في المياه المظلمة لبحيرة أونتاريو قبالة ميناء تورنتو في كندا، تسير القمامة في تيّار باتجاه جهاز دائريّ أنبوبيّ الشكل يطفو على سطح الماء. بدلاً من ضياع القمامة تحت سطح المياه، يُعدّ الجهاز بوابة إلى وجهة أقلّ غموضاً كمكبّ النفايات.
تقول تشيلسي روشمان، أستاذة علم البيئة والأحياء التطوريّة في جامعة تورنتو، التي عملت مع فريق من الجامعة لالتقاط القمامة في بحيرة أونتاريو باستخدام صناديق مثل هذه منذ العام 2019: "إنها تشبه في الأساس سلّة مهملات عائمة". الجهاز المسمّى "Seabin" يستخدم محرّكاً لإنشاء دوّامة تسحب برفق النفايات العائمة في دائرة قطرها 50 متراً، ثم يجري تخزين القمامة في سلّة ملحقة.
تعمل العشرات من الـ"SeaBin" على امتداد البحيرات الممتدّة من دولوث، مينيسوتا، إلى الحدود بين الولايات المتحدة وكندا في شمال نيويورك، جنباً إلى جنب مع منقّيات مياه الأمطار في مشروع عابر للحدود، يُطلق عليه اسم "تنظيف منطقة البحيرات العظمى من البلاستيك".
في منتصف أيلول، انضمّت إلى منقّيات المياه طائرات من دون طيار لجمع النفايات المائية وروبوتات متنقّلة لتنظيف الشواطئ؛ كلّ ذلك لإزالة 22 مليون رطل من البلاستيك الذي يدخل إلى البحيرات كلّ عام، ولمساعدة الباحثين، مثل روشمان، على فهم مشكلة نفايات البحيرات العظمى.
"لا يمكن للأشخاص إزالة النفايات على مدار 24 ساعة في اليوم كالأجهزة"
توضّح روشمان: "نحن نعلم أن كميّة القمامة الموجودة تحتاج إلى قوّة أكبر من قوة الناس التي لدينا". فعلى الرّغم من أن المجموعات المحلّية قد نظّمت عمليّات تنظيف للشواطئ لعقود من الزمن، فإنّه لا يمكن للأشخاص إزالة النفايات على مدار 24 ساعة في اليوم، الأمر الذي قد تفعله الأجهزة، التي لديها القدرة أيضاً على إزالة النفايات الصغيرة.
أشار موقع "ذا فيرج" إلى أنّ 40 مليون شخص يعتمدون البحيرات كمصدر رئيسيّ لمياه الشرب، وتتحلّل النفايات فيها، وتتحوّل إلى قطع مجهرية من البلاستيك والحطام، فتلتهمها الأسماك أو تمتصّها محطات معالجة المياه المحيطة. وعندما تستهلك الأسماك البلاستيك والموادّ الكيميائية مثل الأصباغ ومثبّطات اللهب، سيؤدّي ذلك إلى تدمير الجهاز الهضميّ الخاص بها وإلحاق الضرر به. تتوقّع روشمان العثور على مئات القطع البلاستيكية في الأسماك الكبيرة مثل الترويت أو السلمون.
هذا، وعُثر على قطع بلاستيكيّة مجهريّة في مياه الشرب في المنطقة، حيث العديد من محطات معالجة المياه غير مجهّزة لتصفية القطع الصغيرة. ولا يزال خطر استهلاك الجسيمات البلاستيكية على البشر غير واضح، على الرغم من استمرار الباحثين في التحقيق في المشكلات المحتملة.
بمجرّد أن يلتقط الباحثون هذه القمامة، تصبح كلّ قطعة منها نقطة بيانات أخرى. وكل يوم خلال فصل الصيف، يسحب الطلاب الصناديق لإحصاء محتوياتها وتصنيفها والتخلّص منها. تضيف روشمان: "إنهم يعرفون عدد أعقاب السجائر وأعواد القشّ وحاويات الرّغوة التي نجمعها". وفي بعض الأيام، تكون المحتويات أكثر إثارة للدهشة، فقد أحصى الطلاب شرائح من اللحم البقريّ والأحذية القديمة وجوز الهند في "Seabins" هذا الصيف.
تتوقع روشمان أن يقوم فريقها بإزالة كمية من البلاستيك تعادل 7000 زجاجة مياه بلاستيكية هذا الصيف بوساطة 12 صندوقاً تشرف عليها الجامعة، وتشكّل جزءاً بسيطاً من الأجهزة المنتشرة في 45 مرسى عبر منطقة البحيرات العظمى.
الطائرات من دون طيّار تنضم إلى المشروع
انضمّت طائرة من دون طيار وروبوت مخصّص لتنظيف الشواطئ إلى أسطول المشروع الشهر الماضي. تجمَع الأجهزةُ، التي صنعتها شركة "Searial Cleaners" الفرنسية لتكنولوجيا جمع النفايات، النفاياتِ من البحيرات والشواطئ، وتعمل عن طريق التحكّم من بعد أو بشكل مستقلّ.
وأفادت كلير توفير، الرئيسة التنفيذيّة للشركة بأن الروبوتات المتنقّلة هي أيضاً أدوات مشارِكة رئيسيّة. لهذا السبب كان يجب أن يكون هذا الروبوت رائعاً وممتعاً، فهذه أدوات فعّالة للغاية عندما يتعلّق الأمر بزيادة الوعي.
يجب القضاء على أساس المشكلة
يمكن أن تساعد الروبوتات على تنظيف البحيرات، لكن الخيارات البشرية حول كمية البلاستيك التي يجب إنتاجها واستهلاكها ورميها هي جوهر مشكلة نفايات البحيرات، وسيكون تغييرها مفتاحاً لحلّ مشكلة طويلة الأمد.
لن تتمكّن أيّ مبادرة من جمع أطنان من البلاستيك من الشواطئ والبحيرات كلّ عام، لكن المشروع يُمكن أن يحفّز العمل العام والسياسيّ لاتّخاذ إجراءات أكثر صرامة.