تعود عجلة منافسات "فورمولا 1" للدوران بعد توقف لمدة شهر مع جائزة أذربيجان الكبرى، الجولة الرابعة من بطولة العالم، والتي تقام في شوارع باكو، على وقع هيمنة مطلقة لفريق ريد بُل وسائقه حامل اللقب في العامين الماضيين الهولندي ماكس فيرستابن.
يصل ريد بُل إلى أذربيجان مع جرعة ثقة إضافية اكتسبها من سيطرته على السباقات الثلاثة الأولى، ففاز فيها جميعها بعد انطلاقه من المركز الأول، كما حقق ثنائية المركزين الأول والثاني مرتين (في البحرين والسعودية)، وأضاف إلى هذه الأرقام أسرع لفة في السباق مرتين.
قدّمت الحظيرة النمسوية عرضاً مشوقاً في الجولة الثالثة في ملبورن، فحافظ فيرستابن على هدوئه مع بداية السباق، وصد لاحقاً محاولات منافسه سائق مرسيدس البريطاني لويس هاميلتون، بطل العالم سبع مرات، وابتعد عن الحوادث الدرامية التي أدت إلى اشهار العلم الأحمر 3 مرات، في حين تقدم زميله المكسيكي سيرخيو بيريز من قاع الترتيب للمركز الخامس، منتزعاً في طريقه أسرع لفة.
أشاد مدير ريد بُل الإنكليزي كريستيان هورنر بـ "صبر فيرستابن" في عدم التورط في معركة مع مرسيدس في البداية، من دون أن ينزعج من سرعة "السهم الفضي".
وباحرازه سباقي البحرين وأوستراليا، يتفوّق فيرستابن على بيريز، الفائز في السعودية، بفارق 15 نقطة في صدارة ترتيب السائقين (69 مقابل 54)، فيما يحتل الإسباني المخضرم فرناندو ألونسو، سائق أستون مارتن، المركز الثالث متأخراً بفارق تسع نقاط عن المكسيكي.
ورغم فوز الهولندي في شوارع باكو العام الماضي، إلا انه لن يأخذ أي شيء كأمر مسلم، حيث ما زالت راسخة في ذهنه صورة انثقاب اطار سيارته عندما كان في الصدارة قبل 5 لفات من نهاية سباق 2021 ليضطر للانسحاب ويعود المركز الاول لزميله بيريز.
إعادة احياء مرسيدس؟
في المقابل، لم تكن بداية مرسيدس سيئة، فهاميلتون، الفائز في أذربيجان عام 2018، حلّ خامساً مرّتين، قبل أن ينتفض في أوستراليا منهياً السباق ثانياً، ما منح الصانع الألماني فسحة أمل بقدرته على التخلص، وأخيراً، من مشاكل الموثوقية التي رافقت السيارة.
ومع فوز يتيم العام الماضي حققه جورج راسل في البرازيل، استهل الفريق العام الحالي في البحرين مع "أحد أسوأ الأيام في السباقات". إلاّ أن تطور أداء السيارة خلال سباق جدة شجّع الفريق على بذل المزيد، في حين كان راسل "يطير" في ملبورن أيضًا قبل أن تتعطل المجموعة الدافعة (المحرك) في سيارته.
أصرّ مدير الفريق النمسوي توتو وولف على عدم وجود "رصاصة سحرية" لتحويل سيارة عانت منذ تصميمها الاول العام الماضي من مشكلة الارتجاجات بالتزامن مع التغيير الحاصل في القوانين التقنية. كما أقرّ النمسوي أنهم باتوا يفهمون السيارة بشكل أفضل بكثير.
قال وولف: "لقد حددنا اتجاها واضحاً حيث نحتاج إلى الذهاب، وأعتقد أننا نسير على المسار الصحيح".
أوقات صعبة لفيراري
وبمواجهة ريد بُل ومرسيدس، يمرّ فيراري بأوقات صعبة حيث يعتقد مدير الحظيرة الإيطالية الوافد الجديد الفرنسي فريديريك فاسّور أن هناك "مساحة كبيرة لتطوير السيارة"، في حين يأمل سائقا الفريق شارل لوكلير من موناكو والإسباني وكارلوس ساينز أن تتطابق تصريحات المدير مع أرض الواقع.
وبعد انسحابه مرتين ووصوله سابعاً في جدة، تحسّر لوكلير على "أسوأ بداية للموسم على الإطلاق"، بينما غادر ساينز أوستراليا مع عقوبة زمنية أدت إلى خروجه من جدول النقاط بعدما كان رابعاً.
أدت هذه النتائج السيئة إلى تراجع أعرق فريق في البطولة العالمية خلف الثلاثي ريد بُل وأستون مارتن ومرسيدس في ترتيب الصانعين.
قال فاسور الذي رحّب بالتطويرات المنتظرة لسباق ميامي (الجولة الخامسة في 7 أيار المقبل)، إنه يشعر "أننا نتحرك في الاتجاه الصحيح". ولكن يتوجب على الفرنسي بداية أن ينسى خيبات فريقه في باكو منذ عام 2016 التي لم تثبت أنها "أرض صيد سعيدة" للسكوديريا، مع ثلاث منصات تتويج فقط وانسحاب السيارتين معاً العام الماضي.
نظام جديد لسباقات السبرينت
وكان الاتحاد الدولي للسيارات "فيا" أعلن أن جائزة أذربيجان الكبرى ستشهد نظاماً جديداً لسباقات السبرينت (القصيرة) مع مزيد من التجارب التأهيلية مقابل تقليص عدد التجارب الحرة، بهدف زيادة عنصري الاستعراض والمخاطرة على الحلبة.
ووفقاً للنظام الجديد، لن يشارك السائقون سوى في فترة تجارب حرة واحدة خلال نهاية عطلة الأسبوع (الجمعة)، تليها فترة أولى "كلاسيكية" للتجارب التأهيلية بعد الظهر لتحديد مراكز الانطلاق خلال سباق الاحد.
وسيتم تخصيص السبت لسباق السبرينت، على أن يخوض السائقون فترة ثانية من التجارب التأهيلية سيطلق عليها تسمية "سبرينت شوت آوت"، وفقاً للنظام نفسه لتجارب الجمعة ولكن أقصر، على أن تحدد ترتيب انطلاق سباق السبرينت المقام في اليوم نفسه.
في المقابل، لم يتم تغيير جدول منح النقاط في نهاية سباق السبرينت، حيث سيحرز أول 8 سائقين فقط نقاطاً ضمن جدول ترتيب البطولة العالمية.
تمتلك حلبة باكو أطول خط مستقيم (2.2 كلم) على طول بحر قزوين حيث تصل سرعة السيارات إلى 350 كيلومتراً في الساعة، قبل أن تضطر لتخفيف سرعتها للدخول عبر بوابة المدينة المتعرجة التي تعود للقرون الوسطى.
تؤكّد الأرقام على صعوبة سباق باكو الذي شهد تتويج 6 سائقين مختلفين في النسخ الست للجائزة التي انطلقت عام 2017.