أثبت الذكاء الاصطناعيّ التوليدي، العام الماضي، أنّ باستطاعته تقليد الفنّانين والتفوّق عليهم في مسابقات الفنّ من خلال إنتاجه لوحاتٍ يصعب تمييزها من الفنّ الذي صنعه الإنسان، ممّا يترك الفنّانين البشريين قلقين بشأن مستقبلهم.
تقوم آلية إنشاء الصور بوساطة الذكاء الاصطناعيّ على كتابة نصّ، يصف ما يريده المستخدم، بعد تدريب مولّدات الصور على الأنماط وأنواع الفن المختلفة لتعرّفها، وتحليل مليارات الصور التي تمّ جمعها من الإنترنت، إلى جانب النصّ الذي يصف محتوياتها.
وفي مقال نشره موقع أخبار الفن "Art News"، لاحظ أحد الفنّانين أن صور الذكاء الاصطناعي التي ولّدها أحد التطبيقات كانت تتضمّن إمضاءات غير واضحة لفنّانين، في إشارة إلى أنّ النموذج قد تعلّم من صور الفنانين الذين يصنعون صوراً ويوقّعون عليها.
وقال الفنّان البولندي غريغ روتكوفسكي: "تمّ بناء قواعد البيانات هذه من دون أيّ موافقة أو إذن من الفنّانين". ومنذ ظهور مولّدات صور الذكاء الاصطناعي، قال روتكوفسكي إنه لم يعد يتلقّى طلبات لرسم أغلفة لروايات الكتب كالسّابق.
وذكر أستاذ علوم الكمبيوتر بن تشاو لـ"نيويورك تايمز" أنّ الفنّانين أصبحوا خائفين من نشر فنّهم الجديد عبر الإنترنت، وقال: "لديهم خوف من إطعام هذا الوحش الذي يُصبح أكبر بابتلاع نماذج أعمالهم".
دفع هذا الأمر البروفيسور تشاو وفريقاً من باحثي علوم الكمبيوتر في جامعة شيكاغو إلى تصميم أداة تُسمّى "غلايز" (Glaze)، تهدف إلى منع الذكاء الاصطناعي من تعلّم أسلوب الفنّانين؛ وقام الباحثون بإجراء استطلاع تضمّن أكثر من 1100 فنان لتصميم الأداة.
على سبيل المثال، إذا كان الفنّانون يريدون نشر أعمالهم عبر الإنترنت من دون تغذية أنظمة الذكاء الاصطناعي، فبإمكانهم تحميل نسخة رقميّة من عملهم مع مساعدة الأداة الجديدة لتغيير نوع العمل الفنّي بطريقة لا يميّزها الذكاء الاصطناعي، ثمّ تقوم الأداة بإجراء تغييرات على مستوى البكسل (أصغر عنصر في الصورة) لتضليل نماذج التعليم الآليّة.
في المقابل، لن يتغيّر شكل الصورة المعدّلة في نظر الإنسان، لكن نموذج تعلّم الكمبيوتر سيلتقط شيئاً مختلفاً تماماً.
وقالت الفنّانة التصويريّة المشاركة في المشروع كارلا أورتيز: "نحن بذلك نستعيد حقّنا". وبالرغم من ذلك، اعترف الفريق في جامعة شيكاغو بأنّ أداتهم لا تضمن الحماية.
في هذا السياق، رفعت أورتيز وفنّانون آخرون دعوى جماعيّة في كاليفورنيا في كانون الثاني ضدّ الشركات ذات الخدمات القادرة على إنتاج الفنّ لتأكيد انتهاكات حقوق الطبع والنشر وحق الدعاية.
ولفتت جين فروم، أستاذة قانون الملكيّة الفكريّة في جامعة نيويورك إلى أن الشركات قد تكون ذات حجّة قويّة للاستخدام العادل لصور الفنّانين، بحجّة أنّ الفنّانين البشريين يتعلّمون إنتاج الفنّ من أعمال فنّانين آخرين، وغالبًا ما يقومون بنسخ الكثير من أنماط الأعمال الفنيّة والأساليب لإنشاء عمل جديد. ويُمكن القول إن الآلات تتعلّم صنع الفن بنفس الطريقة، على حدّ قولها.