حصل الأرجنتيني ليونيل ميسي على استقبال الأبطال عندما استقدمه باريس سان جيرمان، ليمنحه القطعة المفقودة من أحجية دوري أبطال أوروبا لكرة القدم. بعد عامين، سيرحل "البعوضة" من دون تحقيق حلم الإدارة القطرية للفريق الفرنسي، مخلفاً وراءه بعض اللمحات من عبقريته الكروية.
يصعب اعتبار فترة ميسي مع سان جيرمان بالناجحة، حتى ولو أن نقلته الباريسية ساعدته بتعبيد الطريق ليحرز لقب كأس العالم للمرة الأولى في مسيرته مع منتخب بلاده في قطر نهاية 2022، وروّجت للمنتج الرياضي لفريقه.
عند تقديم اللاعب في آب 2021 في باريس، قال ميسي إن الفوز في دوري أبطال أوروبا للمرّة الخامسة في مسيرته كان "حلماً" بالنسبة اليه، وهو "في المكان الأمثل" لتحقيق ذلك.
كان حديثاً مغرياً لرئيس النادي القطري ناصر الخليفي الجالس بجانبه، وللجماهير التواقة برؤية سان جيرمان يحرز لقب المسابقة القارية للمرة الأولى في تاريخه والثانية في تاريخ الكرة الفرنسية بعد مرسيليا في 1993.
كان فريق العاصمة قد خرج من منافسات الموسم السابق بخسارة أمام مانشستر سيتي الإنكليزي في نصف النهائي، وقبلها بلغ النهائي حيث سقط أمام بايرن ميونيخ الألماني. بدا ميسي وكأنه القطعة المفقودة لدفع سان جيرمان نحو اللقب الضائع.
لكن سان جيرمان تراجع مع ميسي، فودّع من دور الـ16 أمام ريال مدريد الإسباني الموسم الماضي عندما كان الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو مشرفاً عليه، قبل أن يختبر المصير عينه هذا الموسم على يد بايرن ميونيخ بإدارة المدرب كريستوف غالتييه.
ربما هناك حجّة منطقية لعدم سعي المدرب الإسباني الفذّ بيب غوارديولا لضمّ أفضل لاعب في العالم سبع مرات إلى فريقه مانشستر سيتي الإنكليزي، رغم وصفه اللاعب الذي تألق لسنوات تحت اشرافه في برشلونة بأنه الأفضل في تاريخ اللعبة.
بلغ فريق غوارديولا نهائي دوري الأبطال هذا الموسم، وسيلاقي الأسبوع المقبل إنتر الإيطالي. يقدّم سيتي، المملوك إماراتياً، مستوى لا يمكن لسان جيرمان مقارعته، رغم ضم الأخير ميسي، البرازيلي نيمار والجوهرة الهجومية كيليان مبابي هداف مونديال 2022.
الكيمياء المفقودة بين النجوم الثلاثة أضعفت سان جيرمان كفريق. عليه الآن إعادة بناء تشكيلة دون اللاعب الذي سيبلغ السادسة والثلاثين الشهر الجاري، ويُقدّر راتبه السنوي بثلاثين مليون يورو (32.1 مليون دولار) بعد الضرائب.
الخيبة بعد الآمال
منذ مطلع السنة الحالية، أخذت جماهير سان جيرمان باطلاق صافرات الاستهجان في وجه ميسي، في ملعبها "بارك دي برانس".
غاب بعدها عن التمارين من أجل رحلة تسويقية مع عائلته للسياحة في المملكة العربية السعودية. أوقف لمدة أسبوع واعتذر لزملائه، ولم يكن هناك أي مؤشر لبقائه داخل أسوار باريس.
سجّل ابن مدينة روساريو 32 هدفاً في 74 مباراة مع سان جيرمان، قبل المباراة الأخيرة لفريقه هذا الموسم السبت ضد ضيفه كليرمون في الدوري المحلي الذي ضمن لقبه.
كان موسمه الأوّل صعباً، فعانى للتأقلم بعد 17 موسماً في صفوف برشلونة. لاقى صعوبة أحياناً مع القوّة البدنية للدوري الفرنسي، لكن موسمه الثاني كان أفضل.
طوّر تفاهمه في الملعب مع مبابي، في ظل الاصابات المتلاحقة لنيمار، وتقبّل فكرة أن مبابي هو نقطة الارتكاز في الفريق.
سجّل 16 هدفاً في الدوري وصنع 16 تمريرة حاسمة، لينهي مشواره مع لقبين في الدوري (ليغ 1).
تبرير الانتقادات؟
بعد كل ما حصده من إنجازات مع برشلونة ومنتخب بلاده، قد يبدو لقب الدوري الفرنسي متواضعاً في سجل انجازات ميسي.
وكما يقول فنسان دولوك الكاتب في صحيفة ليكيب اليومية المتخصصة: "لم يكن سان جيرمان أفضل مما كان عليه من قبل بسببه. بدا راغباً باللعب في الدوري الفرنسي بنفس رغبته بزيارة طبيب الأسنان".
مع ذلك، ترك ميسي بصمته على الأشخاص الذين رافقوا رحلته الفرنسية. رُشّح لجائزة أفضل لاعب في الدوري، رغم التتويج المنطقي لمبابي لاحقاً.
قال مدرّبه غالتييه هذا الأسبوع: "حصلت على امتياز تدريب أفضل لاعب في تاريخ كرة القدم".
تابع: "كان قطعة هامة من الفريق هذه السنة. لم اقتنع بأن الانتقادات تجاهه مبرّرة أبداً. عندما يكون بعمر الخامسة والثلاثين ويحرز لقب كأس العالم منتصف الموسم، واعتقد انه سجل وصنع أكثر من 40 هدفاً في مختلف المسابقات".
حان الوقت الآن لكل من سان جيرمان وميسي بفتح صفحة جديدة.