لم يجتمع الشمل العربي في ربوع لبنان منذ 26 عاماً بالتمام والكمال، أزمات كثيرة عانت منها بعض الدول الشقيقة، وكذلك "بلاد الأرز" لكن مهما طال البُعد تعود بيروت لتجمع العرب.
انطلق أمس الحدث العربي الأهم على مستوى الشباب والرياضة في العاصمة اللبنانية، إذ ستكون بيروت قبلة القطاع الحيوي على مدى ستة أشهر، تحت عنوان "بيروت عاصمة الشباب العربي للعام 2023"، على وقع مشاركة قياسية مقارنة بالنسخ الستة السابقة.
فعاليات من شأنها ان تعيد الحيوية الشبابية والرياضية الى المدن اللبنانية، وبالتالي بقعة ضوء في ظل الظلام الدامس الذي يلق البلد نتيجة لأزماته المتتالية منذ تشرين الأول عام 2019، حيث من المؤكد ان ينعكس هذا الحدث إيجابياً على نواح عديدة من القطاعات مثل السياحسة والشبابية والاجتماعية وحتماً السياسية.
وأطلقت وزارة الشباب والرياضة في حفل حاشد اقيم برعاية رئيس مجلس الوزراء في حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، في فندق هيلتون حبتور، فعاليات "بيروت عاصمة الشباب العربي"، التي تستمر حتى نهاية العام الجاري.
والى ممثل رئيس الحكومة، وزير الشباب والرياضة الدكتور جورج كلّاس، حضر الحفل رئيس المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الشباب والرياضة العرب وزير الشباب والرياضة المصري الدكتور اشرف صبحي، ونائبا الرئيس وزير الشباب والرياضة العراقي احمد المبرقع ووزير الشباب والرياضة الاردني الدكتور محمد سلامة النابلسي، والامين العام المساعد لجامعة الدول العربية الدكتورة هيفاء ابو غزالة، وحشد من مدراء ووكلاء وزارات الشباب والرياضة العرب.
وحضر الحفل أيضاً، الوزيران موريس سليم وعباس الحاج حسن والوزيرة السابقة فارتينيه اوهانيان والنواب سيمون ابي رميا ووضاح الصادق وفادي علامة والياس حنكش وعدد من المدراء العامين وممثلي القوى الامنية وحشد من الضيوف ورجال الاعلام.
ومثّلت السيدة ايتي هيغنز منظمة اليونيسف، الى حضور عدد كبير من ممثلي المنظمات الدولية ومؤسسات الامم المتحدة والمجتمع المدني والاتحادات الشبابية والكشفية.
وحضر الحفل كذلك، 60 شابة وشاب يمثلون 16 دولة عربية يشاركون في المنتدى العربي للتمكين الاقتصادي والاجتماعي.
بدأ الحفل الذي قدّمه الشابان شروق محيدله ويورغو نيسي، بالنشيد الوطني اللبناني الذي أنشدته مجموعة من الشابات والشباب من ذوي الاحتياجات الخاصة من "Special Olympics" على وقع عزف الموهبة اللبنانية ايليو الهاشم، وعرض فيديو عن روزنامة الانشطة المقررة حتى نهاية العام.
بعدها، عُرض الجزء الاول من فيلم بعنوان "مستقبل لبنان". وتحدثت الدكتورة هيفاء ابو غزالة بإسم الامين العام لجامعة الدول العربية وقالت "رغم كل الصعاب والمحن التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، إلا أنه أبى أن يستسلم واختار الصمود ومواجهة التحديات. واليوم تفتح بيروت ذراعيها وقلبها لاحتضان الشباب المشارك من أرجاء الوطن العربي في فعاليات بيروت عاصمة الشباب العربي".
وأضافت "لا يفوتني الإشادة ببرنامج الفعاليات، والذي تم وضعه بعناية ليتوافق مع أهداف مشروع عاصمة الشباب ويغطي جوانب متنوعة من اهتمامات الشباب العربي، كما أنه لم يغفل احتياجات الشابات العربيات، حيث تم تخصيص نشاط لهذا الغرض، هو ملتقى حركة المرشدات والعالم الافتراضي .. معاً لتمكين القائدة العربية".
وجرى عرض فيديو يلخص مسيرة المدير العام السابق لوزارة الشباب والرياضة زيد خيامي، وتكريمه من قبل الدكتور جورج كلاس والدكتور اشرف صبحي، فالقى كلمة شكر فيها الوفاء والأوفياء.
وبإسم مجلس وزراء الشباب والرياضة العرب، تحدث رئيس مكتبه التنفيذي الدكتور اشرف صبحي فقال فيها "أعبر لكم عن سعادتى الغامرة بتواجدى معكم اليوم فى مناسبة انتقال عاصمة الشباب العربي وتسليم الراية بين الأشقاء، تلك المناسبة التى أضحت تقليداً عربياً فريداً أرسى قواعده وشكل معالمه مجلس وزراء الشباب والرياضة العرب من خلال انتقال عاصمة للشباب العربي من دولة إلى أخرى، لتصبح تلك المناسبة أحد أهم الشواهد على الترابط والعمل العربي المشترك".
وقال "ان اختيار بيروت عاصمة للشباب العربي ما هى إلا ثقة من جميع البلدان العربية فى أن بيروت ستمثل إضافة حقيقية وعلامة مضيئة على طريق العمل العربي المشترك وتقديم الأداء المتميز من حيث التخطيط والإعداد والتنفيذ لكافة أنشطة ومشروعات وفعاليات "بيروت عاصمة الشباب العربي".
ورأى الوزير كلاس في كلمته "حضوركم بيننا هو فعلُ إيمان وثقة بلبنان، وبادرةُ محبة تجاه اجياله الشابة، الناظرة الى الغد بثقةِ المتطلِّعِ الى بناء الجسور بين الاجيال العربية، تعرُّفاً وتعارُفاً وتفاعلاً واعداً بتمايزاتٍ تؤكِّدُ ان نوعية مجتمعاتنا الشبابية هي بتنوُّعها وبتكاملها، لتشكل أيقونة موزايكية، لكلِّ دُرَّةٍ فيها موقعُها وفنَّيتُها وجماليتُها، وكلنا مسؤولون عن فنِّ التصميم والترصيع والتركيب، لنجَوهرَ ماساتنا الشابة ونرصُفَها وننزِلَها عقداً، واسطتُهُ القِيَم و قِلادَتُهُ الفرادة".
وتابع كلاس "لبنان السلام ولبنان الازدهار ولبنان الفكر ولبنان النهضة ولبنان السياحة ولبنان الحضارة باقٍ في العقول راسِخٍ في التاريخ، فاعلٍ في ألحاضر وإنْ قسا، متفاعلٍ مع الظروف وإِنْ تَجبَّرَتْ، حسبنا اننا أزليون سرمديون، مؤبَّدون في قلوبكم .. لبنانا وطنٌ للحياة و الكرامة، ورفعةِ الرأس بكم وشمخَة العزِّ بوجودكم وان يتفاعل الشباب العرب واقعاً وفعلاً مع شباب لبنان، ويتعرفوا على هذا البلد ويتأسسوا على حبه، جيلاً يُحدِّث وجيلاً يتذكر وجيلاً يتخيل انه في لبنان، فزورونا ولا تتخيلونا".
وقال كلاس "قبل اعلان بيروت عاصمة للشباب ألعرب 2023، كانت المنامة والرباط والكويت فالقاهرة وتونس وبغداد. انه قرار مقدّر من وزراء الشباب والرياضة العرب وجامعة الدول العربية، وهبةٌ معتبرة من الدولة العراقية للنهوض بهذه الاحتفالية، التي لن تكتمل دائرة فرحها الاَّ بوقفةِ مَجدٍ تحيةً لشباب فلسطين وتبرُّكاً من روحانياتِ القدس .. وسؤال ببروت : متى تكون القُدسُ او غزَّة عاصمة للشباب العرب؟".
وعُرضت كلمة لراعي الحفل الرئيس نجيب ميقاتي الذي قال في "عادة ما أبدأ بعبارة أهلا وسهلاً بالضيوف الكرام، ولكن اعتقد انكم في وطنكم، في بلدكم، ولستم بضيوف، أنتم أهل الدار ونحن الضيوف".
وأضاف الرئيس ميقاتي "بيروت سعيدة جداً اليوم باحتضان هذا اللقاء الهام الذي يجمع اكثر من سبعمائة شاب من مختلف الدول العربية والمناطق اللبنانية، له معاني كثيرة وأهمها جمع الشمل، وهذا ما نحتاج اليه على كل الاصعدة، فشكراً لجامعة الدول العربية لمساعدتنا في اقامة هذا اللقاء، وأخص بالذكر مجلس وزراء الشباب والرياضة العرب، وأشكر ايضاً بالذات دولة العراق الشقيق على مساعدتها ودعمها لانعقاد هذا النشاط".
وسيكون برنامج "اكتشف لبنان" الذي سينظمه الاتحاد اللبناني لبيوت الشباب الحدث الثاني من 15 حتى 20 آب المقبل، يليه ملتقى حركة المرشدات والعالم الافتراضي "معاً لتمكين القائدة العربية" من تنظيم الاتحاد اللبناني للمرشدات والدليلات من 14 حتى 18 أيلول 2023.
النشاط الرابع سيكون ملتقى الشباب الكشفي العربي "العروبة تجمعنا" من تنظيم اتحاد كشاف لبنان من 6 إلى 8 تشرين الأول، ومن ثم المُلتقى العربي السادس للسياحة الشبابية: حوار - تفاعل - اكتشاف من تنظيم الاتحاد اللبناني لبيوت الشباب بين 26-30 تشرين الأول، يليه برلمان الشباب العربي ستنظمه وزارة الشباب والرياضة 15-19 تشرين الثاني، ليكون الختام مع جائزة بيروت للتطوع من تنظيم الاتحاد العربي للتطوع 13-17 كانون الأول 2023.
واستقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، وفداً من وزراء الشباب والرياضة العرب، برئاسة الوزير المصري أشرف صبحي. واكد بري امام الوفد ان " لبنان إما أن يكون بلد العرب أو لا يكون". وأضاف "لا يمكن أن يكون هناك جرح في أي بلد عربي إلا ونشعر به في لبنان"، معتبراً أن "أكبر جرح في الجسد العربي هو الجرح الفلسطيني النازف في الضفة والقدس وقطاع غزة".