في قطر، يمكن رؤية العلم الفلسطيني في كل مكان رغم عدم تأهّل المنتخب الفلسطيني للمونديال، في محاولة من كثيرين لتسليط الضوء على القضية الفلسطينية في أول مونديال يُنظّم بدولة عربية.
في المقابل، يتجنّب إسرائيليون إظهار ما يدلّ على هويتهم خلال تواجدهم في دولة لا تقيم علاقات دبلوماسية مع بلدهم بناء على نصيحة من السلطات الإسرائيلية، بينما يجد الإعلام الإسرائيلي صعوبة في التواصل مع المشجعين العرب على الأرض.
وبات الكثير من المشجعين العرب يتأكّدون من هوية المحطات التي تطلب منهم الظهور على شاشاتها قبل الموافقة على الحديث، رافضين إجراء مقابلات مع وسائل إعلام إسرائيلية.
ورفض مشجع سعودي في نهاية الأسبوع في منطقة للمشجّعين في الدوحة، الردّ على سؤال لمراسل قناة "كان" الإسرائيلية مواف فاردي، وصاح فيه بالإنكليزية: "ليس هناك إسرائيل، هناك فلسطين فقط"، وتابع: "ليس مرحباً بك هنا".
وقال فاردي لـ"فرانس برس": "نجد صعوبة بالغة في العمل هنا"، لكنه أضاف "الأمر مفهوم". وقد حاز مقطع فيديو التقطه صحافي في وكالة "فرانس برس" للمشادة أكثر من خمسة ملايين مشاهدة في "تويتر".
وأعرب مراسلون إسرائيليون عن دهشتهم من أنّ عددا ممن رفضوا الحديث معهم ينتمون لدول عربية وقّعت بالفعل اتفاقات تطبيع مع إسرائيل.
ويشار إلى أنّ أكثر من 250 ألف فلسطيني يعيشون في قطر التي تعدّ نحو ثلاثة ملايين نسمة، بحسب إحصاءات رسمية. وفيما يضع مشجعو الدول المشاركة أعلام بلادهم على أكتفاهم، يطغى العلم الفلسطيني الذي يحمله عشرات الفلسطينيين والقطريين والعرب، وهو أبرز علم لدولة غائبة عن النهائيات.
ويلوّح مشجّعون قطريون بأعلام بلادهم والأعلام الفلسطينية من نوافذ سيارتهم الفارهة، فيما تبثّ أغنية "علّي الكوفية" الفلسطينية الحماسية بانتظام في مناطق المشجعين. كما وضع قطريون شارة عليها رسم الكوفية على أذرعتهم خلال مباراة ألمانيا واليابان.
وقال الفلسطيني يحيى أبو هنتش (33 عاماً)، الموظف في القطاع الطبي وهو يرتدي قميص قطر ويرفع العلم الفلسطيني، إنّ البطولة: "فرصة لنا لتعريف العالم بقضيتنا، خصوصاً أن العالم أصبح أكثر اهتماماً بقضايا أخرى".
وتابع الأب، الذي كان مع ابنه الذي وضع الكوفية الفلسطينية في طريقهما للقاء البرازيل وصربيا لوكالة "فرانس برس": "بعض الأجانب لا يعرفون العلم الفلسطيني ويسألوننا عنه. وهنا تأتي فرصتنا الذهبية للتعريف بقضيتنا".
الحاضر الغائب
قبل أكثر من عقدين، سمحت قطر لإسرائيل بفتح مكتب تمثيل تجاري في الدوحة لكنّها أغلقته بعد الانتفاضة الفلسطينية. وتنتقد الدوحة التي تستضيف مسؤولين في حركة حماس، اتفاقات التطبيع التي وقعتها إسرائيل مع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان.
لكن قطر وإسرائيل توصّلتا إلى اتّفاق موقت مؤخراً تسيّر بموجبه رحلات جوية مباشرة لنقل مشجّعين إسرائيليين وفلسطينيين لحضور مونديال 2022، عبر شركة طيران قبرصية.
بين المشجّعين الإسرائيليين الذين اتوا الى الدوحة حاييم (57 عاما) الذي قال إنّه يحضر "رابع كأس عالم، لكنها المرة الأولى التي أضطر فيها لعدم حمل علم إسرائيل معي". وتابع الرجل الذي وصل من تل أبيب رفقة ابنيه "أشعر أنني أتابع كأس العالم بالخفاء. الأجواء عدائية نحونا".
لكن باستثناء رفض التحدث مع الإعلام الإسرائيلي، لم تسجّل أي حوادث ضد إسرائيليين خلال تواجدهم في قطر.
وبحسب الدبلوماسي الإسرائيلي ألون ليفي المكلّف رعاية المشجّعين الإسرائيليين بقطر، يوجد "عشرات المشجعين الإسرائيليين في الدوحة"، متوقّعاً توافد ما يصل إلى 10 آلاف آخرين، إضافة إلى "سبعة أطقم إعلامية" إسرائيلية.
واشترطت الدوحة السماح للمشجّعين الفلسطينيين بالسفر على متن الرحلات الجوية من مطار بن غوريون، قبل التوصل إلى الاتفاق.
غير أنّ ممثلا للشركة السياحية التي تبيع تذاكر رحلات شركة "تاس" القبرصية بين تل أبيب والدوحة، قال إنّه لم يكن هناك أي فلسطيني على متن أول رحلتين، كون الفلسطينيون الراغبون بالسفر لم يحصلوا على موافقات بالوقت المحدد لذلك، لكنّه رجّح وجود فلسطينيين على متن رحلة الثلثاء.
في المقابل، أكّد مسؤول دبلوماسي فلسطيني فضّل عدم ذكر اسمه لـ"فرانس برس" أن "لا أحد كلّمنا ولا نسّق معنا بخصوص الاتفاق. عرفنا الخبر من التلفزيون".
ويرى فلسطينيون أن البطولة المقامة للمرة الأولى في دولة عربية هي فرصة ذهبية بالفعل لتعريف العالم بقضيتهم.
وقالت مدربة اللياقة البدنية الفلسطينية إيمان جرجاوي، التي وضعت علم بلادها حول كتفيها: "فلسطين ليست موجودة بالبطولة لكنّنا نجعلها موجودة بالعلم وبالكوفية وبالأغاني. هي الغائب الحاضر".