على مدار 31 عاماً، كان تلسكوب "هابل" الفضائي منصّة المراقبة لعلماء الفلك، إلّا أنه بات مُتعَباً - إن صحّ التعبير- بعد أن تمّت صيانته للمرّة الأخيرة في العام 2009، فضلاً عن إغلاقه جزئيّاً عدّة مرات خلال السنوات القليلة الماضية، آخرها في تشرين الأول (أكتوبر) 2021.
وفي وقت تشير التقديرات إلى أن "هابل" يُمكن أن يظلّ قيد الخدمة حتى نهاية العقد، أمضت "ناسا" بالفعل وشركاءها في وكالة الفضاء الأوروبية ووكالة الفضاء الكندية أكثر من اثني عشر عاماً في تطوير تلسكوب جيمس ويب الفضائي، المُقرر إطلاقه اليوم، والذي سيكون بمثابة "العين البارزة" للبشرية في الفضاء لعقود مقبلة.
سيكون "جيمس ويب"، الذي يبلغ وزنه 7.2 أطنان، أكبر تلسكوب وضعته ناسا في المدار على الإطلاق، إذ تبلغ المرآة الأساسية المكوّنة من 18 قطعة سداسيّة مطليّة بالذهب 6.5 أمتار، أي أكبر بمرّتين من حجم تلسكوب "هابل"، وأكبر بـ60 مرّة تقريباً في المساحة من تلسكوب "سبيتزر"، الذي توقّف عن العمل في العام 2020.
وتبلغ مستشعرات الدرع الواقية من الشّمس طول ملعب التنس، في وقت يصل ارتفاع جهاز التلسكوب الإجمالي إلى ثلاثة طوابق.
من المقرّر نقل 458 غيغابايت من البيانات التي يجمعها التلسكوب يومياً عبر شبكة الفضاء العميق التابعة لـ"ناسا"، وإرسالها إلى معهد علوم تلسكوب الفضاء في بالتيمور(ماريلاند - الولايات المتحدة)، حيث ستُجمع وتُنشر إلى مجتمع علم الفلك الأكبر.
مهمة "جيمس ويب"
عندما يصل التلسكوب إلى موقعه على بعد 930 ألف ميل من الأرض، سيبدأ مهمّته المكوّنة من أربع نقاط: البحث عن الضوء من أقدم نجوم ما بعد الانفجار العظيم، دراسة تكوين المجرّات وتطوّرها، ودراسة تطوّر النجوم وأنظمة الكواكب، والبحث عن أصول الحياة.
وللقيام بذلك، سوف يتّخذ "ويب" نهجاً مختلفاً عن "هابل"؛ فبينما كان "هابل" ينظر إلى الكون في الأطياف المرئيّة والأشعة فوق البنفسجيّة، سيرى "ويب" الأشعة تحت الحمراء، تماماً كـ"سبيتزر"، ولكن بدقة ووضوح أكبر بكثير، إذ يُعدّ استخدام هذه الأشعة تحت الحمراء أمراً بالغ الأهمية لمهمّة "ويب"، لأنّ بإمكانه أن يدقّق عبر سُحب من الغازات والغبار وبين النجوم لرؤية الأشياء المحجوبة عنه.
حماية "جيمس ويب" من الحرارة العالية
نظراً إلى احتياج التلسكوب إلى درجة حرارة منخفضة، فإن الحفاظ على مجموعة مستشعرات التلسكوب بعيداً من أشعّة الشمس المباشرة، وحمايتها من مصادر الضّوء الأخرى مثل القمر والأرض، أمر بالغ الأهمية.
لذلك، قام مهندسو "ناسا" ببناء حاجب شمسيّ من خمس طبقات، مصنوع من غشاء من الكابتون المغطّى بالألمنيوم للتأكّد من أنّ هذه الكاميرات مظلّلة بشكل دائم، ولإبقائها في الظلام البارد.
وقال جيمس كوبر، مدير "Sunshield"، إن الشّكل والتصميم يوجّهان الحرارة إلى خارج التلسكوب.
وما لم تطرأ أيّ مشكلات جديدة، سيكون "جيمس ويب" جاهزاً للإطلاق، وسيُرسل إلى المدار اليوم في السّاعة 2:20 بعد الظهر بتوقيت بيروت، ليبدأ رحلته التي تستغرق 30 يوماً.