في بلدٍ تسوده الضبابية وعدم الاستقرار، نرى شباباً لبنانيين يكافحون في وجه الصعاب، وقد وجدوا بصيص أمل في تقنية لا تزال مُبهمة عند معظم الناس وهي الرموز غير القابلة للاستبدال "NFTs".
رالف خوري، أو المعروف باسمه الفني "Ginger Potter" هو أحد هؤلاء الشباب، فمن بعد حصوله على شهادة ماجيستير في الهندسة المعمارية، بدأ مسيرته كسائر الشباب اللبنانيين بالبحث عن عمل في ظل أزمةٍ معيشية واقتصادية، وفي الوقت عينه قام بإنشاء صفحة خاصة بفنّه على وسائل التواصل الاجتماعي من دون أن يعلم أنه سيصل إلى يوم يعيش فيه من وراء هذا الفن.
بدايةٌ متعثرة:
بدأ رالف في أوائل العام 2019، بنشر رسوماته على تطبيق "إنستغرام" من دون السعي وراء الكسب المادي، فهذه الخطوة كانت لمشاركة أعماله التي تعبّر عن مشاعره وتجسّد حياته اليومية في بلدٍ يعاني، كل ذلك في ظل سعيه لإيجاد عملٍ ما يستطيع من خلاله تأمين احتياجاته اليومية.
ومع ظهور تقنية الـ "NFT" العام الماضي ورواجها بشكل كبير، قرّر رالف خوض غمار هذه التجربة وحاول الدخول في هذا العالم دون أن يملك أي توقعات.
وأطلق رالف رسومات عدة على منصة "OpenSea" المختصة ببيع الـ"NFTs"، لكن لم يتمكّن من بيع أي قطعة من أعماله. تلك التجربة أثّرت عليه سلباً وتوقّع أن يفشل في دخول هذا العالم.
بصيصٌ من الأمل:
بعد تجربته الأولى مع الـ"NFT"، قرّر رالف إقامة معرض لبيع رسوماته، وقد لاقت هذه الخطوة نجاحاً باهراً حيث تمكّن من بيع جميع أعماله. هذا النجاح أعاد له الثقة ودفع به لإعادة تجربة الـ"NFT" لكن هذه المرة قرّر أن يبني إسما لنفسه في هذا العالم بالتزامن مع إطلاق مجموعته الجديدة.
لجأ رالف إلى تطبيق "Clubhouse" الذي يحتوي على مساحات للنقاش والتعارف ومشاركة الآراء. وقد بدأت رحلته مع الـ"NFTs" من خلال هذه المساحات، فقد بدأ بالحديث عن أعماله وتحدّث لـ"النهار" عن أهمية هذه المساحات في إطلاق مسيرته، مشيراً إلى أنه "لم يكن بإمكان أي شخص أن يعلم بوجود أعماله على منصة "OpenSea" دون مشاركتها في هذه المساحات".
وأزال رالف أعماله السابقة من المنصة وأطلق مجموعة "The Watchers".
وخلال حديثه عن مجموعته في إحدى المساحات على تطبيق "Clubhouse" أقدم أحد المشاركين في هذه المساحة على شراء أول "NFT" من مجموعة "The Watchers" وتلاه شخص آخر في نفس التوقيت لتبدأ مسيرة رالف الفنية بالإقلاع.
كفاحٌ ونجاح:
يمتلك رالف في ترسانته ثلاث مجموعات "NFTs"، تتألف كل واحدة منها من 21 رسماً تُعبّر عن وضع وحالة معينة متعلقة بالفنان نفسه أو وضع الشاب اللبناني عامةً. وقد بيعت أولى مجموعتين بالكامل، وأُطلقت مجموعته الثالثة في 30 من شهر نيسان الماضي.
وأوضح رالف في حديثه مع "النهار" أن أعماله الأولى كانت تجسّد شخصيته، حيث كان يحاول تجسيد حياته كشابٍ انطوائي ومعاناته في بلدٍ لا يقدّم أبسط مقوّمات الحياة. وتطوّرت هذه الرسوم لتشمل الوضع الشامل للبنان مع الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي يواجهها الشباب.
يسعى رالف بمساعدة عددٍ من رفاقه الى بناء مجتمع للفنانين اللبنانيين الطامحين لدخول عالم الـ"NFT" وأقاموا عدداً من التجمّعات الساعية لمساعدة الفنّانين الساعين لخوض غمار هذه التجربة.
وتقوم هذه المجموعة التي أطلق عليها تسمية "NFT LB" بالتجمّع شهرياً، وقد لاقت هذه الخطوة نجاحاً باهراً وتشهد تزايداً في أعداد المشاركين مع كل تجمّع.
ختاماً، يبدو أن مشهد الـ"NFT" في لبنان لن يتلاشى في الوقت القريب، ونلاحظ أننا وللمرة الأولى لا نشعر أننا "متخلّفون" في تقنيّة معينة، بل أصبحنا من الرائدين في المنطقة.