لطالما جذب نجوم ريال مدريد الأضواء، لكن من يقود السفينة بهدوء نحو النجاح في دوري أبطال أوروبا لكرة القدم مرّة أخرى هو المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي.
في حال تمكّن النادي الملكي من التغلّب على بوروسيا دورتموند الألماني في النهائي السبت على ملعب ويمبلي، سيصبح "ميستر أنشيلوتي" أوّل مدرّب يحرز الكأس صاحبة الأذنين الكبيرتين خمس مرات.
في الأصل، يملك أنشيلوتي الرقم القياسي في تاريخ المسابقة (مع 4 ألقاب)، بعد أن توّج باللقب مرتين مع ميلان الايطالي (2003 و2007) ومرتين مع ريال ايضًا (2014 و2022).
جاء الإنجاز الشخصي للمدرّب الإيطالي بعد فوز صعب على ليفربول الانكليزي في النهائي الذي أقيم في باريس عام 2022، لينجح في تخطي مدرّب ليفربول الانكليزي بوب بايسلي وسلفه في ريال مدريد الفرنسي زين الدين زيدان حيث فاز المدرّبان بثلاثة ألقاب لكل منهما، فأصبح أنشيلوتي "سيّد الأبطال".
كذلك، فاز أنشيلوتي بلقب المسابقة مرّتين كلاعب مع ميلان، لكنّ نجاحاته كمدرّب وضعته في مصاف الأساطير، بالإضافة الى احتفاله الشهير الاخير بارتداء النظارات الشمسية والسيغار في يده.
يُعدّ المدرّب محبوباً جداً لدى لاعبيه، نتيجة للـ"قيادة الهادئة"، وليس من قبيل الصدفة عنوان كتابه.
يعرف أنشيلوتي كيفية الحفاظ على اللاعبين في صفّه ويوجهّهم في الاتجاه الصحيح حتى في اللحظات الصعبة.
مرّ المهاجم البرازيلي رودريغو بفترات صعبة عانى خلالها أمام المرمى للتسجيل هذا الموسم، لكنّ انشيلوتي لم يبخل عليه بالدعم.
قال أنشيلوتي في تشرين الثاني: "هناك أوقات تسجّل فيها في كلّ مرّة تلمس فيها الكرة، وهناك أوقات تسدّد فيها كثيرًا وتفشل".
وتابع: "سوف يتجاوز الأمر، كما حدث مع جميع المهاجمين الآخرين".
كذلك، لم يبدأ مواطن رودريغو، فينيسيوس جونيور الموسم بأفضل حالاته ولكن بتوجيهات أنشيلوتي، وصل إلى أعلى مستوياته في الوقت المثالي.
وقال أنشيلوتي: "إنه عمل أنجز بشكل جيد".
وتابع: "لديه موهبة رائعة أضاف اليها جودة رائعة على التحرك من دون الكرة".
نجح أنشيلوتي من خلال بناء هذا الشعور الدافئ مع لاعبيه في مساعدتهم على قبول قراراته لناحية من يلعب أو لا، إضافة إلى مراكزهم في أرض الملعب.
في أحيان كثيرة، لعب الفرنسي إدواردو كامافينغا في مركز الظهير الأيسر، فيما يلعب مواطنه أوريليان تشواميني كقلب دفاع، من دون امتعاضهما.
ورغم جودته الواضحة من حيث إدارة اللاعبين وقدرته على وضعهم في الوضعية الذهنية المناسبة، إلا أن أنشيلوتي اتخذ أيضًا العديد من القرارات التكتيكية المهمة هذا الموسم.
إنها ناحية من عمله لا تحظى بالتقدير المناسب في بعض الأحيان. فقال أنشيلوتي قبل عام "هذا الفريق مدرّب بشكل جيد" في لحظة نادرة من التمرّد والفخر من المدرّب الذي عادة ما يكون راضياً عن صورته الودية.
ثقة بنسبة 100%
كان القرار الأكبر أمام انشيلوتي في بداية الموسم كيفية استخدام لاعبه الجديد الانكليزي جود بيلينغهام.
استهل لاعب الوسط موسمه كجزء من الهجوم، ولقيت هذه الخطوة نجاحاً منقطع النظير، حيث أحرز بيلينغهام 13 هدفًا في مبارياته الـ 13 الأولى.
ومن ثمّ انتقل لاعب بوروسيا دورتموند الألماني سابقاً ليشغل مركز الجناح الأيسر أو في عمق الوسط.
وقال الدولي الانكليزي هذا الأسبوع "أنا أثق بالمدرّب بنسبة مئة في المئة، وأعلم أنه يعرف ما يفعله في جميع المواقف".
وكان أحد أسباب هذا التحول هو الهزيمة الوحيدة التي مُني بها الفريق الملكي هذا الموسم في أيلول الماضي أمام الجار أتلتيكو مدريد.
عمد أنشيلوتي الى تعديل تشكيلته بعد ذلك، حيث جعل بيلينغهام يقوم بالتغطية الدفاعية بالإضافة إلى دوره في الهجوم. لم يتلقّ ميرينغي أي خسارة في 32 مباراة بعدها في الدوري الإسباني.
قال أنشيلوتي في شباط: "المباريات التي لا يمكنك الفوز بها، لا يجب أن تخسرها".
لم يخسر الفريق الملكي في دوري الأبطال على الاطلاق هذا الموسم، حيث اظهر لاعبوه جاهزية عالية لحسم الأمور في الأوقات الحسّاسة.
حافظ أنشيلوتي على فريقه مندمجًا وعلى درجة عالية من التركيز، وأثمر ذلك نجاحاً. ويمكن الإشارة على سبيل المثال لا الحصر، إلى ثنائية البديل خوسيلو ضد بايرن ميونيخ الالماني في نصف النهائي.
ويبقى أحد الأسئلة القليلة حول التشكيلة الأساسية لريال مدريد قبل المباراة النهائية، يدور حول هوية حارس المرمى.
هل سيختار أنشيلوتي الحارس المخضرم الرائع البلجيكي تيبو كورتوا، العائد من الإصابة، أم بديله الاوكراني أندري لونين الذي لعب دورًا حاسمًا في الطريق إلى ويمبلي.
وقال أنشيلوتي مازحاً "أحب الاستماع إلى النقاش، ليس لدي الكثير لأفعله هذا الأسبوع، لذا فهذا يساعدني على قضاء الوقت".
نادرًا ما يشعر الإيطالي بالارتباك، على الرغم من اعترافه بأنه يشعر عادةً بالتوتر في الساعات التي تسبق نهائي دوري أبطال أوروبا.
وفيما يخوض مباراته النهائية السادسة، يمكنه التنبؤ بثقة عن مسار الأمور "ماذا أحبّ أن آكل؟ البروكولي والسلمون والمعكرونة. هذا ما سأتناوله".
وتابع: "بعد ذلك، ساعة من القيلولة، يبدو ذلك جيدًا، إذا استطعت. بعد ذلك، (ستأتي) كل الأفكار حول المباراة".
وأردف: "ثم قبل الجلسة الكلامية مع الفريق، يبدأ معدل ضربات القلب في الارتفاع. يصل إلى 110، 120 (نبضة في الدقيقة). حتى تبدأ المباراة. وبعد بدء المباراة، يعود إلى إيقاعه الطبيعي".