أيقظت مجازر دولة الاحتلال الاسرائيلي ضد الفلسطينيين مشاعر الملايين حول العالم، وبينهم نجوم كرة القدم العرب الذين يعدّون محرك أساسي للرأي العام ولا سيما في أوروبا، إنما أندية القارة العجوز تعمم سياسة الكيل بمكيالين على غرار الاتحادات المحلية، فيسمح للاعبين بالتضامن مع أوكرانيا مثلاً ويحرّم عليهم التضامن مع أطفال غزة والمدنيين في الأراضي المحتلة.
ملحمة "طوفان الأقصى" كشفت القناع عن توجهات الرياضة في دول الغرب وكيفية تطويعها لأجندات معادية للحريات، إذ ثارت ثائرتهم ضد لاعبين ينشطون في صفوفهم ويدافعون عن ألوانهم، بمجرد إعلانهم الدعم الكامل للقضية الفلسطينية ضد العدوان الإسرائيلي المستمر.
انكشف الوجه القبيح لأندية أوروبا، التي تستعين بأقدام العرب للعب في صفوفها وقيادتها الى الألقاب، كما أن العديد من هذه الأندية تعيش على الاستثمارات العربية.
الأمثلة كثيرة، وأظهر الفرنسي كريم بنزيمة مهاجم اتحاد جدة السعودي دعمه الكامل للفلسطينيين وما يواجهونه من قصف واعتداء من الكيان الصهيوني. ونشر بنزيما تغريدة عبر حسابه على منصة "إكس"، جاء فيها: "كل صلواتنا من أجل سكان غزة الذين يقعون مرة أخرى ضحايا لهذا القصف الظالم الذي لا يستثني النساء ولا الأطفال".
تغريدة "الحكومة" لاقت إمتعاضاً عارماً في فرنسا، الذي دافع عن ألوانها لسنوات طويلة، كما تم ابعاده لفترة بسبب مشكلة مع زميله السابق ماثيو فالبوينا، إلا أن دعم اللاعب الجزائري الأصل لفلسطين لاقى ردود فعل سلبية، إذ قام وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمنيان، ، باتهام بنزيمة بالانتماء إلى جماعات إرهابية. وأوضح الوزير "كريم بنزيمة لديه علاقات ذات سمعة سيئة، وكما يعرف الجميع هو مرتبط بعلاقات مع الاخوان المسلمين". ليس هذا فحسب، بل يدرس أيضًا البرلمان الفرنسي سحب الجنسية الفرنسية من بنزيمة نتيجة دعمه القضية الفلسطينية.
ودعت فاليري بوير، عضو مجلس الشيوخ الفرنسي، إلى إسقاط الجنسية الفرنسية عن نجم ريال مدريد السابق وكذلك سحب الكرة الذهبية منه، في حالة إثبات ادعاءات دارمانين.
ولا بد من الإشارة الى أن غالبية لاعبي المنتخب الفرنسي من أصول افريقية أو مغاربية ومعظمهم مسلمين، وقد تؤدي هاتين الحالتين الى تأجيج غضب اللاعبين لاحقاً.
قبل سنوات قليلة، عانى بنزيمة من هجمات عنصرية في الإعلام الفرنسي، "لكونه من أصول جزائرية" ولا سيما مع صعود اليمين المتطرف حيث مورست ضد اللاعب ضغوطات عنصريَّة، وهو ما أكده أسطورة مانشستر سيتي وفرنسا إيريك كانتونا، حين صرح وقتها لـ"الغارديان" البريطانية قائلاً: إن "كريم بنزيما وحاتم بن عرفة هما أفضلُ لاعبَين فرنسيَّين، لكنهما لن يلعبا في يورو 2016.. من المؤكد أن هذا راجع لأصولهما المغاربيَّة".
واحتفى الجميع ببنزيمة اثر فوزه بالكرة الذهبية العام الماضي، وفي مقدمهم الرئيس إيمانويل ماكرون، وكأنهم لم ينتقدوه قبلها "فهم يحتفون بالرياضيين إذا فازوا كفرنسيين وإذا أخفقوا يهاجمونهم كجزائريين".
وأوقف نادي نيس الفرنسي مدافعه الجزائري يوسف عطال "حتى إشعار آخر" على خلفية مقطع فيديو نشره على حسابه الخاص في مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تحقيق قضائي أولي بتهمة "الدفاع عن الارهاب" و"معاداة السامية" في ظل التصعيد بين اسرائيل وحركة حماس.
ورغم انّ الدولي الجزائري سارع الى حذف المنشور والاعتذار، أوضح النادي في بيان صحافي أنه اختار معاقبته قبل تلك التي قد تصدر من قبل السلطات الرياضية أو القضائية "نظراً لطبيعة المنشور وخطورته".
واستدعي عطال الذي كان مع منتخب بلاده منذ التاسع من تشرين الاول وهي الفترة التي نشر فيها المنشور المثير للجدل، فور عودته إلى نيس من قبل مسؤولي النادي الذين تحدثوا معه.
وأوضح النادي "نود التأكيد على أن سمعة ووحدة نادي نيس تعتمد على سلوك جميع موظفيه الذين يجب أن يكونوا متوافقين مع القيم التي تدافع عنها المؤسسة"، مؤكدًا "التزامه الراسخ بشأن انتصار السلام على كل الاعتبارات الأخرى".
ومنذ السبت الماضي، ارتفعت الأصوات، بينها لرئيس بلدية نيس للتنديد بمقطع الفيديو الذي نشره عطال ويظهر فيه داعية وهو يدلي، حسب ما زعم، بعبارات معادية للسامية وتدعو إلى العنف قبل ان يقوم بحذفه ويقدم اعتذاره.
وبدأ الادعاء الفرنسي الاثنين تحقيقا أوليا مع عطال بتهم "الدفاع عن الإرهاب".
ولجأ الاتحاد الفرنسي الى مجلس الأخلاقيات التابع له للنظر بما نشره المدافع الجزائري من "دعوات الى العنف"، وذلك وفق ما أفاد الأحد رئيسه.
المدافع الدولي المغربي نصير مزراوي عانى الأمر عينه، بعدما أبدى لاعب بايرن ميونيخ الألماني دعمه الكامل للقضية الفلسطينية ضد الأحداث المؤسفة التي يشهدها قطاع غزة.
ونشر نصير مزراوي مقطع فيديو عبر حسابه الشخصي على "انستاغرام"، يحتوي على دعاء لنصر أهالي غزة، حيث ظهر علم فلسطين وهو يرفرف، مصحوبة بتعليق منه "آمين".
وبناءً عليه، أصدر نادي بايرن ميونخ بيانًا رسميًا عاجلًا، أكد خلاله أنه سيتم إجراء محادثة شخصية مفصلة مع اللاعب بعد دعمه لأهالي فلسطين في حربهم ضد الكيان الصهيوني.
ويضم الفريق البافاري في صفوفه أيضاً حارس منتخب اسرائيل دانييل بيريتس.
وأبدى اللاعب الهولندي أنور الغازي، ذو الأصول المغربية، لاعب ماينز الألماني، دعمه القضية الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، بنشره بيانًا عبر خاصية "ستوري" في حسابه على "انستاغرام"، قائلًا: " هذه ليست حربًا، عندما يقطع طرفا المياه والطعام والكهرباء على طرف آخر فهذه ليست بالحرب". وتابع: "عندما يمتلك طرفا أسلحة نووية ونشر معلومات مضللة فهذه ليست بالحرب".
واختتم أنور الغازي بيانه الداعم، قائلًا: "هذا ليس صراعا وهذه ليست حربًا.. هذه إبادة عرقية ونحن نشاهدها تحدث مباشرة.. من البحر إلى النهر فلسطين ستكون حرة".
وكان هذا البيان غير متوقعًا بالنسبة لإدارة نادي ماينز الألماني، التي لم تتحمل ذلك، ليكون رد النادي قاسيًا للغاية، حيث أعلن إيقاف اللاعب أنور الغازي، وإعفائه من مهامه التدريبية والمتعلقة بأيام المباريات، تمهيدًا لفسخ تعاقده خلال الأيام المقبلة.