عندما كان نجم كرة المضرب الإسباني كارلوس ألكاراز يحصل على 3.5 ملايين دولار من فوزه ببطولة ويمبلدون لكرة المضرب، ثالثة البطولات الاربع الكبرى، كان اللاعب اللبناني هادي حبيب على بُعد 5 آلاف كيلومتر، يجني قرابة 1.350 دولار في دورات متواضعة في كندا.
ولكن بعد أسبوعين، وجد حبيب (25 عاماً)، المصنّف 275 عالمياً، نفسه من دون سابق إنذار بمواجهة ألكاراز (21 عاماً) المصنّف ثالثاً عالمياً والفائز بأربعة ألقاب كبرى، في الدور الأول من منافسات كرة المضرب في أولمبياد باريس.
قال اللاعب اللبناني المولود في هيوستن الأميركية حيث تعلّم فنون ضرب الكرة الصفراء وما زال يتمرّن، قبل أن يقرر تمثيل بلده الأم لوكالة "فرانس برس": "شعرت بصدمة عندما سمعت الخبر".
وتابع: "آمل في أن أتمكن من إلهام العديد من الناس في لبنان".
تركته هذه التجربة في حالة من الذهول: "في اليوم الأول الذي وصلت فيه، من الواضح أن كل شيء كان جديداّ بالنسبة لي. لذلك كنت أتجول في ملاعب رولان غاروس تائهاً بعض الشيء، افتح الباب من دون معرفة أين اتجه... عندما دخلت صالة الألعاب الرياضية في اليوم الأوّل، رأيت (الإسباني) رافاييل نادال و(البريطاني) أندي موراي و(الصربي) نوفاك ديوكوفيتش، فقلت لنفسي: يا إلهي، هذا لا بد أن يكون حلماً. لا بد أن يوقظني أحدهم".
كان من المقرر أن يخوض حبيب منافسات الزوجي فقط إلى جانب مواطنه بنجامين حسن المصنف 143 عالمياً والمشارك ببطاقة دعوة، إلاّ أنّ القدر خبأ له مصيراً مغايراً اذ بعد انسحاب العديد من اللاعبين بسبب الإصابة في الفردي، انتقل لخوض غمار هذه الفئة كبديل.
قصة خيالية
قال عندما اكتشف انه سيخوص منافسات الفردي: "في الأصل، كان من المفترض أن ألعب (فقط) في الزوجي مع مواطني بنجامين حسن. الأربعاء، سمعت أنني دخلت كبديل (في الفردي) وأني سألعب ضد كارلوس ألكاراز. لذا كانت خمسة أيام مثيرة للاهتمام بالنسبة لي".
وعندما سُئل عمّا شعر به عند سماعه خبر اختياره للألعاب الأولمبية في باريس، قال: "لقد كانت صدمة. كنت في ملاعب التدريب. تلقيت رسالة عبر البريد الإلكتروني ففوجئت وشعرت بالسعادة في الوقت ذاته. قلت لنفسي: سألعب الزوجي وسأشارك في الأولمبياد مع بنجامين".
وتابع: "الآن ألعب في الفردي. كل هذا حدث بسرعة كبيرة. لقد كان أمراً مذهلاً. يمكن للحياة أن تتغير في لحظة. يمكنك القول إنها قصة خيالية. قادماً من لبنان، هذه الدولة الصغيرة، أن أتمكن من مواجهة مثل هذا اللاعب (ألكاراز) على مسرح كبير. لقد تلقيت الكثير من الدعم من الجميع وكاد هاتفي ينفجر...".
منذ أن تحول إلى عالم الاحتراف في عام 2021 أمضى حبيب معظم مسيرته في خوض دورات "آي تي أف" المتواضعة، ففاز بـ 10 ألقاب في الفردي وبلقبين في الزوجي.
الآن، سيدوّن اسمه في السجلات الأولمبية كأوّل رياضي يمثل لبنان في كرة المضرب: "لقد امتلأت بالعواطف والإثارة والقليل من التوتر... أنا متحمّس للحصول على هذه الفرصة للعب وتمثيل لبنان. كنت سعيداً فقط لكوني أشارك في الأولمبياد، والآن ألعب ضد ألكاراز على (ملعب) سوزان لانغليه. أنا سعيد للغاية ومتحمس ومستعد".
واستطرد: "تمثيل لبنان يعني لي الكثير، فهو مكان خاص بالنسبة لي. فالثقافة هناك مذهلة ووالدي لبناني. لقد مررنا بأوقات عصيبة، لذا فمن الرائع أن نحصل على بعض الأخبار الجيدة للبلاد..".
ولم يخفِ حبيب رغبته في مقابلة نجم كرة السلة الأميركي ستيفن كوري والذي يعشق رؤيته يلعب.