كان العام 2022 صعباً على سوق أجهزة الكومبيوتر المحمولة، إذ انخفضت شحنات الأجهزة في جميع أنحاء العالم بنسبة 16 في المئة، وفقاً لتحليل أجرته شركة "كاناليس" أخيراً، بينما أبلغت "غارتنر" عن انخفاض بنسبة 28,5 في المئة في الربع الرابع، وهو أكبر انخفاض في الشحنات ربع السنوية منذ أن بدأت "غارتنر" في تتبع سوق أجهزة الكمبيوتر. شهدت كل شركة تصنيع أجهزة كمبيوتر باستثناء "أبل" انخفاضاً على أساس سنويّ، ويُقال إن مبيعات أجهزة الكمبيوتر المحمول عانت أكثر من غيرها.
أدّى ذلك إلى تغيير الشركات نهجها في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية 2023 (CES)، وهو المؤتمر السنويّ الذي تعرض فيه شركات التكنولوجيا المنتجات التي ستُصدرها في عام 2023. وقد أقرّ التنفيذيّون والممثلون لمختلف مصنّعي أجهزة الكمبيوتر بأن الصناعة لديها مهمّة كبيرة هذا العام: جعل الكمبيوتر المحمول أكثر إثارة.
تحاول بعض الشركات القيام بذلك باستخدام بعض الأجهزة غير الاعتيادية (مثل شاشة "لينوفو" المزدوجة). لكن البعض الآخر يبتعد عن الأجهزة الخارجية، ويؤكّدون على قدرات البرامج في داخل أجهزتها هذا العام.
وصلت أجهزة الكمبيوتر المحمولة إلى نقطة يمكنها عندها أن تفعل الكثير ممّا يريدها الناس أن تفعله، وأن تكون قوية بما يكفي لتستمرّ بالعمل لفترة من الوقت. وفي أغلب الأحيان، تكون التحديثات الإضافية في الأجيال الجديدة من الرقائق غير كافية لإقناع معظم المستهلكين بشراء آلة جديدة؛ لذلك، قد تكون الميزات الفاخرة هي المفتاح لإقناعهم هذا العام.
هذا كان رأي جايسون بانتا، نائب رئيس شركة "AMD" والمدير العام لشركة "تصنيع المعدات الأصلية للعملاء" (OEM). تقول نظرية بانتا، التي طرحها في مقابلة مع موقع "ذا فيرج"، إنّ جائحة كورونا والعمل من بعد دفعا العديد من المستهلكين إلى شراء أجهزة كمبيوتر أفضل من ذي قبل. والسؤال الذي يدور في أذهانهم الآن هو: "هل هناك شيء جديد أحتاج إلى القيام به أو شيء جديد يمكنني القيام به؟".
وأردف بانتا: "نعلم أن الكثير من الأشخاص اشتروا أجهزة كمبيوتر في عامي 2020 و2021. والآن بعد أن اكتشفوا مدى أهميتها بالنسبة لهم، ما هو الشيء التالي الذي سيعيدهم إلى جهاز كمبيوتر شخصيّ جديد؟".
أجاب صانعو الرقائق الإلكترونية عن هذا السؤال بتقنيات الذكاء الاصطناعي وحالات الاستخدام التي يُتيحها أو يمكن تمكينها لاحقاً. وفي الوقت الذي أعلنت كلّ من "إنتيل" و"AMD" عن رقائق كمبيوتر محمول قوية للغاية هذا العام، جاءت هذه الرقائق جنباً إلى جنب مع إعلانات لرقائق ذكاء اصطناعي رائعة، حين كشفت "AMD" عن أن بعض رقائقها الجديدة ستأتي مع محرك "Ryzen AI"، وستوفر رقائق "Meteor Lake" المقبلة من "إنتيل" إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي.
لا يوجد الكثير من التطبيقات حتى الآن لمحركات الذكاء الاصطناعي هذه، لكن أهمها هي كاميرا الويب المميّزة (كتتبع العين وتغيير الخلفية وميزات المكالمات الجماعية) والبرامج الأخرى التي يتم ضبطها بناءً على سلوكك.
وأبدى بانتا حماسه للتجارب أو لحالات الاستخدام التي لم يتم تطويرها بعد في الذكاء الاصطناعي، وشبّهها بجهاز الألعاب، إذ إنّ الوحدات الجديدة (كبلايستاشن 5) رائعة، لكن الألعاب التي تطوَّر لاحقاً هي ما تعطي التجربة الكاملة.
وأضاف: "إن عناصر الذكاء الاصطناعي ليست شيئاً نريد أن ينظر إليه الناس مرة واحدة. هي شيء نريد أن يواصل الناس النظر إليه، ووسيلة تمكين للعديد من الأشياء المثيرة التي تحدث في السوق".
وبحسب "ذا فيرج"، يبدو أن العديد من مصنّعي الكومبيوتر فضّلوا عرض الميزات والحلول والأنظمة الجديدة؛ فمثلاً، أكّد أليكس تشو، رئيس الأنظمة الشخصية في "أتش بي"، أن الشركة كانت تمر "بتحّول"، على أمل أن يُنظر إليها هذا العام ليس كشركة كمبيوتر ولكن كشركة "حلول". وقال تشو: "لن نبيع أجهزة الكمبيوتر فقط. لا يتعلّق الأمر بأجهزة الكمبيوتر بل بالحوسبة".
كانت إعلانات "أتش بي" التي تركّز على الكمبيوتر المحمول صغيرة إلى حدّ ما في "CES". قامت الشركة بتحديث بعض منصات الألعاب الخاصة بها. تتعلّق أهم الإعلانات بأنظمة الألعاب السحابية والميزات الجديدة. ويثق تشو بأن هذه الميزات وغيرها ستساعدهم على تجاوز العام السيّئ للأجهزة المحمولة.
هذا، وأكّد عدد غير قليل من الشركات المصنّعة الأخرى التي كان لها وجود كبير في "CES" هذا العام على ميزات البرامج التي تستخدم تتبع الكاميرا والذكاء الاصطناعي، من شاشات "Asus" و"Acer" ثلاثية الأبعاد الخالية من النظارات إلى مكبرات الصوت "Razer" التالية، وغيرها.
من البديهي أن الازدهار الذي شهدته سوق أجهزة الكمبيوتر المحمول في عصر الوباء لم يكن من المرجّح أن يستمر إلى الأبد، والصحيح أن الشركات التي تصنع أجهزة الكمبيوتر المحمول التي تعمل بنظام التشغيل "ويندوز" يجب أن تأخذ في الاعتبار حقيقة أن أجهزة "ماك بوك" الحالية من "أبل" تأخذ من سوقهم، ممّا أدّى بالشركات إلى اتخاذ هذه الإجراءات الجديدة.