أحدث مانشستر سيتي تحوّلاً زلزالياً في كرة القدم الإنكليزية قبل 12 سنة، بفوزه على جاره اللدود مانشستر يونايتد، الباحث عن ثلاثية نادرة، في ملعب ويمبلي. يقف سيتي الآن على مقربة من ثلاثية تاريخية يهدّدها يونايتد نفسه، عندما يلتقيان السبت في نهائي الكأس العريقة.
بعد حسم سيتي لقب الدوري (برميرليغ) مرّة ثالثة توالياً وخامسة في آخر ست سنوات، يحلم بأن يصبح ثاني ناد إنكليزي يحقق الثلاثية النادرة في موسم واحد، بعد يونايتد في 1999، في حال فوزه بلقبي الكأس المحلية على حساب جاره ودوري أبطال أوروبا على حساب إنتر ميلان الإيطالي في العاشر من حزيران/يونيو الحالي.
لم يكن ممكناً تصوّر نجاحات سيتي الحالية ووضع يونايتد الطامح للخروج من الكبوات، عندما التقيا في نصف نهائي كأس 2011 في ويمبلي.
بعد أسابيع قليلة من تلك المباراة، ضمن يونايتد لقب الدوري للمرة الرابعة في خمس سنوات، فيما بلغ أيضاً نهائي دوري أبطال أوروبا.
وفي تناقض صارخ مع العصر الذهبي ليونايتد تحت اشراف مدرّبهم السير الاسكتلندي أليكس فيرغسون، كان سيتي يضمّد جروحه بعد عقود من الخيبات وتوجّه إلى ويمبلي في خضم فترة جفاف عن الألقاب أصبحت مصدر احراج لجماهيره.
كان تفوّق يونايتد صريحاً على جيرانه، لدرجة ان جماهيره عرضوا لافتة في مدرّج ستراتفورد أند في ملعب "أولد ترافورد"، تظهر عدد السنوات التي مرّت دون احراز سيتي أي لقب. ولمزيد من الاحباط للطرف الأزرق في المدينة، كان الرقم يشير إلى 35 في عام 2011.
لكن مع مغادرته ملعب ويمبلي بعد ظهر يوم رمادي في نيسان/أبريل، وجّه سيتي إنذاراً شديد اللهجة أنسى جماهيره هذه اللافتة المهينة.
كان أوّل دربي لمدينة مانشستر في ملعب ويمبلي، المكان المناسب للادلاء بهذا البيان العالي اللهجة في تاريخ الكرة الإنكليزية.
منذ استحواذ سيتي من قبل الشيخ الإماراتي منصور بن زايد آل نهيان عام 2008، اصبح انفاقه الهائل على اللاعبين محط حديث متابعي الدوري الإنكليزي.
استبعد فيرغسون منافسة محتملة من سيتي عندما وصف خصومه عام 2009 بـ"الجيران المزعجين".
لكن سيتي تطوّر تدريجاً تحت اشراف المدرب الإيطالي روبرتو مانشيني، وكان نصف نهائي الكأس بمثابة مرحلة بلوغ فريقه سن النضج.
بعد اهدار يونايتد فرصا عدّة، سجّل لاعب الوسط العاجي يحيى توريه، أحد القادمين بصفقة كبيرة، هدف المباراة الوحيد بعد سبع دقائق من انطلاق الشوط الثاني.
بضربة واحدة، أُزيلت الروح الانهزامية التي رافقت سيتي لعقود.
"نقطة تحوّل حقيقية"
كان جوليون ليسكوت فرداً في دفاع أبقى يونايتد بعيداً من الشباك، ويتذكّر قلب الدفاع السابق المباراة كمنعرج في تاريخ الناديين "كان نصف نهائي الكأس تحوّلاً حقيقياً للإيمان بالنادي، للإيمان بنا كلاعبين، والجماهير، لكن أيضاً ليونايتد".
أضاف: "اقتنعوا بأننا نشكّل تهديداً حقيقياً. كانت نقطة تحوّل حقيقية. لقد دفعتنا حقاً".
وفاز سيتي بعدها في النهائي على ستوك، مبعداً سلاح التهكّم من يد جماهير "الشياطين الحمر"، وممهداً الطريق لبناء حقبة زرقاء في مدينة مانشستر.
سحق رجال مانشيني يونايتد 6-1 العام التالي في ملعب أولد ترافورد في الدوري، محرزين اللقب على حساب خصومهم، بفضل هدف تاريخي متأخر من الأرجنتيني سيرخو أغويرو ضد كوينز بارك رينجرز.
يتذكّر لاعب الوسط الهولندي نايجل دي يونغ أحد أفراد الفريق المتوّج "لم نعد مجرّد جيران مزعجين، كنا صاخبين للغاية!".
منذ الفوز على يونايتد في نصف نهائي كأس 2011، أحرز سيتي 15 لقباً كبيراً، بينها 7 في الدوري، خصوصاً بعد قدوم المدرب الإسباني بيب غوارديولا.
في المقابل، أحرز يونايتد ستة ألقاب في تلك الفترة، آخرها في كأس الرابطة هذه السنة مع مدربه الجديد الهولندي إريك تن هاغ، منهياً فترة جفاف عن الألقاب دامت ست سنوات.
لا شكّ بأن الفوز بكأس الرابطة والحلول ثالثاً في الدوري قد يشجّع يونايتد، لكن التغلّب على جاره اللدود في أول دربي لمانشستر في نهائي الكأس، قد يحمل طعماً ألذّ لجماهير الفريق الأحمر.
وقال تن هاغ: "من الواضح اننا نلعب راهناً أمام الفريق الافضل، لكن من الواضح انه لا تزال هناك فرصة. يجب أن نقدّم كلّ شيء".
ومع احتمال بيع النادي لمستحوذ ثري، تحلم جماهير يونايتد بتقليد طفرة سيتي غير المتوقعة التي بدأت من ملعب ويمبلي قبل نحو عقد من الزمن.