سيبقى تاريخ 17 شباط محفوراً في ذاكرة لاعبة كرة المضرب الأوكرانية أنهيلينا كالينينا، لأنه اليوم الذي تركت فيه منزلها في كييف، معتقدة بأنها ستعود إليه قريباً.
سافرت ابنة الـ25 عاماً إلى الدوحة من أجل خوض التمارين، كما كانت تفعل عادة بين فترة وأخرى عندما تسمح لها روزنامة دورات رابطة المحترفات "دبليو تي آي".
لكن هذه المرة كانت مختلفة، فبعد 7 أيام اجتاحت روسيا جارتها أوكرانيا وحرمت كالينينا العودة إلى منزلها ورؤية عائلتها منذ حينها.
قالت المصنفة 36 عالمياً لوكالة "فرانس برس" على هامش مشاركتها في بطولة رولان غاروس الفرنسية، ثانية البطولات الأربع الكبرى: "غادرت مثل أي شخص عاقل".
لكنها لم تكن تدرك بأنها ستعيش في الأشهر الثلاثة التالية في ترحال بصحبة حقيبة، متنقلة من فندق إلى آخر، تسافر من الخليج إلى الولايات المتحدة ومن بعدها العودة إلى أوروبا.
بالتأكيد "إنه شعور مروع. أنا اتنقل وحسب من دورة إلى دورة، من فندق إلى فندق. ليس لدي مكان دائم أمكث فيه"، مضيفةً: "كنت أعيش وأتدرب في كييف. كنت أذهب إلى هناك كل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع وأمضي أسبوعين هناك عندما أستطيع".
"لا أستطيع أن أتخيل كيف يبدو الأمر"
لكن "الآن، نقفز من بلد إلى آخر. نعم، إنه أمر مروع".
في منزلها في كييف، ما زالت والدتها ووالدها وشقيقها البالغ من العمر 18 عاماً على قيد الحياة، وقد نجا منزلها من الصواريخ الروسية وفق ما كشفت، موضحة: "تضرر مكان والديّ قليلاً، ومنزل عمي دُمر بالكامل. لا أستطيع أن أتخيل كيف يبدو الأمر. أخي يبلغ من العمر 18 عاماً فقط، ولا يمكنني أن اشرح ما يمر به".
أصبحت كرة المضرب هدفها الوحيد والطريقة الوحيدة لكي تشغل نفسها بشيء بعيد عن هول الحرب، الذي تعيشه بلادها منذ الغزو الروسي المستمر حتى الآن والذي انتقل تركيزه حالياً على الاستيلاء الكامل على دونباس، الحوض الصناعي الذي يسيطر عليه جزئياً انفصاليون موالون لروسيا منذ 2014، بعد فشله في الاستيلاء على كييف وخاركيف.
وصلت الأوكرانية الى ربع نهائي دورتي تشارلستون ومدريد بعدما تخطت في طريقها ثلاث لاعبات متوجات بألقاب كبرى، هن الأميركية سلون ستيفنز والإسبانية غاربينيي موغوروزا والبريطانية إيما رادوكانو، ما سمح لها في أن تشق طريقها إلى نادي الأربعين الأوليات في تصنيف رابطة المحترفات.
لكن لم يحصل كل ذلك من دون ثمن وفق ما أقرت بالقول: "لم أستطع استعادة طاقتي وشعوري كان سيئاً في بعض الأحيان. لقد أرهقت عضلاتي".
كان الانسحاب القسري من دورتي روما وستراسبورغ فرصة لها لكي تمكث في مكان واحد لأكثر من أيام معدودة لأول مرة في غضون ثلاثة أشهر، وفق ما أفادت موضحة: "لقد تمكنا من قضاء الأسبوع السابق لبطولة فرنسا المفتوحة في باريس، لكن لا يمكنك مقارنة ذلك بالوقت الذي تقضيه في المنزل مع العائلة والمكان الذي تعيش فيه دائماً".
تابعت: "لم يسبق لي أن عشت خارج البلاد، لكني أعلم أنه ليس لدي خيار. الجميع يعاني".
"متى سأعود إلى المنزل مجدداً؟"
ولن يكون بإمكان الأوكرانية التي لم يسبق لها أن أحرزت أي لقب على الصعيد الاحترافي فيما شكلت دورة بودابست العام الماضي ظهورها الأول في نهائي إحدى دورات "دبليو تي آي"، أن تمكث طويلاً في باريس، إذ ستعود الى الترحال مجدداً بعد خروجها الخميس من منافسات الفردي والزوجي على السواء في بطولة رولان غاروس.
أن تتلقى أربع هزائم هذا الموسم على يد لاعبة واحدة هي الأميركية جيسيكا بيغولا لم يكن بالأمر السهل، لكنها قاتلت الخميس بشراسة قبل أن تودع من الدور الثاني بخسارتها 1-6 و5-7 و4-6.
والآن، ستكون دورة سهرتوخنبوس الهولندية المحطة التالية في ترحالها المتواصل قبل أن تسافر مع صديقتها الحقيبة إلى لندن لخوض بطولة ويمبلدون، ثالثة البطولات الكبرى، ومن بعدها إلى أميركا الشمالية لخوض موسم الملاعب الصلبة.
ويبقى أن "كل يوم أسأل نفسي السؤال: متى سأعود إلى المنزل مجدداً؟، لكنني لا أرى أي فرصة الآن".