قد يمثّل نهائي دوري أبطال أوروبا السبت بين مانشستر سيتي الإنكليزي وإنتر الإيطالي، في إسطنبول، نقطة تحوّل حاسمة في كرة القدم الأوروبية.
سيكون فوز سيتي هو الأول لفريق مدعوم من الدولة في منافسات النخبة في أوروبا، بعد أكثر من عقد من المحاولة.
تغيّر وجه النادي الذي ظفر أخيراً بلقبه الخامس في الدوري الإنكليزي الممتاز في آخر ستة مواسم، منذ استحواذ مجموعة أبو ظبي المتحدة في العام 2008، بدعم من الشيخ منصور بن زايد آل نهيان.
وصل "سيتيزنس" إلى نهائي دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في العام 2021، وخسر أمام مواطنه تشيلسي 0-1.
بعد هزيمته أمام ريال مدريد الإسباني في نصف النهائي العام الماضي، انتقم سيتي من الأرستقراطيين العظماء في كرة القدم الأوروبية في نصف نهائي هذا الموسم.
وبعد إضافة كأس إنكلترا إلى لقب الدوري، يتطلّع النادي إلى تحقيق ثلاثية في إسطنبول، وهو ما وصفه المدرّب الإسباني بيب غوارديولا بأنه فرصة "تحدث مرة واحدة في العمر".
وفي الوقت عينه، يتعيّن على بقية أوروبا أن تتساءل عمّا إذا كانت الرياضة تتجه نحو فترة من هيمنة مانشستر سيتي.
تصدّر النادي "دوري ديلويت المالي لكرة القدم" للعام الحالي، وهو مرجع في قياس القوّة المالية للأندية الأوروبية، بإيرادات بلغت 783 مليون دولار الموسم الماضي.
في ذلك الترتيب نفسه قبل عقد من الزمن، كان سيتي يحتلّ المركز السابع، وقد تسبّب صعوده بمشاكل للرياضة، إذ غُرِّم سيتي 60 مليون يورو في العام 2014 لخرقه لوائح اللعب المالي النظيف للاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا).
حُظر النادي لمدة عامين من مسابقات ويفا في شباط 2020 بسبب "انتهاكات جسيمة في اللعب النظيف المالي"، لكن العقوبة ألغيت في وقت لاحق من قبل محكمة التحكيم الرياضي.
في شباط من العام الحالي، اتُّهم النادي بـ115 انتهاكاً مزعوماً للقواعد من قبل رابطة الدوري الإنكليزي الممتاز، في ما يتعلق بالفترة من 2009 إلى 2018. وقد لا تُحلّ هذه القضية في أي وقت قريب.
هل انتهت حقبة الحرس القديم؟
رغم ذلك، إذا كان مجرد إنفاق مبالغ طائلة هو كل ما يهم، لكان باريس سان جيرمان قد فاز بدوري أبطال أوروبا بالفعل.
فقد استحوذت شركة قطر للاستثمارات الرياضية، وهي شركة تابعة لصندوق الثروة السيادية القطري، النادي الفرنسي في العام 2011.
في 2017، تعاقد سان جيرمان مع البرازيلي نيمار وكيليان مبابي في أغلى صفقتين بتاريخ كرة القدم، وفي العام 2020 وصل النادي إلى نهائي دوري أبطال أوروبا وخسر أمام بايرن ميونيخ الألماني.
بعد عام، استقطب النادي ليونيل ميسي، بعدما اضطر الأرجنتيني إلى مغادرة برشلونة الذي يعاني من ضائقة مالية.
وبينما وضع سيتي أمواله في جذب غوارديولا وبناء بيئة مثالية له لينمو، ألقى باريس سان جيرمان أموالاً في مقابل توقيع النجوم.
ذلك النهج لم يحقق دوري أبطال أوروبا، لكن الشعور هو أنهم سيصلون في النهاية إلى الهدف، والحفاظ على مبابي يحسّن فرصهم.
يُعدّ باريس سان جيرمان خامس أغنى ناد في العالم، وفقاً لتصنيف ديلويت.
ساهمت الثروة القطرية في التفوّق على برشلونة الذي أنفق أكثر من إمكانياته في محاولة استبدال نيمار، ما تسبّب في ديون أدت في النهاية إلى خسارة ميسي.
نجح سان جيرمان أيضاً في الحفاظ على مبابي، رغم اهتمام ريال مدريد الذي يستعد الآن لإعادة بناء صفوفه مع رحيل مهاجمه الفرنسي كريم بنزيمة.
أشار رئيس رابطة الدوري الإسباني لكرة القدم خافيير تيباس في العام 2019، إلى أن: "الأندية المدعومة من دولة هي ظاهرة جديدة وتمثل خطراً لم تشهده كرة القدم من قبل".
باتت الهيمنة القديمة تحت طائلة الإنهيار، إذ تكافح النخبة الاعتيادية لمواكبة الوتيرة.
فاز ريال مدريد بخمسة من آخر تسعة ألقاب في دوري أبطال أوروبا، إذ حقق كل من برشلونة وليفربول وبايرن وتشيلسي لقباً واحداً.
أقصي برشلونة من دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا في الموسمين الماضيين، بينما سيكون ليفربول في الدوري الأوروبي (يوروبا ليغ) الموسم المقبل، وسيغيب تشيلسي عن أوروبا تماماً.
صعود نيوكاسل
في غضون ذلك، يستعدّ مانشستر يونايتد للعودة إلى دوري أبطال أوروبا، وقد يكون قريباً في أيدي القطريين.
ذلك أن المصرفي القطري الشيخ جاسم بن حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، يخوض حرباً على استحواذ النادي مع الميلياردير البريطاني جيم راتكليف.
وإذا نجح عرض الشيخ جاسم، ولتجنب مخالفة قواعد ويفا بشأن تعدد ملكية الأندية، سيحتاج يونايتد إلى إقناع الهيئة الناظمة لكرة القدم الأوروبية بعدم وجود صلة بين عرضه ومالكي باريس سان جيرمان.
كما سيشارك نيوكاسل يونايتد في دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل، بعدما احتلّ المركز الرابع في الـ"بريميرليغ".
ويمتلك صندوق الاستثمارات العامة السعودي حصّة 80% في نيوكاسل الذي ظهر آخر مرة في دوري أبطال أوروبا في موسم 2002-2003.
يمكن توقّع فورة إنفاق كبيرة من قبل نيوكاسل، ويمكن أن يتفوّق الآن على النخبة الأوروبية في سوق الانتقالات.
وقال مدرب ليفربول الألماني يورغن كلوب في وقت سابق من الموسم الحالي إن: "هناك ثلاثة أندية في كرة القدم العالمية يمكنها أن تفعل ما تريده مالياً. لا يوجد سقف لنيوكاسل. تهانينا، لكن بعض الأندية الأخرى لها أسقف".