عشرون عاماً منذ أن فاز عداء أميركي بـ"ملك" سباقات السرعة في رياضة أم الألعاب 100 م، وما يقرب من ثلاثين عامًا منذ آخر إنجاز لعداءة أميركية في السباق ذاته... فإن الطموحات بالنسبة إلى منتخب الولايات المتحدة الأميركية واضحة في باريس: استعادة السيطرة على سباق السرعة الأولمبي.
مع انطلاق منافسات ألعاب القوى الجمعة على استاد فرنسا في ضاحية سان دوني، تعوّل الولايات المتحدة على صاروخيها نواه لايلز وشاكاري ريتشاردسون للتألق في الرياضة الأولمبية رقم 1.
الأول هو المرشح الأبرز في سباق 200 م وهو أسرع من أي وقت مضى في سباق 100 م بينما يبدو أن لا شيء قادر على إيقاف الثانية، العازمة على الفوز بالميدالية الذهبية بعد إيقافها المؤلم وحرمانها من أولمبياد طوكيو قبل ثلاثة أعوام بسبب ثبوت تناولها مادة الماريجوانا.
يمكن للايلز، بطل العالم ثلاث مرات في سباقات 100 م و200 م والتتابع اربع مرات 100 م في عام 2023، أن يؤمن بشكل شرعي بحظوظه في ذهبية 200 م، وهو السباق الذي يسيطر عليه منذ ست سنوات، حتى لو أنه فرط في المعدن الأصفر في طوكيو عندما اكتفى بالميدالية البرونزية كونه لم يكن في القمة ذهنياً.
أكد لايلز في مؤتمر صحافي الاثنين: "لم تكن الأمور في الألعاب الأولمبية الأخيرة كما كان مخططا لها، لكن الآن، أخيراً، وصلت إلى الألعاب دون أن أشعر بالاكتئاب، أعلم أنها لن تكون هي نفسها، ستكون أفضل بكثير".
وأضاف بابتسامة خبيثة: "لكي أخسر هذه المرة، يجب أن يكون الآخرون أفضل بكثير. لكن بصراحة، عندما يكون نواه لايلز هنا...".
ومع ذلك، فإن سباق 100 م يعد بأن يكون مفتوحاً جداً بتواجد الجامايكي كيشان تومسون ومواطنه أوبليك سيفيل أو حتى الكيني فرديناند أومانيالا.
وقال لايلز، البالغ من العمر 27 عاماً، بثقة كبيرة: "بالطبع أنا أسرع رجل في العالم"، مضيفاً: "الجميع يعلم أن هذا اللقب يعود إلى بطل العالم في سباق 100 م، وأنا بطل العالم، وإلى البطل الأولمبي الذي سأصبح كذلك قريبًا".
فشل الأميركيون في التتويج باللقب الأولمبي في سباق 100 م في عهد الأسطورة الجامايكي أوساين بولت (2008 في بيجين، 2012 في لندن، 2016 في ريو دي جانيرو)، وتعود المرة الأخيرة التي ظفر عداؤو الولايات المتحدة باللقب الأولمبي إلى عام 2004 في اثينا عندما حققه جاستن غاتلين.
وفي عام 2021، عادت الذهبية إلى مفاجأة الجميع الإيطالي مارسيل جاكوبس الذي سيدافع عن لقبه في باريس.
ريتشاردسون لا تقهر؟
في مشاركتها الأولى في دورة الألعاب الأولمبية، تبحث شاكاري ريتشاردسون أيضاً عن الذهب في سباق 100 م، وهو اللقب الذي استعصى على الأميركيات منذ عام 1996 وتتويج غايل ديفرز في أتلانتا.
في عام 2021، لم تترك ملكات سباق السرعة الجامايكيات، إيلاين تومسون-هيراه، في الصدارة متقدمة على شيلي-آن فرايزر-برايس وشيريكا جاكسون، أي فرصة للمنافسة.
ولم يعد السياق هو نفسه بعد ثلاث سنوات. بطلة العالم العام الماضي في أول بطولة دولية كبرى لها، يبدو أن ريتشاردسون المتألقة لا يمكن قهرها، خاصة في غياب البطلة الأولمبية للنسختين الأخيرتين تومسون-هيراه، وعدم تألق مواطنتيها جاكسون وفريزر-برايس كثيراً منذ بداية الموسم.
ظاهرة سباقات السرعة فرايزر-برايس ستعتزل بعد أولمبياد باريس، عن عمر يناهز 37 عاماً وفي جعبتها (على الأقل) ثماني ميداليات أولمبية و16 ميدالية عالمية.
وإذا كانت ريتشاردسون فشلت في التأهل إلى سباق 200 م في التجارب الأميركية، فإن الولايات المتحدة ما تزال تؤمن باللقب بفضل غابي توماس، صاحبة أفضل توقيت في السباق هذا العام والتي تريد أن تخلف مثلها الأعلى في الشباب، أليسون فيليكس، آخر أميركية توجت باللقب في سباق 200 م في عام 2012 في لندن.
أرقام قياسية ومنافسة شرسة
كما جرت العادة في الألعاب الأولمبية، من المتوقع أن يكون البحث عن الأرقام القياسية العالمية مكثفاً على جميع جوانب ملعب فرنسا، في منافسة قوية بين العدائين والعداءات.
يريد السويدي أرمان دوبلانتيس تحطيم رقمه القياسي العالمي مرة أخرى (6.24 م)، ليس فقط من أجل تعزيز هيمنته في مسابقة القفز بالزانة ولكن قبل كل شيء لتذوق الذهب أمام 75 ألف متفرج، وهي الأجواء التي لم يتمكن من عيشها في عام 2021 بسبب فيروس كوفيد.
ومن المتوقع أن تكون المواجهات الكبرى في سباق 400 م حواجز، حيث تتنافس على المعدن الأصفر كل من الأميركية سيدني ماكلولين-ليفرون والهولندية فيمكي بول في فئة السيدات، والثلاثي النروجي كارستن فارهولم والأميركي راي بنجامين والبرازيلي أليسون دوس سانتوس في فئة الرجال.
أصبحت تصفية الحسابات في سباق 1500 م بين البطل الأولمبي النروجي جاكوب إنغيبريغتسن والاسكتلندي الكبير جوش كير على ألسنة الجميع، حيث أن منافستهما الشرسة ليست سراً، تماما مثل المواجهة المثيرة في سباق الماراثون بين الأسطورة الكيني إليود كيبتشوغي والإثيوبي كينينيسا بيكيلي اللذين سيتنافسان للمرة الأولى منذ 21 عاماً على لقب سباق 5 الاف م في بطولة العالم 2003 في باريس بالذات.