نبه علماء إلى أن على العالم أن يتحضر لمواجهة "العواقب النهائية للمناخ" من أجل أن يفهم ويستعد في شكل أفضل لتداعيات كارثية محتملة للاحترار العالمي لم تفكر بها الحكومات بعد.
والنمذجات المناخية التي يمكن أن تتنبأ بمدى الاحترار العالمي اعتمادًا على انبعاثات غازات الدفيئة تزداد تطوراً وتزود أصحاب القرار بمسار دقيق حول ارتفاع درجات الحرارة العالمية.
وما لم يتم استكشافه جيدًا هو التأثير المتتابع لأحداث معينة، مثل فشل المحاصيل وخسارة بنى تحتية بسبب ظواهر الطقس القاسية، والتي تزيد احتمالية حدوثها مع كل درجة احترار.
وقد حدد الباحثون في جامعة كامبريدج ومعهد بوتسدام لبحوث تأثير المناخ ما هو معروف حاليًا عن "النتائج الكارثية" ووجدوا فجوات معرفية كبيرة.
واقترحوا في بحث نشر في مجلة بروسيدينغز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينس، أجندة بحثية دولية لمساعدة الحكومات على التخطيط "لحالات سيئة إلى أسوأ".
وشملت تلك الحالات أربعة مجالات رئيسية تدعو للقلق، أطلق عليها الباحثون "الفرسان الأربعة" لتغير المناخ: المجاعة وسوء التغذية والمظاهر القصوى للطقس والنزاعات، والأمراض المعدية عبر النواقل (تسببها الطفيليات والفيروسات والبكتيريا).
وقال مدير معهد بوتسدام يوهان روكستروم، والمؤلف المشارك في الدراسة إنه "يجب مراعاة المخاطر التي لا رجعة فيها والتي يحتمل أن تكون كارثية بسبب تغير المناخ بفعل الإنسان في تخطيطنا وأفعالنا".
ورأى أنه كلما أجري المزيد من البحوث بشأن المنعطفات المناخية للأرض - مثل الذوبان الذي لا رجعة فيه للغطاء الجليدي أو تحول غابات الأمازون المطيرة من ممتصة للكربون إلى مصدر له - ظهرت الحاجة المتزايدة إلى أن تؤخذ في الاعتبار السيناريوات عالية المخاطر في نمذجات المناخ.
وقال إن "المفتاح هو احتساب الكارثة من أجل تجنبها".
أشار المؤلفون إلى أن تقارير الأمم المتحدة المتتالية عن علم المناخ ركزت على الآثار المتوقعة لاحترار من درجة ونصف مئوية إلى درجتين وقللت إلى حد كبير احتمال حدوث ارتفاع مفرط في درجات الحرارة.
تضع الخطط الحكومية الأرض في مسار احترار يصل إلى 2,7 درجة مئوية هذا القرن، وهو بعيد جداً عن هدف 1,5 درجة الذي تنص عليه اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015.
ورأت الدراسة أن النزعة العلمية "المنحازة إلى جانب المعلومات والافتراضات القائمة، وتتجنب الاستنتاجات التي تبدو درامية بشكل مفرط" أدت إلى عدم التركيز على التداعيات المحتملة لاحترار من ثلاث درجات أو أعلى.
وأضافت، "هذا الحذر مفهوم لكنه غير متطابق مع المخاطر والأضرار المحتملة التي يسببها تغير المناخ".
إضافة إلى ذلك من المعروف أن تقييمات المخاطر لما يسمى بالحوادث ذات الاحتمالية المنخفضة وعالية التأثير يصعب استيعابها في النمذجات المناخية طويلة الأمد.
واحتسب الباحثون مناطق حرارة شديدة - بمتوسط درجة حرارة سنوية تزيد عن 29 درجة مئوية - يمكن أن تشمل ملياري شخص بحلول 2070.
وحذروا من أن درجات الحرارة تمثل خطراً كبيرا لحدوث صدمات متكررة لنموذج "سلة الخبز" بسبب الجفاف على غرار تلك التي تجتاح أوروبا الغربية وموجة الحر كالتي ضربت محصول القمح في الهند في آذار ونيسان الماضيين.
وطالب الفريق بتقرير علمي خاص للأمم المتحدة يركز على "سيناريوات التغير المناخي الكارثية" على غرار تقريرها في 2018 حول الحد من الاحترار عند 1,5 درجة.
وقال مدير البحوث في معهد غرانثام في جامعة إمبيريال كوليدج لندن يوري روغيلي والذي لم يشارك في الدراسة إن "علينا أن نكون جادين في فهم المخاطر العميقة التي تأتي مع أخذ كوكبنا إلى منطقة غير معروفة".
وأضاف، "البحث في هذه الحالات القصوى يعني أننا سنكون قادرين على الاستعداد بشكل أفضل، بما في ذلك أن نكون أكثر جدية بشأن تقليل الانبعاثات الآن".