استعاد الدوري الالماني لكرة القدم عاداته المثيرة في حقبة التسعينيات، بعد سنوات طويلة من الرتابة، وحسم بايرن ميونيخ اللقب في مصلحته في الدقائق الأخيرة مبقياً "الغصة" لدى العريم التقليدي بوروسيا دورتموند وجمهوره "الجراد الأصفر".
نهاية دراماتيكية لموسم عدّ الأصعب منذ زمن طويل، ففي الدقيقة 89 كان دورتموند بطلاً، وبعدها بدقيقة منح جمال موسيالا التفوق للعملاق البافاري الذي تمسك بالفوز على مضيفه كولن 2-1، بينما كان يحتاج دورتموند الى الفوز على مانتس إلا انهما تعادلا 2-2 في المرحلة 34 الأخيرة من
البوندسليغا. وظفر بايرن باللقب بعد تفوقه بفارق الأهداف فقط على دورتموند، بعد أن تساوى الفريقان في مجموع النقاط بإجمالي 71 نقطة لكل منهما.
وبدأ الموسم الحالي بصدمة لفريق دورتموند الذي كان يبحث عن لقبه الأول في البوندسليغا منذ 2012، بعد الإعلان عن إصابة مهاجمه الإيفواري سيباستيان هالر القادم من أياكس أمستردام الهولندي بسرطان الخصية؛ ليغيب عن النصف الأول من الموسم بأكمله.
ومنذ تعافيه وظهوره للمرة الأولى بقميص دورتموند مطلع العام الحالي، سجل العاجي 9 أهداف كانت حاسمة في استمرار الفريق في الصراع مع بايرن على اللقب، لكنه أهدر ركلة جزاء خلال المواجهة أمام ماينتس في الجولة الختامية من الموسم.
على الجانب الآخر، خسر بايرن ميونخ جهود هدافه البولندي روبرت ليفاندوفسكي الذي رحل إلى برشلونة من دون أن ينجح في تعويضه، ليكتفي النادي البافاري بضم الهداف السنغالي ساديو مانيه من صفوف ليفربول. لكن صفقة مانيه لم تؤت ثمارها مع النادي البافاري قبل تعرض قائد المنتخب السنغالي لإصابة قوية، إضافة إلى أن بطولة كأس العالم 2022 في قطر أثرت بشكل سلبي على أداء "اف سي هوليوود".
وشاركت مجموعة من لاعبي دورتموند في المونديال، وانعكست هذه المشاركة إيجابيا على لاعبي الفريق، حيث تألق النجم الإنكليزي الشاب جود بلينغهام بشكل ملفت مع الفريق في البوندسليغا، لكنه جلس على مقاعد البدلاء أمام ماينز بسبب إصابته في الركبة.
واعتمد يوليان ناغلسمان المدرب السابق لبايرن بشكل أساسي على المهاجم الكاميروني إيريك ماكسيم تشوبو موتينغ (34 سنة)، الذي أدى بشكل رائع وسجل 10 أهداف في البوندسليغا، لكن بعد إصابته توقفت الفاعلية الهجومية للنادي البافاري، الذي قرر على نحو مفاجئ الاستغناء عن ناغلسمان والاستعاضة عنه بتوماس توخيل في ذار الماضي، في خطوة أثارت دهشة المجتمع الكروي العالمي.
وكان دورتموند يتصدر جدول ترتيب البوندسليغا في ذلك الوقت بفارق ضئيل للغاية عن بايرن، الذي كان قد فاز في جميع مبارياته في دوري أبطال أوروبا بجانب استمرار تواجده في مسابقة كأس ألمانيا. وفوجئ ناغلسمان مثله مثل الجميع بنبأ إقالته، حيث علم بالأمر عبر وسائل الإعلام.
وكانت هذه الخطوة بمثابة مقامرة كبيرة من جانب الرئيس التنفيذي لبايرن ميونخ أوليفر كان والمدير الرياضي حسن صالح حميديتش، بعد أن تعرض كلاهما لضغوط كبيرة بسبب الموافقة على رحيل ليفاندوفسكي الذي سجل 40 هدفا للفريق خلال موسم واحد. ورغم فوز الفريق الصعب بلقب البوندسليغا، أقال الفريق البافاري أوليفر كان وحسن حميديتش، وعين يان كريستيان دريسن رئيسا تنفيذيا. وهناك علامات استفهام لدى جماهير بايرن ميونخ بشأن افتقاد كان وحميديتش لعنصر الخبرة الذي كان يحظى به أمثال أولي هونيس وكارل هاينز رومينيغه.
وبدأ توخيل مسيرته بشكل جيد مع بايرن ميونخ، حيث قاده للفوز على فريقه السابق دورتموند 4-2، ليعود النادي البافاري لصدارة البوندسليغا. ولكن في غضون أسابيع قليلة خرج بايرن من ربع نهائي دوري أبطال أوروبا على يد مانشستر سيتي الإنكليزي، ومن الدور نفسه في كأس ألمانيا على يد فرايبورغ، وخسر النادي البافاري أيضا على ملعب ماينتس 1-3، ليفقد موقعه في الصدارة لصالح دورتموند. وكانت الفرصة سانحة أمام دورتموند للتتويج بلقب البوندسليغا للمرة الأولى منذ عام 2012 تحت قيادة مدربه السابق يورغن كلوب، لكن ذلك لم يتحقق في النهاية.
وفي أقوى صراع على موسم البوندسليغا في العقد الأخير، توج بايرن باللقب بفارق الأهداف فقط عن دورتموند الوصيف.
وانهارت آمال الفريق الفستفالي في حصد اللقب، وبدت الحسرة على وجوه مشجعيه عقب مغادرتهم ملعب "سيغنال إيدونا بارك" وساحاته، وكان النادي طلب أكثر من 120 ألف لتر من البيرة وفقا لمسؤولي النادي، لكن في النهاية لم يكن بوسع الجماهير الاحتفال.