النهار

مستقبل الذكاء الاصطناعيّ والعصر الرقميّ... فرصة أم تحدٍّ؟
سُكينة السمرة
المصدر: "النهار"
مستقبل الذكاء الاصطناعيّ والعصر الرقميّ... فرصة أم تحدٍّ؟
مؤتمر "تأمين مستقبل الذكاء الاصطناعيّ والأمن السيبراني في العصر الرقميّ"
A+   A-
 في ظل النمو السريع للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في العالم، ورغم التطور الملحوظ في الاستخدام التكنولوجي والمحاولات في مجال الذكاء الاصطناعي في العالم العربي، إلا أن هناك فجوة تكنولوجية ملحوظة.
 
ويعد التطور التكنولوجي السريع تحدياً للتشريعات والسياسات القائمة في العالم العربي، إذ يجب أن يتم تطوير إطار قانوني واضح وملائم للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، يوفر الحماية للمستهلكين ويشجع على الابتكار والاستثمار في هذا المجال. والتحدي الأساس الذي فرضه وسيفرضه الذكاء الاصطناعي سيكون في سوق العمل، وفي كيفية التعامل معه من قبل الشركات والموظفين.
 
وفي هذا الإطار، نظّم الاتحاد العربي للانترنت والاتصالات "أريسبا"، في بيروت مؤتمراً تحت عنوان "تأمين مستقبل الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني في العصر الرقمي Securing The Future AI & cybersecurity In The Digital Age" برعاية رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ممثلاً بوزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني قرم. المؤتمر الذي تطرأ في حلقاته النقاشية إلى مناقشة التحديات الحديثة التي فرضها الذكاء الاصطناعي على الحكومات والشركات والموظفين وسوق العمل، لم يخلُ من الاراء الغنية والمتنوعة حول التطلع إلى الذكاء الاصطناعي: هل هو فرصة أم تحدٍّ؟
 
 
المؤتمر هو الثالث من نوعه بالتعاون مع الأمانة الفنية لمجلس الاتصالات والمعلومات العرب في جامعة الدول العربية "أريسبا"، وشركة "هواوي"، ومن تنظيم جمعية المعلوماتية المهنية في لبنان "PCA".

‏‎وفي هذا السياق، حضر المؤتمر الوزير المفوض في جامعة الدول العربية الدكتور خالد والي، مقرر لجنة تكنولوجيا المعلومات في مجلس النواب النائب الياس حنكش، النائب نديم الجميل، شكري مكرزل ممثلاً النائب رازي الحاج، رئيس الاتحاد العربي للإنترنت والاتصالات الدكتور فراس بكور، رئيس جمعية المعلوماتية المهنية في لبنان كميل مكرزل، المدير التنفيذي لشركة هواوي / لبنان إيدن لي، كبير خبراء الآمن السيبراني الشرق الاوسط وآسيا الوسطى الوسيوس تشيانج، مدير العلاقات العامة والحكومية في شركة هواوي / لبنان محمد شرارة، وغيرهم من الخبراء والممثلين عن قادة الأجهزة العسكرية والأمنية.
 
 
وزير الاتصالات جوني قرم
 
في حديث لـ"النهار"، أشار قرم إلى أهمية "هذا المؤتمر في ظل حاجة لبنان إلى التضامن العربي، وحضور الوزير المفوض في جامعة الدول العربية دلالة على الاحتضان العربي لبلدنا"، مؤكداً أن المؤتمر يشكّل "دلالة على ضرورة التعاون بين القطاعين الخاص والعام". وعن خطط الوزارة في هذا المجال، قال: "توجد تحركات وخطط نعمل عليها، ولكن هناك حاجة إلى التمويل، وهذا الأمر أصبح ضرورةً لأنه يشكّل مستقبل لبنان".
 
وأكد الوزير في كلمته، التي كتبها بمساعدة برنامج الذكاء الاصطناعي "شات جي بي تي" وفقاً لما صرّح: "أشكركم على إعطائي الفرصة للتحدث اليوم عن الموضوع الهام للدور الذي يجب أن تلعبه وزارة الاتصالات في لبنان في مساعدة المجتمع على الانتقال إلى عالم الذكاء الاصطناعي. فبينما نقف على أعتاب عصر تحركه هذه الثورة العلمية، بات من الضروري أن نتخذ الخيارات الصحيحة وأن نرسي أساساً متيناً لمستقبل يعود بالفائدة على الجميع، ولاسيّما في بلدنا لبنان العظيم".
 
 
كبير خبراء الآمن السيبراني في "هواوي" الوسيوس تشيانغ
 
اعتبر الوسيوس تشيانغ كبير خبراء الأمن السيبراني في الشرق الاوسط وآسيا الوسطى في شركة "هواوي"، في تصريح لـ"النهار"،أن "هذا الحدث مميز جداً وحصل في الوقت المناسب، في الزمان والمكان"، متابعاً: "عملنا سوياً مع الأشخاص الذين يهتمون بهذا المجال وأجرينا النقاشات، ونعمل على تطوير هذا العمل وتعزيز التعاون في ما بيننا. والأهم، هي الصناعة في لبنان التي نسعى الى تعزيزها ولدينا الإمكانيات البشرية خاصّة للقيام بذلك".
 
ورأى تشيانغ في كلمته أن "الأمن السيبراني هو رياضة جماعية، بعد النظام البيئي المفتوح والتعاون الذي تقوده الصناعة، والمبني على أساس الثقة، خطوة ضرورية نحو تنظيم جهد تآزري في شراكة القطاعين العام والخاص، بين الحكومة والقطاع الخاص، سوف يمكّن ذلك من إنشاء هذه المدينة كمركز رقمي موثوق به لمنطقة المشرق العربي، والذي سيعيد إنشاء بيروت رقميّاً، كمحرّك جديد للنمو الاقتصادي"

وأضاف أن "التزام الشركة بدعم مسيرة التحوّل الرقمي لدول الشرق الأوسط من خلال التعاون المفتوح والعمل المشترك لبناء نظم إيكولوجية لتقنية المعلومات والاتصالات مدعومة ببرامج مخصصة للتعامل مع تحديات ومخاطر الأمن السيبراني التي تزايدت على ضوء تسارع الرقمنة والاعتماد على التقنيات الحديثة. ومن شأن هذه النظم أن تساهم في تحقيق تقدّم ملموس على طريق التنمية الاجتماعية والاقتصادية لدول المنطقة وإنجاز أهداف البرامج والمبادرات والرؤى الوطنية بشكل أسرع خلال الأعوام المقبلة".
 
 
 
 الوزير المفوّض في جامعة الدول العربية الدكتور خالد والي
 
من ناحيته، رأى الوزير والي أنّ "التطور التكنولوجي الذي شهده العالم خلال الأشهر القليلة الماضية، في مجال الذكاء الاصطناعي. ونجاح بعض التطبيقات والبرامج في محاكاة العقل البشري، سينعكس بأثر سلبيّ على سوق العمل العربي، حيث أن العديد من المهن مهدّدة بالاستبدال بتطبيقات الذكاء الاصطناعي، ما قد يزيد من نسبة البطالة في الوطن العربي".

‏‎وأشار والي إلى أن "جامعة الدول العربية بمنظماتها، تعكف على الاعداد لاستراتيجية عربية للذكاء الاصطناعي لتوحيد الجهود العربية، وتكثيفها بما يساهم في ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي للدول العربية، وسيساعد على مواجهة مخاطر الذكاء الاصطناعي التي يمكن حدوثها مستقبلاً، وتكوين موقف عربي مشترك إزاء قضايا الذكاء الاصطناعي في المنظمات الدولية، لمواكبة التغيرات التكنولوجية، والاستفادة من الفرص الواعدة في تعزيز النمو الاقتصادي، ورفع مستوى أداء القطاعات الحيوية المختلفة، وبناء القدرات وصقل المهارات اللازمة للنهوض عربياً والمنافسة عالمياً، وإيجاد مجموعة من المشاريع والمبادرات بما يخدم المصلحة المشتركة، وبما يعزّز الاقتصاد الرقمي، ومدّ سوق العمل بفرص جديدة، وتحسين كفاءة وجودة الخدمات وخفض تكاليفها، بحيث تغطي جميع فئات المجتمع، وتيسير التعاون الاقليمي، وتوحيد الجهود على الساحة الدولية، وتوفير بيئة جاذبة للاستثمارات الخاصة بالذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى تشجيع ريادة الأعمال وتحفيز الابتكار".
 
 
 
 
رئيس الاتّحاد العربيّ للأنترنت والاتّصالات الدكتور فراس بكور
 
في كلمته، أكد الدكتور بكور "أن التطور السريع الذي نشهده في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، أصبح من أهم التحديات التي تواجهنا في العصر الحديث لما تشكله هذه التقنيات من تحديات جديدة ومخاطر متزايدة باتت تتطلب منا الابتكار في الحلول والمبادرات التي تستخدم هذه التقنيات بشكل آمن وفعال"، مضيفاً:" لكن في الوقت نفسه تُعدّ (هذه التقنيات) من أهمّ الفرص للتطوير والابتكار في العديد من المجالات في المنطقة العربية التي تشهد تزايداً كبيراً في استخدام التقنيات الحديثة في مجالات مختلفة".

ودعا بكور إلى اتخاذ الخطوات الجدية والعملية وتضمين النقاط الآتية في الاستراتيجيات التي تتبناها الدول العربية في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وهي العمل على تشجيع المبادرات في تصنيع وتطوير التكنولوجيا الرقمية وتسهيل تأسيس الشركات الصغيرة والمتوسطة القائمة عليها، والاستثمار في بناء الكوادر البشرية القادرة والمؤهلة وتطويرها. كذلك، تشجيع الاستثمار في بناء مراكز البحث والتطوير ودعم هذه المراكز من قبل الحكومات، والشراكة مع القطاع الخاص المبنية على تحقيق المصلحة الوطنية لتوليد مبادرات شجاعة تسعى إلى تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
 
‏‎
 
مقرّر لجنة تكنولوجيا المعلومات في مجلس النوّاب النائب الياس حنكش
 
بدوره، تحدّث النائب حنكش في كلمته عن "الشباب اللبناني الذي لا يزال مؤمناً بمستقبل لبنان، على الرغم من الصور السوداوية التي رسمها المفسدون والمستفيدون من هذا الواقع الاليم"، مؤكّداً على "أن الطاقات البشرية التي يتمتّع بها لبنان، تبقى الشمعة المضيئة في هذه العتمة".

‏‎ورأى أنّ لبنان "فقد ما كان يتمتع به من أدوار في القطاعات المختلفة، من مستشفى الشرق ومصارف الشرق وتعليم الشرق وغيرها من المقوّمات، وما نتج من أثار بعد انفجار مرفأ بيروت".

‏‎وأكّد حنكش على الدور الجديد المتاح، "الذي يمكن أن يلعبه لبنان على الخارطة العالمية، من خلال الاستفادة من طاقاته البشرية في مجال تكنولوجيا المعلومات، ونحن مصرّون على أن نأخذ دورنا في العالم، وخاصة في ما يتعلق بالأمن السيبراني، في حين أنّ العديد من البلدان العربية قد سبقتنا بأشواط، وحقّقت إنجازات ملفتة في هذا المجال خلال فترة وجيزة، وحيث أن لبنان لم يأخذ دوره في الثورات الصناعية، إلّا أنّ فرصتنا اليوم للانخراط في المجتمع التكنولوجي العالمي، وسوف نعمل بكلّ جهودنا لتحقيق احلام شبابنا والاستفادة من طاقاتهم لإعادة البناء في لبنان وبثّ روح النهضة في ربوعه. وهنا نعوّل على دور شركة هواوي التي ما زالت تؤمن بقدرات الشباب اللبناني".
 
 
 
 
وفي نهاية المؤتمر تمّ تجديد اتّفاقيّة التفاهم بين شركتَي "هواوي" و"أرسيبا".
 
 
 
توصيات

وفي الختام صدر عن المؤتمرين التوصيات الآتية:

1- ضرورة تعزيز المجتمع العربي الرقمي على الإنترنت والتأكد من مصداقيّتها حتى تكون مرجعاً موثوقاً لأنظمة الذكاء الاصطناعيّ.

2- الإنسان هو صانع التكنولوجيا وهو الغاية منها، لذلك من المهمّ الاهتمام بتأهيل وتشجيع جيل الشباب على الاستخدام السليم للتكنولوجيا.

3 - ضرورة تأهيل الموظفين في مختلف القطاعات على التعامل  مع حوادث الهجمات السيبرانية، وذلك بالاستفادة من شركة هواوي في مجال الأمن السيبراني.

4- الذكاء الاصطناعي هو أداة التطوير، ولكن يجب تحديد كيفية استخدامه.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

اقرأ في النهار Premium