من كان نجم إحدى أعظم نسخ الألعاب الأولمبية على مرّ العصور؟ ببساطة، باريس. بفضل خيال المنظّمين الذين وضعوا ملاعب وقاعات ومنصّات مؤقتة بين المعالم العالمية الشهيرة.
هذا هو رأي هيو روبرتسون، الوزير البريطاني المسؤول عن تنظيم دورة لندن 2012، واثنين من المسؤولين السابقين في اللجنة الأولمبية الدولية.
من كرة الطائرة الشاطئية عند برج إيفل، إلى الأجواء الأنيقة في قصر فرساي لفعاليات الفروسية، وهيبة القصر الكبير مستضيف منافسات السيف والتايكواندو، كانت ألعاب باريس بمثابة دليل سياحي حقيقي إلى "مدينة النور".
قال الإيرلندي مايكل باين، المدير السابق للتسويق في اللجنة الأولمبية الدولية لوكالة "فرانس برس" إن باريس نجحت من حيث الإرث في ضمان "عودة الأولمبياد بوضوح" بعد "فوضى ريو" ودورة طوكيو 2021 المتأثرة بكوفيد.
وأضاف: "ستظل هذه الألعاب واحدة من أعظم الألعاب الأولمبية على مرّ العصور. تقديم باريس كمنصّة أولمبية ضخمة، مع مبانيها الرمزية الرائعة في الخلفية، كان له تأثير كبير على نسب المشاهدات التلفزيونية في جميع أنحاء العالم.
أكمل باين الذي أشرف على تحوّل في علامة اللجنة الأولمبية الدولية ورعايتها خلال عقدين من الزمن، أن ما فعله المنظّمون في استغلال معالم باريس وجمالها الطبيعي سيكون له تأثير كبير على المدن المتقدّمة لاستضافة الألعاب الأولمبية.
شرح: "أعتقد أن باريس، مع مواقعها المنتشرة في المدينة، والتي تظل خلفياتها الرمزية المذهلة (من دون بناء بنية رياضية جديدة رئيسية)، ستبدأ عصراً جديداً بالكامل لدى المدن الراغبة في استضافة الألعاب الأولمبية، كما فعلت برشلونة 1992".
بدوره، قال تيرينس بيرنز، المسؤول السابق في تسويق اللجنة الأولمبية الدولية، لـ"فرانس برس" إنه يعتقد أن باريس قد وضعت "معياراً عالياً جداً" بالنسبة لمدينة لوس أنجلس التي تستضيف نسخة 2028.
تابع: "كل دورة أولمبية تُقدّم شيئاً فريداً. ستُذكر هذه الدورة بقدر ما ستُذكر المدينة التي أقيمت فيها. كان هناك الكثير على المحك لنجاح باريس 2024".
وأردف: "كل موقع كان يبدو وكأنه قطعة من التاريخ، وأحببت كيف استخدموا المدينة نفسها كلوحة رسموا عليها ألعاباً جميلة - لا مثيل لها".
أما روبرتسون، الذي كان نائباً محافظاً في بريطانيا وترأس الجمعية الأولمبية البريطانية منذ عام 2016، قال إن حديقة لندن الأولمبية من دورة 2012 التي تحتوي على "استادات تقليدية في كل مكان" قد تكون الأخيرة من نوعها.
"إذا كان هناك شيء واحد تعلمته فعلاً من باريس، فهو استخدام الأماكن (الملاعب والمنصات والقاعات) المؤقتة في مواقع رائعة.
وأردف: "يجب على المضيفين المستقبليين استخدام ذلك كنموذج بعدم بناء استادات دائمة، وبدلاً من ذلك وضع المنصات المؤقتة في مواقع جميلة".
"سحر الشعلة"
أشار روبرتسون (61 عاماً) إلى أن موقعاً واحداً كان الأكثر تميّزاً بالنسبة له، وهو المكان الذي حققت فيه بريطانيا نجاحاً في ظهور فريقها الأخير.
ذلك الموقع، هو قصر فرساي الذي احتضن منافسات الفروسية: "أحد أعظم المواقع على مرّ العصور".
وأضاف: "الجلوس في تلك الحلبة مع رؤية قصر فرساي في الخلفية، لا أستطيع التفكير في موقع أفضل في الألعاب الخمس التي حضرتها".
حضر بيرنز العديد من الألعاب لكن حتى أنفاسه توقفت عند أحد المواقع.
قال: "كان موقع كرة الطائرة الشاطئية هو الإعداد الأكثر روعة لأي حدث رياضي رأيته على الإطلاق".
أما بالنسبة للحفل الافتتاحي الثوري على نهر السين، فكان بيرنز غير متحمس، مفضّلاً تقليد تجمّع الرياضيين في الاستاد. روبرتسون يخالفه الرأي.
شرح روبرتسون: "كان من المهم جداً أن يقف الفرنسيون خلف الألعاب دعماً لها، وقد نجح (الحفل)".
وتابع: "الحفل الافتتاحي هو عرض لكيف تشعر المدينة المضيفة حيال نفسها ومن خلال هذا المعيار ستشعر باريس أنه كان بداية ناجحة".
"مفتقر للحساسية الثقافية"
بالنسبة إلى باين، كانت مراسم الافتتاح تتضمّن إحدى السلبيات القليلة في ألعاب باريس. اعتبر أن المنظمين المحليين لم يكشفوا عن محتوى الحفل للجنة الأولمبية الدولية مسبقاً.
قال: "مشهد العشاء الأخير كان غير ضروري أبداً ويفتقر للحساسية الثقافية لجمهور عالمي. ليس من المفاجئ أنهم أخفوه عن اللجنة الأولمبية الدولية التي كانت ستمنعه".
مع ذلك، رأى باين أن الإيجابيات تجاوزت السلبيات وسرد الابتكارات مثل "تفاعل المشجعين" و"سحر الشعلة الأولمبية" الذي قد يكون الأعظم "على الإطلاق".