بعد خروجه من نصف نهائي مسابقة دوري أبطال أوروبا في كرة القدم، الثلثاء، على يد بوروسيا دورتموند الألماني، سيركز باريس سان جيرمان الفرنسي من الآن على الاستعداد لحقبة ما بعد نجمه كيليان مبابي، وهو مشروع ضخم بهدف الفوز أخيراً باللقب الذي لم ينجح حتى الآن في الظفر به.
بعد الإقصاء من ثمن النهائي خلال النسختين السابقتين، فإن هذا الخروج الجديد، هذه المرة في الدور نصف النهائي ضد خصم في متناول يده، يمثل خيبة أمل جديدة لباريس سان جيرمان الذي لم يتمكن بعد من تفادي هذا المصير في المسابقة القارية العريقة.
لكن هذا الإقصاء في هذه المرحلة من المنافسة وفي ضوء موسم مع مدرب جديد وفلسفة لعب جديدة وفريق متجدد لن يعتبر بالضرورة فشلاً.
أكد المسؤولون القطريون، المهووسون بلقب دوري أبطال أوروبا منذ امتلاكهم النادي عام 2011، وكرروا منذ الصيف الماضي أن مسابقة دوري أبطال أوروبا لم يكن هدف موسم 2023-24، وتحدثوا بدلاً من ذلك عن فترة "انتقالية".
لكن القرعة التي كانت رحيمة بهم (ريال سوسيداد الإسباني، مواطنه برشلونة، بوروسيا دورتموند من ثمن النهائي إلى دور الأربعة)، والنتائج الجيدة التي حصل عليها المدرب إنريكي (27 مباراة دون هزيمة حتى خسارتي ذهاب ربع النهائي أمام برشلونة ونصف النهائي أمام دورتموند) والهدوء الذي ظهر خلال المباريات جعل الأهداف تتطور نحو الأعلى.
كما كرر إنريكي أنه "يستعد للموسم المقبل"، من دون مبابي، وأن فريقه سيكون بالتأكيد "أفضل بكثير" في موسم 2024-2025.
فمنذ أن أبلغ قائد المنتخب الفرنسي مسؤولي النادي رحيله عن باريس سان جيرمان في نهاية الموسم، دأب المدرب الإسباني على استبداله بشكل منتظم خلال المباريات أو وضعه على مقاعد البدلاء.
حتى لو أن باريس سان جيرمان لا يزال في طريقه إلى تحقيق الثنائية المحلية (الدوري الذي توج به سلفا والكأس المحلية حيث سيلاقي ليون في المباراة النهائية)، فإن المسؤولين والجهاز الفني لديهم الآن متسع من الوقت للتطلع إلى موسم 2024-2025.
داخلياً، يكررون منذ أشهر: باريس لم ينتظر تأكيد رحيل مبابي لاستكشاف المستقبل.
في الواقع، كان مسؤولو باريس سان جيرمان يعملون بجد ويجهدون أدمغتهم منذ أن تلقوا خطاب المهاجم الصيف الماضي والذي حذرهم من رغبته في عدم تفعيل بند التمديد في عقده.
في الحقيقة، المعادلة معقدة بالنسبة للنادي: كيليان مبابي، الموعود لريال مدريد، هو نجم عالمي يتمتع بهالة وكفاءة لا يمكن تعويضها، وهو "أصل" تجاري ورياضي سعى النادي إلى ترسيخه بجعله جسراً ذهبياً تلو الآخر منذ انضمامه إلى صفوفه في عام 2017.
على الجانب المالي والتقييمي للنادي، لا داعي للذعر، مع وصول صندوق الاستثمار الأميركي "أركتوس" في كانون الأول الماضي والذي استحوذ على 12.5٪ من رأس المال مقابل حوالي 530 مليون يورو.
إنريكي "يملك المفاتيح"
من الناحية الرياضية، كان الجواب الأول من خلال تعيين إنريكي، شعار الإستراتيجية الجديدة التي من المفترض أن تعطي الأولوية للجماعية على النجوم.
بين عامي 2011، عندما أصبح الصندوق السيادي القطري مالكاً لباريس سان جيرمان، و2023، صرح مصدر داخل النادي في بداية الموسم: "كان علينا وضع جميع أسس المشروع، ووضع باريس سان جيرمان كعلامة تجارية على المستوى الدولي بأسماء مثل (الإنكليزي ديفيد) بيكهام، (السويدي زلاتان إبراهيموفيتش)، (الأرجنتيني ليونيل) ميسي".
وأضاف: "الخطوة الثانية هي استخدام هذه القاعدة لبناء شيء يركز فقط على الجانب الرياضي الذي يسعى الى الحصول على المجد الأوروبي".
وتابع المصدر أنه من الآن فصاعداً "الشخص الذي يجسد المشروع بشكل أفضل هو المدرب، فهو يملك المفاتيح ونسخا منها"، موضحاً: "لديه شرعية حقيقية، ومعرفة حقيقية، ويعرف ما يريد".
لكن المواجهتين ضد دورتموند أظهرتا أن الفريق، على الرغم من كونه متحداً، لديه حدوده وأن النادي الذي يهدف إلى الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا لا يمكنه الاستغناء عن خدمات نجم، شخصية بارزة، حتى لو لم يكن اللاعب رقم 7 في أفضل في أفضل حالاته.
هذا هو المعنى الكامل للمسعى الذي بدأه المسؤولون عن التعاقدات في الأشهر الأخيرة. ومع ذلك، فإنها مشلولة بسبب الشك حول مستقبل المدير الرياضي البرتغالي لويس كامبوس، المقرب من مبابي.
وقال إنريكي مؤخراً إنه يأمل أن تتم استشارته: "رأيي واضح وعلني، لقد عملت مع لويس كامبوس منذ الأيام الأولى، أنا سعيد جداً بعلاقتنا الشخصية والمهنية، أود أن أكون معه لسنوات عديدة".
لويس كامبوس: "حر، ويبدو أنه يحب التنقل، مما يضيف القليل من عدم اليقين، ولكن ليس هناك نية من جانب النادي للتخلي عنه، فهو فعال"، هذا ما قاله مصدر مقرب من رئيس النادي ناصر الخليفي. المسألة مهمة في الوقت الذي سيكون من الضروري التنافس مع أفضل الأندية للنجاح في التعاقدات.
أسماء مهاجم نابولي الإيطالي الدولي النيجيري فيكتور أوسيمهين، ولاعب خط الوسط المهاجم لمانشستر سيتي الإنكليزي الدولي البرتغالي برناردو سيلفا، ولاعب وسط برشلونة الإسباني غافي، ولاعب وسط ليون الفرنسي السابق ونيوكاسل الإنكليزي الحالي البرازيلي برونو غيمارايش يتم تداولها منذ عدة أشهر... هناك الكثير من الملفات المعقدة التي لن تجلب بأي حال من الأحوال، بعيداً عن ذلك، التأثير الدولي لمبابي.
ولكن في المركز الأول، هناك وعود: "الصيف سيكون حافلاً، وقد أحرزنا بالفعل تقدماً جيداً".