظار العالم. قديما كان نصف العالم لا يعرف أين تقع قطر".
وتابع الرجل البالغ 59 عاما وعيناه شاخصتان تجاه شاشة التلفزيون الكبيرة: "الآن، صارت قطر أشهر دولة في العالم باستضافة هذه البطولة".
"انتصار سياسي"
وخسر منتخب قطر، بطل كأس آسيا قبل 3 سنوات، مباراتيه أمام الإكوادور بهدفين نظيفين الأحد في افتتاح البطولة، ثم السنغال.
لكن "العنابي" قدّم الجمعة أداءً أفضل مقارنة باللقاء الأول المخيب للآمال.
وبين شوطيّ المباراة ومع تأخر قطر بهدف، أدى الطاهر وأصدقاؤه صلاة المغرب مع عمال المزرعة في مسجد صغير ملحق بالمكان، وتبادل الجميع الأمنيات بإحراز هدف لتعديل النتيجة.
كان القطريون يمنّون النفس بمواصلة النتائج الجيدة للعرب، خصوصاً مع الانتصار التاريخي والمدوي لجارتهم السعودية على الأرجنتين بهدفين لهدف.
وخيّم الصمت لوقت وجيز على المجلس، بعد تسجيل السنغال (بطلة أفريقيا) هدفاً ثانياً، لكنّ منسوب الحماس ارتفع ومعه صيحات التشجيع مع إحراز قطر هدف تقليص الفارق برأسية رائعة لمحمد مونتاري.
وتلاشى الأمل سريعاً في التعديل مع إحراز فريق المدرب أليو سيسيه هدفاً ثالثاً حاسماً.
وأعرب الدبلوماسي ناصر، شقيق يوسف، عن رضاه العام رغم الخسارة.
وقال الرجل، البالغ 63 عاماً، بحماس: "لا ننتظر انتصاراً رياضياً، فلقد حققنا بالفعل انتصاراً سياسياً واجتماعياً واقتصادياً".
وتابع أنّ البطولة "وضعت قطر على خريطة العالم".
"فائزون رغم الخسارة"
وتواجه قطر منذ 12 عاماً عندما حصلت على حق استضافة جدلي، حملة انتقادات شرسة لسجلها في مجال حقوق الانسان والتعامل مع العمال المهاجرين ومجتمع الميم.
لكن المسؤولين القطريين يردون على ذلك بأن بلادهم عرضة "للعنصرية" و"المعايير المزدوجة".
ورأى الطاهر أن "الانتقاد شيء محفز ودافع للاستمرار قدما. بالعكس، من الطبيعي والصحي أن نجد انتقادات ومن بعدها نعدّل المسار".
وبالنسبة للانتقادات بخصوص مجتمع الميم، قال الجاسم: "نرحّب بالعالم كله، لكن يجب احترام عادتنا وتقاليدنا. هناك خطوط حمراء".
وأثارت قطر الغنية بالنفط دهشة وصدمة العالم، مع ورود تقارير قدرت إنفاقها نحو 200 مليار دولار على استضافة البطولة.
لكنّ الكاتب الجاسم، قال إنّ الاستعداد للبطولة غيّر من شكل بلاده.
وأشار فيما يصرخ مطالباً بركلة جزاء لفريقه، إلى أن بلاده شهدت "انتفاضة في قطاعات البناء والطرق والقطارات. انا كقطري أُفاجأ كل يوم بشيء جديد".
تابع: "كأس العالم طوّرت من إمكانيات بلادنا".
ورغم اعتبار البطولة تقام في مدينة واحدة تقريباً بحكم صغر مساحة البلاد، لم تسجل حتى الآن مشكلات في النقل والتنظيم بعد مرور نحو اسبوع على البطولة.
وخيّم الإحباط وخيبة الأمل على الحضور مع انتهاء اللقاء بخسارة قطر مجدداً.
وحاول الطاهر تحفيز ضيوفه، قائلاً بحماس: "شرف التنظيم تاج وكأس لنا. نحن فائزون رغم الخسارة".