أدى الإعلان في إسبانيا الجمعة عن إلغاء الجائزة الوطنية لمصارعة الثيران إلى إعادة إحياء النقاش في شأن هذا النوع من الأنشطة، وإلى منازلة على الحلبة السياسية بين الحكومة اليسارية والمعارضة اليمينية.
وقال وزير الثقافة إرنست أورتاسون لتلفزيون "لا سيكستا": "لم يبدُ لنا مناسباً الحفاظ على جائزة تكافئ شكلاً من أشكال إساءة معاملة الحيوانات"، مشيراً إلى أن "غالبية الإسبان يشعرون بقلق متزايد" في شأن احترام الحيوانات.
وعلّلَ الوزير المنتمي إلى حزب "سومار" اليساري المتطرف عدم الإبقاء على هذه الجائزة بأن "هذه الأشكال من تعذيب الحيوانات تكافأ بميداليات" وبمبالغ من "المال العام".
وسارع "الحزب الشعبي" اليميني، وهو الطرف الرئيسي في المعارضة، إلى التعهد بإعادة هذه الجائزة في حال تولى السلطة مجدداً.
ورأى رئيس الكتلة النيابية للحزب ميغيل تيلادو أن "مصارعة الثيران نشاط جزء من ثقافة الإسبان ومن تقاليدهم، وهو جزء من هويتهم كشعب".
يعد الطابع الثقافي لمصارعة الثيران موضوع نقاش حيوي في إسبانيا بين منتقدي مصارعة الثيران والمدافعين عنها.
لكنّ الطابع الثقافي لمصارعة الثيران يثير جدلاً حاداً في إسبانيا.
وقد أدرجته حكومة مُحافِظَة عام 2013 في قائمة "التراث الثقافي غير المادي" لإسبانيا.
وعلى هذا الأساس، تمنح وزارة الثقافة منذ 2013 هذه الجائزة الوطنية، على غرار الجوائز التي تمنحها في مجالات الأدب والشعر. وسبق لعدد من مصارعي الثيران المشهورين أن نالوا هذه الجائزة التي تبلغ قيمتها 30 يورو.
إلا أن قسماً من اليسار الإسباني يرفض إسباغ الطابع الثقافي على مصارعة الثيران. واتخذت حكومة بيدرو سانشيز، بدفع من أقصى اليسار، قراراً عام 2021 باستبعاد مصارعة الثيران من الدعم المالي الثقافي الذي توفره للشباب.
لكنّ أوساط مصارعة الثيران، بدعم من اليمين، توصلت إلى فسخ هذا القرار في القضاء.
وأعلنت حكومات إقليمية عدة الجمعة استحداث جوائز خاصة بها لمصارعة الثيران.
ونددت كبرى جمعيات القطاع في بيان مشترك بقرار الحكومة الذي رأت فيه "إهانة لأهم نشاط اقتصادي ثقافي" في إسبانيا وللقانون الصادر عام 2013 الذي يُلزم الدولة "حماية مصارعة الثيران وتشجيعها". وطالبت هذه المنظمات بـ"استقالة" وزير الثقافة.
وفي المقابل، رحبت جمعيات الرفق بالحيوان بالقرار، معتبرةً أنه يمثل "خطوة في مكافحة مصارعة الثيران المثيرة للجدل".
ومع أن أبرز مصارعي الثيران يُعدّون من المشاهير في إسبانيا، تُظهر استطلاعات الرأي تراجعاً في الاهتمام بهذا النشاط وخصوصاً في صفوف الشباب.
وبيّنت أحدث الأرقام الصادرة عن وزارة الثقافة أن 1,9 فحسب من الإسبان حضروا مصارعة ثيران خلال موسم 2021-2022.
وحظرت منطقة كاتالونيا (شمال شرق إسبانيا) مصارعة الثيران عام 2010، لكنّ المحكمة الدستورية فسخت هذا القرار في نهاية عام 2016.
كذلك قرر أرخبيل الباليار حظر قتل الثيران، لكنّ المحكمة نفسها فسخت قراره عام 2018.
وتُعدّ جزر الكناري المنطقة الوحيدة في إسبانيا التي أصبح قرار حظر مصارعة الثيران نافذاً فيها منذ عام 1991.