في ظل احتدام المنافسة الأميركية - الصينية، تسعى الولايات المتحدة لتأمين إمداداتها من الرقائق المتطورة وأشباه الموصلات اللازمة لعمل أنظمتها الحديثة، ما دفعها للسعي لجذب الشركات للتصنيع محلياً. ووفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال" قالت وزيرة التجارة الأميركية جينا ريموندو في مقابلة، إنّ القانون الذي يشجع التصنيع المحلي للرقائق، هو مبادرة للأمن القومي، إذ تشتري الولايات المتحدة أكثر من 90 في المئة منها من تايوان، واصفةً ذلك بأنه "ثغرة أمنية قومية جسيمة".
وفي هذا الإطار، كشفت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أمس الثلاثاء عن شروط منح 39 مليار دولار في صناعة أشباه الموصلات في الولايات المتحدة، لكن بعض هذه الشروط كانت غير متوقعة أبداً بالنسبة لشركات صناعة الرقائق الإلكترونية.
وتمثلت الشروط، وفقاً لما أعلن مسؤول في وزارة التجارة، بأن الإدارة ستُلزم الشركات التي تتلقى منح تعادل قيمتها أكثر من 150 مليون دولار، بدفع جزء من أرباحها للحكومة إذا كانت منشآتها أكثر ربحية مما كان متوقع.
كما ستلزم الشركات التي تتلقى الدعم بتوفير رعاية مشروطة للعمال، وهو إجراء قالت الإدارة إنه ضروري لضمان قدرة العمال المؤهلين على المشاركة.
ويمنع القانون المستفيدين من منح البرنامج من إعادة شراء الأسهم، ويشمل البرنامج الذي تم توقيعه من قِبل الرئيس جو بايدن في آب الماضي، حوافز تصنيعية يبلغ مجموعها 39 مليار دولار تُمنح للشركات للمساعدة بالاستثمار محلياً.
وعلى اثر هذه الشروط، ستلغي العديد من الشركات خططها للتوسع في البناء في الولايات المتحدة بعد تذمرها من مجموعة واسعة من القواعد التي أعلنتها وزارة التجارة الأميركية لتلقي التمويل.
وفي هذا الخصوص، فإن الشروط التي تتعلق بتقاسم الأرباح هي الأكثر إثارةً للجدل بالنسبة للشركات، وفقاً لما نقلته وكالة "رويترز". وأكدت مصادر للوكالة، أن الإجراء كان مفاجئاً وأنه من غير الواضح كيف سيتم تطبيقه على الشركات، التي سيتعين على كل منها التفاوض على اتفاقيات منفصلة مع الحكومة الأميركية.
وقال مصدر لـ"رويترز"، طالباً عدم الكشف عن هويته: "إذا كان ذلك مقدمة لأمور أكبر يبحث عنها المسؤولون الحكوميون في مرحلة التفاوض، فهناك انتقادات بأنها قد تزيد من صعوبة إتمام الاتفاقيات".
وأفاد مسؤول في صناعة الرقائق للوكالة، طالباً عدم الكشف عن اسمه أيضاً: "أعتقد أن هذا سيسبب أزمة للشركات". وتابع "من غير المعروف ما الذي سيفعله السوق، وهذه المنحة ستحد من مرونته".
وفي إعلانها عن القواعد أمس، قالت ريموندو إنها تهدف إلى ضمان إنفاق الأموال بشكل جيد، وبطريقة تفيد العمال.
وقالت: "طوال عملنا، نحن ملتزمون بحماية أموال دافعي الضرائب، وتعزيز القوى العاملة الأميركية وإعطاء الشركات الأميركية منصة للقيام بما تفعله بشكل أفضل، الابتكار والتوسع والمنافسة".
فيما أعرب مصدر آخر في صناعة الرقائق أنه "من الغريب جداً أن تقبل شركة أجنبية هذا النوع من التدخل في أعمالها".
وعلاوة على ذلك، يتضمن البرنامج بنداً يمنح مسؤولي الدفاع والأمن القومي الأميركيين إمكانية الوصول إلى الرقائق المصنوعة في المصانع الجديدة في بيئة التصنيع التجارية.
وحسب وثيقة الاشتراك في البرنامج يعجز الجيش الأميركي حالياً عن الحصول على رقائق متطورة محلياً.
ويذكر، أن بناء مصانع رقائق جديدة من المحتمل أن يصبح أكثر تكلفة في الولايات المتحدة، حيث التكاليف أعلى بالفعل من مراكز الصناعة المماثلة في تايوان وسنغافورة مثلاً. كما أن الشروط المفاجئة بالطبع ستجبر الشركات على التدقيق في الأرقام مرة أخرى وتحليلها قبل اتخاذ أيّ خطوة.
ويذكر أنّ هذا القانون الجديد الذي حصل على الموافقة العام الماضي يعتبر نتيجة مباشرة للمخاوف المتزايدة بشأن التنافس مع الصين، التي تستثمر بكثافة في صناعة أشباه الموصلات وتوسيع جيشها.
ولتجنّب استفادة المنافسين من القانون، ستلتزم الشركات الحاصلة على الحوافز من الولايات المتحدة بعدم توسيع قدراتها التصنيعية في الصين ودول أخرى لفترة معينة.