ومع كلّ هذا التقدّم الهائل لا يسع المرء إلّا أن يتعجّب ويتأمّل في قدرة العقل البشريّ على إحداث نقلة نوعيّة في الحياة الإنسانيّة.
إن كنت من عشّاق أفلام "ستار وورز" فلا بدّ من أنّك رأيت طريقة تواصل الشخصيات بعضها مع بعض عبر تقنية الـ"هولوغرام" أو التصوير التجسيميّ، حيث تعمل هذه التقنية على تسجيل الضوء المنبعث من جسمٍ ما، ثمّ عرضه بطريقة تظهر الأبعاد الثلاثيّة للجسم.
ولاقت هذه التقنية رواجاً كبيراً في عالم الأفلام المستقبلية، فأصبحت وسيلة التواصل الأكثر استعمالاً فيها، وأصبحت دلالة على التطوّر العلميّ والتكنولوجيّ في المستقبل.
ستار وورز
لكنّ هذه التقنيّة لم تعد خدعة بصريّة مستخدمة في الأفلام فحسب، بل أصبحت واقعاً قيد التطبيق في يومنا هذا. فقد تمكّنت وكالة "ناسا" في شهر تشرين الأول 2021 من استخدام تقنية الـ"هولوغرام" لإرسال طبيب للمرّة الأولى إلى محطّة الفضاء الدولية.
وتُعدّ تقنية الـ"Holoportation" من شركة "مايكروسوفت" أكبر نموذج لهذه التكنولوجيا المتطوّرة، التي تمكّن المستخدمين من أن يكونوا في مكان بعيد عبر صورة ثلاثيّة الأبعاد.
وتعمل تقنية "مايكروسوفت" على استخدام عدد كبير من الكاميرات الثلاثية الأبعاد الموضوعة في نقاط رؤية مختلفة لالتقاط وإعادة بناء عرض ثلاثيّ الأبعاد لشخص ما. وتستخدم جهاز "HoloLens"، يمنح المستخدم القدرة على الرؤية والاستماع والتفاعل مع المشاركين الآخرين باستخدام الجهاز في بيئة الواقع الافتراضيّ، دون ضرورة أن يكون في نفس المساحة الماديّة.
مستقبل الواقع الافتراضيّ والـ "هولوغرام" في مكان العمل
الكثير قد تغيّر خلال جائحة كورونا، وخاصةً في ما يتعلّق بسوق العمل، فقد اشتهرت تطبيقات "زوم" و"تيمز"، وأصبح العمل عن بعد هو الأساس. هذه التطبيقات هي أدوات مؤتمرات عبر الفيديو ذات فوائد هائلة، ولكنّها تفتقر إلى عامل أساسيّ، وهو العمل مع الآخرين جنباً إلى جنب.
من ناحية أخرى، فإنّ الـ"Holoportation" تستخدم أحدث التقنيات مع الامتثال لثقافة العمل عن بعد. وتتيح هذه التقنية إمكانيّة العمل مع الزملاء وحضور الأحداث والمؤتمرات، من المنزل.
ويمكن استخدام هذه التقنية للاجتماعات بين أشخاص من مدن أو حتى من بلدان مختلفة. ومع تطوير المزيد من الأدوات، يمكن للمستخدمين الرسم والابتكار في بيئة الواقع الافتراضيّ. وسيتمكّن الحاضرون من استحضار مخطّطات ونصوص باستخدام ميزات التطبيق.
"مايكروسوفت" ليست الشركة الوحيدة التي تعمل على هذه التقنية، فشركتا "Portal" و"Aexa" تعملان على التقنية نفسها لكن دون الحاجة إلى الواقع الافتراضيّ "VR".
لقد أثبتت جائحة كورونا فاعلية العمل عن بعد، ومع التقدّم التكنولوجيّ ستتمكّن الشركات من الاستغناء عن التكاليف الباهظة للإيجارات والاعتماد على تقنيات شبيهة للـ"Holoportation" في إدارة أعمالها اليوميّة.