أدانت محكمة في البرتغال المقرصن روي بينتو بسبب تسريبات "فوتبول ليكس" التي كشف فيها عن تعاملات مشكوك بها في كرة القدم الدولية، وحكمت عليه بالسجن لمدة أربعة أعوام مع وقف التنفيذ.
وأدين بينتو (34 عاما) بخمس تهم تتعلق بـ"الوصول غير المشروع" الى أنظمة تكنولوجيا المعلوماتية وثلاث تهم تتعلق بـ"انتهاكات المراسلات"، الى جانب محاولة ابتزاز صندوق "دواين سبورتس" الاستثماري.
وقالت رئيسة المحكمة مارغريدا ألفيش في بداية ملخص الحكم الذي قرأته أمام محكمة لشبونة، إنه "في الأساس، تعتبر الحقائق الموصوفة (في لائحة الاتهام، مذكرة المحرر) مثبتة"، معتبرة أن "حرية الإعلام لا تبرر انتهاك الخصوصية".
وظهر بينتو حراً في قاعة المحكمة، واضعاً قناعاً طبياً على وجهه وبمظهره المعتاد مع قميصه الأزرق الداكن والجينز والحذاء الرياضي.
وفي ما يتعلق بتهمة محاولة الابتزاز "لم يكن لدى المحكمة أدنى شك. لقد ثبت بوضوح أنه (بينتو) يريد الحصول على المال"، وفق ما أفادت القاضية ألفيش.
وحسب لائحة التهم، أراد البرتغالي ابتزاز رئيس صندوق "دواين سبورتس"، مواطنه نيليو لوكاس، من خلال المطالبة بمبلغ يتراوح بين 500 ألف ومليون يورو للتوقف عن نشر الوثائق المشبوهة.
وواجه بينتو ما مجموعه 89 تهمة تتعلق بجرائم القرصنة التي مكنته من الحصول على الوثائق المشبوهة والتي بدأ بتسريبها في أواخر عام 2015.
وعلى مدى الأعوام الثلاثة التالية، كشف بينتو النقاب عن 18.6 مليون وثيقة على الإنترنت تم نشرها على صفحات مجموعة من الصحف الأوروبية، التي أبرزت التفاصيل.
بينتو، المتهم والشاهد المحمي في النظام القضائي في بلاده، قام بفضح الكثير من العاملين في الكرة العالمية، لكنه اعترف أمام القضاء بارتكاب عمليات اختراق الكترونية غير قانونية للحصول على ملايين الوثائق.
وقد سلطت هذه الوثائق الضوء على ممارسات مشكوك فيها تتعلق باللاعبين النجوم والأندية والوكلاء والتي ادّت في ما بعد الى تحقيقات قضائية وتعديلات ضريبية في العديد من البلدان.
وقام بينتو بنشر رواتب بعض النجوم الكبار على غرار الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرازيلي نيمار إلى اتهام البرتغالي كريستيانو رونالدو بالاغتصاب، كلها مواضيع جوبهت بالنفي، بما في ذلك استراتيجيات التحايل على اللعب المالي النظيف في مانشستر سيتي الانكليزي أو التنميط العرقي في باريس سان جيرمان الفرنسي.
وقال بينتو في افتتاح محاكمته في أيلول 2020: "لقد شعرت بالغضب مما اكتشفته وقرّرت نشره على الملأ"، مضيفاً أن "فوتبول ليكس" كانت "مدعاة للفخر وليس العار".
تهم جديدة
وبات بينتو، مسؤولاً عن 89 عملاً من أعمال القرصنة التي تتراوح بين انتهاكات المراسلات وسرقة البيانات المرتكبة ضد نادي سبورتنغ البرتغالي، صندوق "دواين سبورتس"، الاتحاد البرتغالي لكرة القدم، مكتب محاماة كبير وحتى قضاة مكتب المدعي العام البرتغالي.
وتقدّم صندوق "دواين سبورتس" الذي يقع مقرّه في مالطا وتسيطر عليه عائلة من الأوليغارشيين الكازاخستانيين الأتراك، بشكوى الى الشرطة البرتغالية بحق بينتو، وهو في الأصل من منطقة بورتو (شمال).
ويعود سبب التأجيل الأخير لموعد الحكم إلى أن الشاب الثلاثيني كان سيستفيد من العفو الذي منحته الحكومة البرتغالية بمناسبة زيارة البابا الفرنسيس للمشاركة في الأيام العالمية للشباب في لشبونة في بداية آب.
الا انّ الحكم الذي صدر الاثنين بالسجن لأربعة أعوام مع وقف التنفيذ، لن ينهي مشاكله مع العدالة البرتغالية، حيث أعد الادعاء أخيراً لائحة اتهام جديدة تتهمه بارتكاب 377 جريمة اختراق جديدة، يُزعم أنه ارتكبها بين عامي 2016 و2019 ضد حوالى 70 شخصاً أو شركة أو مؤسسة.
وأوقف بينتو في المجر وسُلِّم الى البرتغال قبل أكثر من سنة.
وأدت تسريبات "فوتبول ليكس" الى فتح اجراءات قضائية في فرنسا، اسبانيا، بلجيكا وسويسرا، ولا تزال حتى اليوم مصدر التسريب الاهم لكواليس كرة القدم.
واستناداً للمعلومات التي حصلت عليها تلك الدول، أطلق القضاء حملة واسعة ضد ابرز الاندية في البرتغال ووكيل اللاعبين الخارق جورج منديش، مع عشرات عمليات التفتيش والاتهامات بسبب الاشتباه في تهرب ضريبي في موعد انتقالات اللاعبين.
"غباء كبير"
وكانت تسريبات "فوتبول ليكس" قد كشفت عن نظام التهرب الضريبي المتبع في عالم كرة القدم، وخصوصا في قضية رونالدو عندما كان يدافع عن ألوان نادي ريال مدريد الاسباني.
وفي تشرين الثاني 2018، أشارت تسريبات إلى فضائح طالت فريقي باريس سان جيرمان ومانشستر سيتي بشأن مخالفتهما قوانين اللعب المالي النظيف بغطاء من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا)، ورئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) السويسري جياني إنفانتينو حيث حامت الشكوك حول وجود "صداقة مريبة" تجمع بينه والمدعي العام لمنطقة هو-فاليه السويسرية رينالدو أرنولد.
وفي شباط 2020، أقصى الاتحاد الاوروبي لكرة القدم مانشستر سيتي عن المشاركة في مسابقاته القارية لمدة موسمين وغرّمه بثلاثين مليون يورو "بسبب مخالفات جدية لقواعد اللعب المالي النظيف"، بعد تحقيق أجراه اثر تسريبات "فوتبول ليكس". واستأنف حامل لقب الدوري الانكليزي قرار ايقافه أمام محكمة التحكيم الرياضي.
كما ادعى بينتو سابقاً انه وراء "لواندا ليكس"، وهو تسريب لنحو 715 ألف وثيقة تورط المليارديرة الانغولية ايزابيل دوس سانتوس، نجلة الرئيس السابق جوزيه ادواردو دوس سانتوس.
كما أعرب عن أسفه لسلوكه تجاه صندوق "دواين سبورتس" ورئيسه، ووصفه بـ "الغباء الكبير" وأكد أنه لم يكن ينوي أبدًا الاستمرار في ابتزازه.