حقّق المدرب البرتغالي جوزيه بيسيرو نجاحاً باهراً مع المنتخب النيجيري لكرة القدم بقيادته إلى المباراة النهائية لكأس الأمم الأفريقية لكرة القدم، حيث سيلاقي ساحل العاج المضيفة، غداً الأحد، في أبيدجان في سعيه إلى اللقب الرابع في تاريخه، بعدما كان قاب قوسين أو أدنى من الإقالة قبل شهرين بسبب غياب الإمكانيات المادية للاتحاد المحلي لدفع تعويضاته.
من النادر أن يقاوم مدرب للمنتخب النيجيري مثل هذه البداية. عند وصوله في أيار 2022، خسر البرتغالي خمسًا من مبارياته السبع الأولى. ثم سقط بعد ذلك في فخ التعادل في مباراتيه الافتتاحيتين للتصفيات الأفريقية المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2026 في تشرين الثاني الماضي أمام منافسين في المتناول هما ليسوتو وزمبابوي (بنتيجة واحدة 1-1).
قال رئيس الاتحاد النيجيري نسي إيسيان في تشرين الثاني الماضي: "إذا كان لدينا المال (لدفع تعويضاته)، فسنكون مستعدين لإقالته من منصبه، نحن لسنا سعداء".
واصل بيسيرو إعداد فريقه، حيث بدأ قبل كأس الأمم الأفريقية مباشرة بحارس مرمى غير معروف هو ستانلي نوابالي الذي خاض مباراة دولية واحدة في عام 2021 واهتزت شباكه أربع مرات في مباراة دولية ودية ضد المكسيك (0-4). لكن عمله أتى بثماره في النهاية.
يعلل المدير الفني البرتغالي إنجازه على رأس "النسور الممتازة" في العرس القاري بقوله عقب الفوز على جنوب أفريقيا 4-2 بركلات الترجيح (الوقتان الاصلي والاضافي 1-1) في نصف النهائي: "حتى الآن، خسرت نيجيريا مباراة رسمية واحدة فقط (0-1 في في غينيا بيساو ضمن تصفيات كأس الأمم الأفريقية الحالية في 24 آذار الماضي)، مباراة كان من الممكن أن نفوز بها بنتيجة 5 أو 6 أهداف مقابل 1، لكن الناس يتحدثون معي مراراً وتكراراً عن هذه المباراة".
"منع الهواتف النقالة"
لدى بيسيرو أيضًا نظرية حول المباريات الودية الإعدادية التي خسرتها نيجيريا. يقول: "لتقييم اللاعبين، واجه منتخبنا الوطني منتخبات كبيرة في مباريات دولية ودية، المكسيك (1-2)، الإكوادور (0-1)، الجزائر (1-2)، البرتغال (0-4)، وخارج قواعدنا!".
يضيف: "المنتخبات الأخرى لا تواجه مثل هذه المنتخبات القوية، وتفوز عليها، على أرضها".
وفي الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان في القارة السمراء والتي تضم أكثر من 210 ملايين مدرب محتمل، فإن دور المدرب الوطني معرض للانتقادات بشكل كبير. عندما يفشل منتخب "النسور الممتازة" في الفوز، يظهر السؤال "هل ستستقيل؟" غالبًا في بداية المؤتمرات الصحافية بعد المباراة.
واجه الألماني بيرتي فوغتس صعوبة في التعود على هذا التعامل في نسخة 2008 في غانا.
كما تعرّض بيسيرو لانتقادات في الصحافة المحلية بسبب أساليبه، خصوصاً عندما يحرم لاعبيه من الهواتف المحمولة.
يصرّ المدرب، الذي قاد سبورتنغ الى المباراة النهائية لمسابقة كأس الاتحاد الأوروبي عام 2005: "قد أشعر بالغضب إذا لم يتم اتباع القواعد، لكن لأن الفريق يكون أقوى أذا طبَّق القواعد".
يؤكد: "وبالنسبة للهواتف، لا، لا يمكننا أن نأخذها معنا إلى الملعب. ولكن يمكنهم الحصول عليها في الصباح".
يوضح بيسيرو أنه فقط حذّر لاعبيه من الإفراط في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي.
"الوصول إلى ضمائرهم"
ويردف قائلاً: "إذا تحدثوا عنك بشكل جيد، يمكنك أن تنتشي، وإذا تحدثوا عنك بشكل سيئ، يمكنك أن تدفن نفسك".
يتابع: "أنا مدرب ديموقراطي، أحاول فقط أن أكون المدرب الرئيس، لقد كنت لاعبًا، وليس على مستوى (أولا) آينا (المدافع الجالس بجواره في المؤتمر الصحافي قبل مباراة نصف النهائي)، وفي ذلك الوقت كان المدرب يقول: "+افعل هذا+، كنت أفعل ذلك".
يعتبر آينا، مدافع نوتنغهام فوريست الانكليزي، أن المدرب "قاس معنا عند الضرورة، لكنه يعوّل علينا، ويبدو لي أن المسألة متوازنة وأنه يقودنا في الاتجاه الصحيح".
يتابع بيسيرو (63 عاماً): "لكن الأمر مختلف الآن، يجب على المدرب أن يتقاسم فلسفته. بالتأكيد أنه في كل مرّة أكون أنا من يقرّر، ولكن إذا اخترت أفضل نظام لعب، فأنا بحاجة إلى فهم ما إذا كان لاعبو فريقي مرتاحين له أم لا".
يؤكد مبتسماً: "أعقد اجتماعات، اجتماعات جماعية، فردية، وأسألهم عن رأيهم في المباراة، وقواعدنا... بالطبع لا أسألهم أبدًا من يجب أن يلعب...".
يردف بيسيرو الذي درّب في السعودية، الإمارات ومصر: "أحاول أن أصل إلى ضمائرهم. أحاول ألا أدربهم فقط بل أحاول أن أتحدّث معهم. لأنك تعتقد أنهم يعرفون، لكنهم أطفال (يضحك)! عندما كنت في الخامسة والعشرين من عمري كنت مثلهم، ولم ألعب على هذا المستوى".