جذبت الاحداث الدائرة في فلسطين، والحرب الهمجية والوحشية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة ومدنييه، أنظار العالم وتعاطفه، من خلال مسيرات مليونية حاشدة تتضامن مع القضية المركزية العربية، ضد احتلال يمارس وحشيته طوال 75 وسبعين سنة، ولم تخلف جماهير كرة القدم الميعاد ولا سيما في أوروبا، إذ انتشرت فيها بضراوةمظاهر التعاطف مع غزة.
جماهير سيلتك الاسكتلندي كانت سبّاقة برفع آلاف الأعلام الفلسطينية في ملعبها، مع لافتات مكتوب عليها عبارات داعمة للشعب والمقاومة في غزة، وذلك رغم تحذير الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وتهديده بفرض عقوبات رادعة على كل من سيحاول إظهار أي نوع من أنواع الدعم لكل ما هو فلسطيني.
وتحدى جمهور ريال سوسييداد الباسكي تهديد الاتحاد الإسباني، عندما قام عشرات الآلاف برفع العلم الفلسطيني في مباراة الفريق أمام ريال مايوركا، وحظي مقطع الفيديو الذي ظهر فيه بعض جماهير فريق سوسيداد قبيل انطلاق مباراته في دوري أبطال أوروبا أمام بنفيكا البرتغالي، وهم يرتدون ملابس بيضاء ملطخة بالدماء، بانتشار لافت عبر مواقع التواصل الاجتماعي في المنطقة العربية، حيث عدّه متابعون "رسالة تضامنية مهمة ومبتكرة مع ضحايا القصف الإسرائيلي العنيف في غزة".
وسبقتها جماهير أوساسونا التي كانت سباقة بالتنديد والاعتراض على جرائم جيش الاحتلال في حق الأطفال والنساء والشيوخ في القطاع المحاصر منذ أكثر من عقد ونصف العقد من الزمن، الى درجة أن ثورة غضب جمهور أوساسونا، تسببت في بقاء اللاعب الصهيوني في غرناطة، وعدم مشاركته في المباراة، بناء على توصيات من السلطات الإسبانية، بعد منشوراته الاستفزازية في فترة الهذيان في أعقاب عملية "طوفان الأقصى"، التي قامت بها فصائل المقاومة في السابع من تشرين الأول الماضي.
وفيما تحذر اتحادات دول أوروبية من رفع أعلام فلسطين أو إسرائيل في المدرجات، على غرار الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم، فإن ثمة جماهير لم تلتزم بالقرار مثلما حدث في استاد أنفيلد معقل نادي ليفربول أخيراً، خصوصاً بعد نشر نجم الفريق محمد صلاح مقطع فيديو أعلن فيه تضامنه مع الشعب الفلسطيني والدعوة إلى "وقف إراقة الدماء" الشهر الماضي، كما شهدت الملاعب الأوروبية خلال الأيام الماضية حوادث اقتحام للملاعب من قبل مشجعين يحملون الأعلام الفلسطينية.
ويرى خبراء أن المشجعين الغربيين خصوصاً في بريطانيا وإسبانيا على درجة كبيرة من الوعي بالقوانين، فهم مدركون أن القوانين لا تمنع دعمهم لأي فئة، وبالتالي يعدون أن لديهم الحق في دعم أي دولة. وقد عدّ ظهور جماهير "ريال سوسيداد" بالأكفان الملطخة بالدماء رسالة قوية تسلط الضوء على ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من حرب إبادة جماعية، لافتاً إلى "صدى هذه الأشكال الاحتجاجية غربياً". ويعد مشجعو فرق إقليم الباسك في إسبانيا ومن بينهم فريق "ريال سوسيداد" بمدينة سان سيباستيان، من أبرز المشجعين المساندين للفلسطينيين على مدار سنوات طويلة. بالإضافة إلى فرق الأندلس ومن بينها غرناطة وإشبيلية وقادش من الأندية الداعمة لفلسطين، وذلك عكس مشجعي قطبي الكرة الإسبانية ريال مدريد وبرشلونة الذين لا يظهرون في الأغلب دعمهم للشعب الفلسطيني، خصوصاً نادي برشلونة ذا الهوى الإسرائيلي الذي ظهر بعض مشجعيه قبل اندلاع الحرب بسنوات في مدرجات استاد كامب نو وهم يحملون الأعلام الإسرائيلية.
يشار إلى أن اتحاد الكرة الألماني أعلن تضامنه منذ البداية مع الجانب الإسرائيلي، حيث حذّر من التعاطف مع الفلسطينيين، كما فسخ فريق ماينز الألماني تعاقده مع لاعب الهولندي ذي أصول مغربية أنور الغازي بسبب منشوراته المتضامنة مع فلسطين، وهو ما تكرر مع اللاعب الدولي المغربي نصير مزراوي، إذ فسخ فريق بايرن ميونخ تعاقده مع اللاعب للسبب نفسه، وهو ما يعلق عليه أبو الليل قائلاً: "ألمانيا معروفة بدعمها الكبير لإسرائيل سياسياً وعسكرياً وبالتالي سينعكس ذلك على كرة القدم، فقد منعت بشكل قاطع المظاهرات الداعمة للغزيين وأوقفت النشطاء".