"أمثّل هذا العلم وهذا الشعب والأسرى والجرحى والشهداء..." هكذا اختصر الملاكم الفلسطيني وسيم أبو سل لوكالة "فرانس برس" خسارته لنزاله الأولمبي الأول في مسيرته أمام السويدي نبيل إبراهيم في وزن 57 كلغ.
تابع الملاكم ابن الـ 20 عاماً الذي شارك ببطاقة دعوة وهو يشير بفخر إلى علم بلاده على قميصه: "أنا آسف لاني خسرت اليوم ولكن أعدكم أني سأبقى أتمرن ليلاً ونهاراً للأعوام القادمة، لعام 2028 (أولمبياد لوس أنجلس)، كي أرفع علم فلسطين على منصات التتويج، باذن الله".
وأردف رغم التعب، بعد أن قام على الحلبة بإشارة النصر والمعاناة شابكاً يديه: "أنا موجود هنا ليس فقط لمجرد المشاركة، وطموحي كان احراز ميدالية ولكن هذا ما يحصل في الرياضة. لن أتوقف هنا ومشواري بدأ مرة جديدة مع 4 أعوام جديدة كي أرفع علم فلسطين على منصات التتويج".
كمّل الشغل، كمّل الشغل"
على وقع تصفيق الجماهير دخل أبو سل قاعة "نورث باريس أرينا" حيث خاض أكبر نزال في مسيرته بموازاة الحرب الدائرة في غزة.
استهل الجولة الأولى حذراً وتحرّك لتفادي اللكمات، فيما صدح صوت أحد اعضاء البعثة الفلسطينية من على مسافة قريبة من الحلبة "كمّل الشغل، كمّل الشغل".
أصابت اللكمات أكثر من مرة وجه الملاكم الفلسطيني الذي تخلى عن حذره شيئاً فشيئاً، فصدحت حناجر الجماهير "وسيم، وسيم، وسيم" تشجيعاً له، ودق جرس نهاية الجولة الأولى. انتهت الجولة الثانية بسيناريو مشابه للأولى مع تفوق واضح للملاكم السويدي.
وقع أوّل ملاكم فلسطيني في الأولمبياد أرضاً وهو يحاول توجيه لكمة فصرخت الجماهير بالفرنسية "هيا، هيا"... تابع المدرّب في الجولة الثالثة الأخيرة "يمين، سواعد من تحت، من فوق"، "أيوا صح، التحام.. قول يا رب".
خلالها، أوقع أبو سل منافسه أرضاً بعدما دفعه، فأنذره الحكم. وحين أعلن الحكم النهاية، ارتمى أرضاً مقبلاً الأرض، قبل أن تُعلن خسارته بالنقاط 0-5.
"تستحق فلسطين كل الدعم"
خطف أبو سل الأضواء حتّى قبل أن يصعد إلى الحلبة، حين ارتدى أثناء حفل الافتتاح غير المسبوق على نهر السين الجمعة قميصاً أبيض يظهر طائرات حربية تقصف فوق أطفال يلعبون، وعلى كمها غصن زيتون وكلمة حرية.
كشف رئيس اللجنة الأولمبية الفلسطينية جبريل الرجوب لوكالة "فرانس برس" أن وفد بلاده حصل على موافقة منظّمي الألعاب كي يرتدي حامل العلم الفلسطيني القميص.
قال الصحافي السوداني محمد يعقوب (40 عاماً) الذي جاء لمواكبة منافسات الملاكمة ودعم أبو سل: "تستحق فلسطين منّا كل الدعم والوقوف معها. كنا نتمنى فوز الملاكم أبو سل وإعلاء راية النصر والمضي قدماً حتى أدوار متقدمة، لكن للأسف لم يتحقق ذلك".
لم تشذ كلمات الصحافي الأردني أحمد الملاح الثلاثيني عن يعقوب، اذ قال: "مشاركة فلسطين في الألعاب هي رسالة مهمة جداً بالرغم من المعاناة التي تمر بها في الظروف الحالية. شخصياً انا تابعت الملاكم أبو سل خلال التصفيات العالمية الأولى في إيطاليا".
قبل الاولمبياد، واجه أبو سل تحديات، فمدربه المصري أحمد حرارة كان يقيم في القاهرة ولا يمكنه السفر إلى الضفة الغربية، فأشرف على تدريبه عن بُعد. وغالباً ما يتعيّن على الملاكم الفلسطيني التنافس مع منافسين أكبر حجما وأثقل وزناً منه بسبب نقص شركاء التدريب، ما يصعب عليه مهمة الاستعداد.
قالت ليلى العشرينية المقيمة في باريس والتي قدمت لتشجيع مواطنها: "نحن نعاني كل يوم من أعباء الحرب الدائرة في غزة التي تتعرض لابادة جماعية. مشاركة فلسطين في الألعاب الأولمبية تعني الكثير لنا وهي أفضل فرصة لايصال صوتنا للعالم".