النهار

هواة يحفظون نغمات الهواتف القديمة... ما الخطر الذي يهدّدها؟
علي زلزلة
المصدر: "النهار"
هواة يحفظون نغمات الهواتف القديمة... ما الخطر الذي يهدّدها؟
فرانسيسكو تاريغا.
A+   A-

من منّا لا يتذكّر نغمات "نوكيا" الشهيرة التي كانت ممتعة ومزعجة في آن معاً؟ هذه النغمات يتمّ الاحتفاظ بها من قِبل هواة يجمعون النغمات وينشرونها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مثل "Ringtone Bangers".


 
 

يوضح مؤسّس الصفحة الملقّب بـ"فلوكسايد"، البالغ من العمر 20 سنة، لموقع "ذا فيرج" بأنّه يتمّ في بعض الأحيان تشفير البرامج، فيصعب الحصول على الملفّات. في كثير من الأحيان يتمّ التعامل مع هذه الحزم من قبل أشخاص أكثر خبرة". وقد جعل حبُّه للجوانب الثقافية صفحتَه على "تويتر" أكثر من مجرّد أرشيف غير رسميّ، وذلك بفضل جهوده المستمرّة في مطالبة الملحّنين بالملفّات والمقابلات.

 

يمكن القول إن ثقافة نغمات الرنين بدأت في منتصف التسعينيات من القرن الماضي مع لحن "نوكيا"، الذي استُلهم من أغنية "Gran Vals" لعازف الغيتار الكلاسيكي فرانسيسكو تاريغا. ٍاشترى تيمو أنتيلا، أحد الملحّنين الأوائل لنوكيا، هاتفه الأول، "نوكيا 2110"، في العام 1996، وقال: "أراد الجميع الحصول على نغمات رنين وصور خلفيّة شخصيّة. نغمات الجرس الأولى كانت مزعجة حقاً، لكنها كانت مبدعة، وغيّرت البيئة الصوتيّة بشكل كبير".


 

عندما كشفت "نوكيا" النقاب عن أول نغمة رنين متعدّدة الألحان في العالم في العام 2002، أصبحت الألحان الثاقبة جزءاً من الحياة اليومية، واكتسبت أهميّة جديدة كشكل من أشكال التعبير الشخصيّ.

 إلى جانب أنتيلا، كان فريق الصوت في "نوكيا" مكوّناً من ملحّنين شباب ومقاولين، ودفع المبرمجون التجريبيون والفنّانون حدود الفنّ والموسيقى الناتج من الكمبيوتر.

 

 

كانت "نوكيا" تعمل للتغلّب على قيود مكبّرات الصّوت الصّغيرة للهواتف واللّحاق بالعصر الصوتيّ في أوائل العقد الأوّل من القرن الحادي والعشرين.

 

في الأسبوع الأوّل من عمله، تمّ أخذ أحد الملحّنين، هنري دو، إلى غرفة، وطُلب منه إنشاء نغمات رنين باستخدام لوحة مفاتيح صغيرة وجهاز كمبيوتر مزوّد ببرنامج صوت "Cubase"، وهو ما لم يكن يعرف استخدامه جيّداً. يقول دو: "كان الأمر شاقّاً بعض الشيء في البداية، لكن سرعان ما دخلت في التحدّي واستمتعت به".


كانت أكبر مخاوفهم أن يقوم العملاء بإعداد هاتف جديد من دون أن يجدوا شيئاً يُناسب أذواقهم؛ كان الهدف هو أن تأتي الهواتف محمّلة "بشيء للجميع". في نهاية المطاف، عملت نوكيا مع "Beatnik"، وهي شركة رائدة في مجال تكنولوجيا الصوت، أسّسها توماس دولبي، ممّا اعتبر بأنه "خطوة كبيرة إلى الأمام".

 

وفي نحو العام 2005، أدرك أنتيلا أنه أينما ذهب، يُمكنه سماع نغمة رنين كان إمّا يؤلفها أو يتعاون لتأليفها. "بحلول ذلك الوقت، كانت هواتف الجميع تصدر أصواتاً في الأماكن العامة. كانت هناك نغمات رنين في كلّ مكان، وكان لدى معظم الفنلنديين هواتف "نوكيا"، كان هذا غريباً حقاً"، بحسب قول أنتيلا.


وأضاف: "لا أحد يعرف من أنتج هذا العمل... إذا قمنا بحساب عدد الهواتف التي ترنّ، فمن شأنها أن تجعل مؤلّفي موسيقى "نوكيا" من أكثر الفنّانين المسجّلين على الإطلاق". ومع ذلك، لم يقدّر الجميع النغمات الرقيقة الرائدة.

 


"تيك توك يشبه نغمات الرنين الجديدة"

قالت الناقدة الثقافية غيتا ديال، المتخصصة في الموسيقى الإلكترونية والتكنولوجيا: "بالنسبة لي، يشبه "تيك توك" نغمات الرنين الجديدة". وتتحدّث عن الطريقة التي يتصفح بها المستخدمون مقاطع الصوت في التطبيق بالقول: "هذه الأغاني على "تيك توك" أصبحت مشهورة بسرعة كبيرة، وقطع صغيرة من هذه الأغاني، حتّى بعض الأغاني القديمة التي نسيها الناس، أصبحت فجأة منتشرة مرّة أخرى بسبب "تيك توك"".


وتشير إلى أنّ ذلك يذكّرها بالإثارة التي كانت تدور حول نغمات الرنين، التي كانت ذات مرة وسيلة لإظهار الذوق أو رأس المال الثقافي.


تعبيرية (ذا فيرج)
 
 

مع أرشفة نغمات الرنين التي يتمّ إجراؤها بوساطة الأشخاص الأصغر سنًا مثل "فلوكسايد"، تُدرك الأجيال المختلفة العلاقة بين موسيقى ألعاب الفيديو ونغمات الرنين. عندما سُئل "فلوكسايد" عن أفكاره حول العلاقة بين موسيقى "chiptune" (موسيقى ألعاب فيديو قديمة) ونغمات الرنين، قال إن المشاهد منفصلة في أغلب الأحيان، فهناك عدد قليل من الأشخاص يقومون بأعمال وفق أسلوب نغمات الرنين القديمة، لكن للأسف ليس العدد الذي أتمناه.


اليوم، لا نفكّر كثيراً في نغمات الرنين، فهاتفنا إمّا في وضع صامت أو يتمّ ضبطه على أيّ نغمة. ويطرح ذلك تساؤلات حول كيفيّة نظر الشباب مستقبلاً إلى النغمات التقليديّة القديمة، وهل سيكون لها أيّ أهميّة للحفاظ عليها وأرشفتها؟

 

في الوقت الحالي، يتفاجأ طاقم "نوكيا" القديم بأنه لا يزال هناك اهتمام بعملهم، ويعرب أنتيلا عن أسفه لعدم تمسّكه بالملفات القديمة في ذلك الوقت. ومع ذلك، يقول الملحّن إيان ليفينغستون إنه تمكّن من إعادة نحو 90 في المئة من العمل الذي قام به، ويخطط لتنظيمه لإنشاء أرشيف للمجتمع. ومع ذلك، لا يزال العمل الذي أنجزوه في "نوكيا" مهملاً في تاريخ الموسيقى الإلكترونية.

 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium