طوت الصحافة اللبنانية ولا سيما بشقها الرياضي صفحة مضيئة مع رحيل أحد روادها وعمالقتها يوسف برجاوي أبو فراس بعد صراع طويل مع المرض عن عمر ناهز 75 عاماً.
قد لا يخال أي متصفح لجريدة أو خبر رياضي عدم وجود "أبو فراس" بعد اليوم، فهو من الرعيل الأول للإعلام الرياضي اللبناني الى جانب ناصيف مجدلاني وخليل نحاس وغازي ميقاتي وبهيج حمدان وغيرهم، حينها خلع قفاز حارس المرمى ليحمل القلم، ثم كان مؤسساً للقسم الرياضي في جريدة السفير وترأسه حتى إقفال الصحيفة عام 2017، ولطالما ردد في آخر أيامه "لا يهمني الموت فهو قدر محتوم، لكنني مت في اليوم الذي أقفلت فيه السفير".
حاضر في كل محفل!
برجاوي ابن بلدة السكسكية الجنوبية أبصر النور في 21 آذار 1948، وهو متزوج من السيدة وداد ناصر وأب لفراس وزينة وعلي.
مارس الرياضة لاعباً في كرة القدم والكرة الطائرة، ساهم في نهضة الرياضة اللبنانية قبل الحرب الأهلية وبعدها عندما انتخب عضواً في الاتحاد اللبناني لكرة القدم وكان مديراً للمنتخب الوطني عام 2000 في كأس آسيا التي احتضنها لبنان، كما نقل الخبر والصورة اللبنانية من كل أصقاع الأرض وفي كل المحافل الدولية بتغطيته دورة الألعاب الأولمبية في عشر نسخ وكذلك نهائيات كأس العالم في عشر نسخ أيضاً، وقد كرمه الاتحاد الدولي في مونديال قطر الأخير، فضلاً عن مئات الأحداث الدولية حتى أطلق عليه "سفير الرياضة اللبنانية والعربية في كل المحافل العالمية" فضلاً عن تسميته عميداً للإعلام الرياضي العربي.
ولم تكن متابعة الأخبار السياسية تستهويه، إذ دائماً كان يبدي "القرف" منها، رغم قربه من العديد من أصحاب القرار في لبنان من رؤساء ووزراء ونواب ومدراء وغيرهم، لكنه لم يهمل أي مهمة حيث نقل عنه مرة ناشر السفير طلال سلمان أن يوسف عمل مراسلاً حربياً حيث غطى إحدى عمليات خطف طائرة إسرائيلية واحتجاز ركابها طلباً للإفراج عن مجموعات من الفدائيين الفلسطينيين من سجون الاحتلال.
وينقل الزملاء الذين عملوا مع برجاوي في "السفير" أنه كان الأكثر نشاطاً حيث يأتي الى مكتبه في الطابق الثالث في مبنى الجريدة في شارع الحمرا قبل الجميع ويترك المبنى آخرهم مع صدور العدد.
أوسمة وتكريم
أعطى الصحافة الرياضية عمره، وحظي بأوسمة وتكريم في كل المحافل كان أهمها من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي قلده وسام الاستحقاق اللبناني الفضي، تقديراً لخدماته في الإعلام الرياضي، قبل مغادرة عون القصر الجمهوري في الخريف الفائت.
وحاز الوسام البرونزي من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم 2007، المخصص لمن خدموا في اتحادات بلادهم مدة 15 سنة، كما نال دروعاً تكريمية من الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية والاتحادين الآسيوي والعربي للصحافة الرياضية، ووزارات الشباب والرياضة في لبنان ومصر وتونس والمغرب، وهو أول لبناني وعربي في تاريخ الإعلام الرياضي اللبناني والعربي ينال وسام اللجنة الأولمبية الدولية والـ"فيفا" لمن غطوا عشر دورات أولمبية وكأس عالم، حتى بات الإعلامي العربي الأكثر مشاركة في الأحداث الرياضية الدولية، وكرّمه الاتحاد الآسيوي للصحافة الرياضية كواحد من أساطير الرياضة في حفل أقيم في افتتاح الكونغرس الـ85 للاتحاد الدولي للصحافة الرياضية في العاصمة الكورية سيول، بحضور ممثلي 71 دولة قبل أشهر قليلة.
وبرجاوي كان عضواً في جمعية المحررين الرياضيين اللبنانيين منذ العام 1973، نائباً للرئيس العام 2000، وصولاً إلى الرئاسة في العام 2014 ثم رئيساً للهيئة التأسيسية لجمعية الإعلاميين الرياضيين اللبنانيين 2017 فرئيساً فخرياً، وعضواً مؤسساً للاتحاد الآسيوي للصحافة الرياضية في بانكوك 1978. وأمين الصندوق (2013 ـ 2017)، وعضو المكتب التنفيذي للاتحاد العربي للصحافة الرياضية من العام 1994 حتى العام 2000، ونائب رئيس الرابطة العربية للصحافة الرياضية منذ العام 2006.
إرث لا ينضب
ونعى رئيس الاتحاد اللبناني لكرة القدم المهندس هاشم حيدر برجاوي قائلاً "رحيل الأحباء يوجع، فكيف إذا كان رحيلاً قاسياً لرجل بمنزلة أبو فراس الذي جهد طوال عمره في سبيل الإصلاح الرياضي والمجتمع اللبناني".
وتابع "فراق أبا فراس مرّ، فالموت حق وقدر محتوم، إنما يعزينا تركه إرثاً كبيراً لا ينضب، فضلاً عن صفحات وصور لا تعد جمعتنا وإيّاه في كتاب الحياة ودفتر الذكريات".
وأردف "يوسف قامة رياضية متوهجة طوال ستة عقود، لم تخفت يوماً، وهجها لفح كل الميادين والمحافل، حتى بات بصمة دائمة في كؤوس العالم وأهم البطولات"، وتابع "جمعتنا به محطات كثيرة كان مقداماً في خدمة لبنان ورياضته، وشرساً في الدفاع عن حقوق الرياضيين من أبناء جلدته، ومرجعاً في أهم الهيئات والاتحادات"، وختم "باسمي، وباسم الاتحاد اللبناني لكرة القدم، نتقدّم من عائلتك وأقاربك بأحرّ التعازي وأصدق مشاعر الرجاء سائلين الله أن يتغمدّك بواسع الرحمة والغفران وأن يلهم عائلتك الصغيرة ومحبّيك وعارفيك الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون".