حظي جناح إسبانيا اليافع لامين جمال بالإشادة بعد هدفه الرائع في مرمى فرنسا حيث بات أصغر لاعب يسجّل هدفاً في تاريخ نهائيات كأس اوروبا، لكن المنتخب الإنكليزي يملك بدوره جوهرة شابة تتمثل بلاعب وسط مانشستر يونايتد كوبي ماينو الذي أظهر نضوجّاً يفوق عمره.
إنضمّ ماينو البالغ من العمر 19 عاماً إلى صفوف "الأسود الثلاثة" للمرّة الأولى في آذار الماضي حيث شارك بديلاً في المباراتين الوديتين أمام البرازيل وبلجيكا واختير أفضل لاعب في الثانية، قبل أن يضمّه مدرّب إنكلترا غاريث ساوثغيت إلى التشكيلة الرسمية المشاركة في النهائيات القارية الحالية في ألمانيا.
لم يكن كثيرون يعتقدون أن ماينو سيحصل على فرصة كبيرة للمشاركة في المباريات بسبب نقص الخبرة لديه وصغر سنه، وبالفعل بدأ البطولة كالخيار الثالث في وسط الملعب بعد أن قام ساوثغيت بتجربة المدافع ترنت ألكسندر أرنولد من دون نجاح، فلجأ إلى كونور غالاغر في المباراة الثالثة ضد سلوفينيا في دور المجموعات وكانت النتيجة مماثلة.
قرّر المدرّب إشراك ماينو في الشوط الثاني في المباراة ذاتها، ليصبح لاعب الوسط الحلّ المثالي حيث ارتقى مستوى المنتخب في الأدوار الإقصائية تدريجياً ليبلغ النهائي حيث يواجه إسبانيا القويّة على الملعب الأولمبي في برلين الأحد.
شارك أساسياً للمرّة الأولى ضد سلوفاكيا في ثمن النهائي وأبلى بلاء حسناً ثم تكرّر السيناريو ضد سويسرا في ربع النهائي، لكنه فرض نفسه نجماً للمباراة ضد هولندا في نصف النهائي لا سيما في الشوط الأول.
أشاد به ساوثغيت بالقول: "أعتقد أن جميع عروضه كانت استثنائية، لا سيما عندما نأخذ في عين الاعتبار صغر سنه".
وتابع: "لم نملك فعلاً لاعباً مثله حتى الآن. الفارق كبير عندما يتمكن لاعبو خط الوسط في تلقي الكرة وسط الضغط فيقومون بالاستدارة بسهولة وتمرير الكرة بإتقان باتجاه زملائهم".
بداية التألق
لعب ماينو دوراً حيوياً في خط وسط إنكلترا الذي قدّم أفضل أداء له في ألمانيا هذا الصيف في مواجهة هولندا في سعيه للفوز بأول لقب كبير له منذ كأس العالم 1966.
أصبح ماينو أصغر لاعب إنكليزي على الإطلاق يلعب في الدور نصف النهائي لبطولة كبرى لدى مواجهته هولندا.
شارك ماينو في أول مباراة رسمية له مع مانشستر يونايتد في الدوري الإنكليزي الممتاز في كانون الثاني 2023 وتألق في المعسكر الاستعدادي لفريقه صيف العام ذاته لكنه تعرض لإصابة ابعدته عن الملاعب نحو ثلاثة اشهر قبل أن يعود ليفرض نفسه اساسياً في تشكيلة مانشستر يونايتد في القسم الثاني من الموسم الذي توجه بإحراز كأس انكلترا في أيار بفضل هدفه في مرمى مانشستر سيتي (2-1).
كرة الصالات صقلت موهبته
يعزو ماينو قدرته البارعة في التعامل مع الكرة إلى ماضيه في ممارسة كرة الصالات، وهي لعبة خماسية على ملعب صغير تتطلّب مستويات عالية من التقنية والمهارة.
ساعد إنكلترا في السيطرة بمواجهة هولندا من خلال الضغط بقوّة على حامل الكرة في كل مرّة حاولوا فيها التقدّم.
واستفادت إنكلترا بقليل من الحظ بعدما سجل تشافي سيمونز هدف التقدم لهولندا في وقت مبكر، عندما حصل قائد "الأسود الثلاثة" هاري كاين على ركلة جزاء أثارت جدلاُ، لكن بعد أن سجلها الأخير بدا تفوّق فريقه واضحاً.
ضابط الإيقاع
فمع سيطرة ماينو على خط الوسط، كان من الصعب على الهولنديين استعادة الكرة، وتفوّقت إنكلترا بالاستحواذ على الكرة قبل أن يسجل لها البديل أولي واتكينز هدف الحسم في الرمق الأخير ليمنح بلاده بطاقة العبور الى النهائي.
علّق ساوثغيت على هذا الأمر بقوله: "أعتقد أنه مر وقت طويل منذ أن استحوذ فريق إنكليزي على 60 في المئة من الكرة في مواجهة فريق من هولندا، أو حتى لا أدري إذا ما حصل هذا الأمر على الإطلاق سابقا".
وتابع: "هذا يُظهر الأسلوب الإنكليزي الحديث وقوّة شخصية المجموعة".
لقد فاجأ الصعود الصاروخي لماينو إلى النجومية بهذه السرعة المقربين منه وقال زميله في مانشستر يونايتد لوك شو قبل مباراة هولندا أن: "نموه مخيف".
أكّد ماينو ذلك في أمسية مليئة بالإثارة في دورتموند دفعته إلى آفاق جديدة، مع انتظار أهم مباراة في مسيرته في برلين الأحد.
ستكون مهمة ماينو صعبة أمام منتخب إسباني يضم في صفوفه إثنين من أفضل لاعبي خط وسط في البطولة حتى الآن وهما قائد لا روخا رودري وفابيان رويز.
لكن ماينو تفوّق على رودري في نهائي كأس إنكلترا قبل شهرين في أيار، عندما سجل هدف الفوز في مرمى كتيبة المدرّب الإسباني بيب غوارديولا.
قد يكون تكرار ذلك مبالغاً فيه، لكن ساوثغيت سيكون سعيداً جداً إذا تمكّن ماينو من تقديم أداء شبه خال من الأخطاء في النهائي كما فعل ضد هولندا.