بعد تعرض برامج الدردشة الآلية مثل "شات جي بي تي" لسُمعة أشخاص من خلال معلومات "زائفة"، يتحضر مختصون للبحث عن الوسائل القانونية الممكنة لردع هذه برامج مماثلة، ومقاضاة المسؤولين عنها وتعويض الأشخاص المتضررين، فما مدى امكانية مُقاضاة الذكاء الاصطناعي على انتهاكاته؟
أشهر الانتهاكات التي قام بها "شات جي بي تي"
العمدة الأسترالي براين هود، اكتشف أن "روبوت الدردشة" قال عنه زوراً بأنه "متورط في فضيحة رشوة أجنبية"، تشمل شركة تابعة لبنك الاحتياطي الأسترالي في العقد الأول من القرن الحالي، زاعماً أن العمدة الأسترالي قضى فترة بالسجن نتيجة ارتكابه تلك الجريمة.
وقد يكون العمدة الأسترالي صاحب أول دعوى تشهير في العالم ضد شركة "أوبن إي أي"، الشركة التي طورت "شات جي بي تي"، بعدما اتهمه التطبيق بهذه الجريمة.
"المنافسة" هي السبب... ماذا عن مسؤولية الشركات المالكة؟
اعتبر الخبير التقني رولاند أبي نجم في حديث لـ"النهار"، أن السبب الرئيسي للانتهاكات والأخطاء التي تقع فيها برامج "الشات بوت" هو ارتفاع حدة المنافسة بين الشركات المتنازعة في هذا السباق، والتي تتدافع لإطلاق برامج منافسة لـ"شات جي بي تي"، فركزت على المنافسة التجارية أكثر من تطوير الأنظمة نفسها.
وأشار نجم إلى أن هذا السبب هو الذي دفع خبراء التكنولوجيا لطلب توقيف تطوير برامج الذكاء الاصطناعي لفترة 6 أشهر، بهدف حوكمة وضبط هذه الأدوات.
أما عن مسؤولية الشركات التي تُطلق برامج الذكاء الاصطناعي، فأكد أن المسؤولية هنا أخلاقية بالدرجة الأولى، من ناحية مصادر المعلومات المبرمجة داخل البرامج، ومدى واقعيتها وعدم انحيازها أو انحياز الشركات.
قانونياً... هل يمكن مقاضاة الذكاء الاصطناعي؟
وفي هذا الإطار، وبشأن إمكانية مقاضاة مسؤولي الذكاء الاصطناعي، فإن خوارزميات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاتها تمتلكها شركات معروفة لدى القانون، وهي المسؤولة عن تطوير هذه الأنظمة وصحة المعلومات التي بُرمجت عليها. لذا فإنه سيتوجب على الجهات المتضررة تقديم الدليل التقني الذي يمكن أن يُنصف الضحايا في هذا المجال ويثبت مسؤولية أو تقصير الشركات المالكة لأنظمة الذكاء الاصطناعي.
ولكن من ناحية اخرى، أكد نجم لـ"النهار" أن المشكلة الأساسية هي أن هذه الأنظمة ما زالت تفتقر إلى الإطار القانوني الذي ينظمها ويحكمها، وأضاف: "هناك مشكلة أخرى تكمن في أن التكنولوجيا وأدواتها دائماً كانت أسرع من المشرعين، الذي يعانون أيضاً من تعقيد وصعوبة في تحديد الجهات المسؤولة في القضايا المرفوعة حالياً في عالم التكنولوجيا".
وعلى صعيد القانون الدولي، هناك بعض العقبات التي قد تعطل إمكانية مقاضاة المسؤولين عن أنظمة الذكاء الاصطناعي، ومنها الخصائص التكنولوجية المميزة لتلك التطبيقات التي تجعل أنظمة الذكاء الاصطناعي غامضة وغير متوقعة، وهو ما يعيق اكتشاف الأسباب والنتائج غير المقصودة لأي أضرار عرضية تحدثها هذه الأنظمة.
بالإضافة إلى ما سبق، فإن الحداثة النسبية للذكاء الاصطناعي واستخدامه داخل المنظمات والمؤسسات والشركات، تجعل من الصعب مقارنة إقرار المسؤولية والمساءلة الدولية عن منتجي ومبرمجي ومشغلي الأنظمة.
وأما للتخفيف من الانتهاكات التي قد تقوم بها برامج المحادثة مثل "شات جي بي تي"، فاعتبر نجم أنه من الأفضل أن تُعرض هذه البرامج على جهات رقابية معينة قبل اطلاقها للتأكد من أهليتها، وهو ما لا يحصل حتى الآن.