بدأت أزمة الرقائق الإلكترونية أو كما تسمّى أشباه الموصلات بداية عام 2021، وتوقّع العديد من الخبراء أنها يمكن أن تنتهي بنهاية العام المنصرم، أو ربما تستمرّ لفترة أطول من ذلك، لا سيما أن الأزمة انتشرت مع انتشار فيروس كورونا، الذي سيطر على العالم بأكمله، وزاد احتياج الأشخاص إلى شبكات هواتف الجيل الخامس، التي تعتمد بشكل كبير على الرقائق الإلكترونية.
ومن خلال الأسطر الآتية، سوف نتحدث بالتفصيل عن أشباه الموصّلات، وما هي أسبابها، وكيف استطاع العالم أن يسيطر على الأزمة ويتجاوزها، فلنتابع سوياً:
مفهوم أشباه الموصلات تعرف أشباه الموصلات على أنها مجموعة من الموادّ الصلبة البلورية التي لها قدرة متوسطة لتوصيل الكهرباء، ومن أهم مميّزاتها أنّ قدرتها عالية، وأسعارها منخفضة؛ لذلك نجد أن أشباه الموصلات يتم الاعتماد عليها بشكل كبير في صناعة الأجهزة الإلكترونية، ومن أهمّ الصناعات التي تدخل فيها الدوائر المتكاملة، وصناعة السيارات والترانزستورات، وكذلك تدخل في صناعة الهواتف الذكيّة.
ومن الجدير بالذكر أن أشباه الموصلات تقوم بالتقاط البيانات، وتجميعها، وتقوم بمعالجتها، وتخزينها؛ وهذه الرقائق حجمها صغير جداً، والمكوّنات الأكثر تطوّراً تكون أصغر منها، ويترواح حجمها ما بين 5 إلى 7 نانومتر.
أي الدول هي المصنّعة لأشباه الموصلات؟ يوجد دول قليلة تقوم بالاستثمار في أسهم شركات صناعة الرقائق الإلكترونية. ويرجع السبب في ذلك إلى أن هذا النوع من التجارة يحتاج إلى الكثير من الاستثمارات؛ لذلك نجد العديد من الدول تتخصص في صناعة هذه الرقائق، وإما تطوّر هذه المنتجات. وفي ما يأتي سنذكر أهم الدول المنتجة للرقائق:
• دولة تايوان، وتأتي على رأس قائمة الدول المنتجة للرقائق الإلكترونية، واسم الشركة الخاصة بها هي "تي أس أم سي". • كوريا الجنوبية، وهي واحدة أيضاً من أهم الدول المصنعة للرقائق الإلكترونية، والشركتان المصنّعتان فيها هما شركة سامسونج وإس كاي هاينيكس. • الولايات المتحدة الأميركية، والشركة التي تمثلها هي شركة إنتل. أما في ما يخص باقي الدول المصنعة لهذه الرقائق فإنها لا تملك سوى مصانع صغيرة، ولا يمكنها أن تؤثر على حجم الصناعة. ومن الجدير بالذكر أن أوروبا واحدة من هذه الدول، ولا تملك سوى مصانع صغيرة في صناعة الرقائق الإلكترونية. ويرجع السبب في ذلك إلى أنها قامت بالتركيز على مجال البحث العلمي في صناعة هذه الرقائق والحرص على تطويرها.
ما هي أهم القطاعات التي تضررت بسبب أزمة نقص أشباه الموصلات؟ يوجد العديد من القطاعات التي تأثرت بشكل كبير بأزمة نقص أشباه الموصلات، هي: • الألعاب مثل البلاي ستيشن، وإكس بوكس، التي تقوم بتصنيعها شركة مايكروسوفت.
• أجهزة الاتصالات مثل مشغلات الإنترنت والهواتف، وأجهزة الكمبيوتر. • ومن أهم الصناعات التي تأثرت بأزمة نقص أشباه الموصلات صناعة السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة الأميركية مثل جنرال موتورز، وفورد. ومن الجدير بالذكر أن العديد من الخبراء صرّحوا بأن نقص أشباه الموصلات سيؤثر بشكل كبير على صناعة السيارات الكهربائية، وهو الذي سيجعل إنتاجها يتراجع بنسبة 2 %.
أسباب أزمة نقص أشباه الموصلات يوجد الكثير من الأسباب التي أدّت إلى حدوث أزمة نقص أشباه الموصلات، ومن أهم هذه الأسباب هو الزيادة الكبيرة بشكل مفاجئ في الطلب على أشباه الموصلات، وذلك لكي يتم تجهيز الكثير من المنتجات الإلكترونية التي زاد الطلب عليها منذ تفشّي فيرس كورونا، والأمور التي ترتبت عليه مثل العمل على بعد، وكذلك الحجر المنزلي، وفرض الحظر في دول العالم. أما السبب الثاني فهو كان موجوداً بشكل فعليّ، وهو الضغط في الحرب التجارية بين كلٍّ من الولايات المتحدة الأميركية والصين. ومن الجدير بالذكر أن بعض الشركات لجأت إلى تخزين كميات من أشباه الموصلات لكي تعمل على تخفيف حدة النتائج المترتبة على نقص هذه الرقائق.
من وجهة نظر الحوسبة، فإن حدوث زيادة في أزمة نقص أشباه الموصلات كان بسبب زيادة شعبية العملات الرقميّة في الآونة الأخيرة؛ لذلك نجد أن الأشخاص الذين يقومون بتعدين العملة الرقمية كان لهم دور كبير في نقص كروت الشاشة والمعالجات بسبب استخدامهم الكبير لهذه القطع؛ وهو الأمر الذي أدّى في النهاية لصعوبة الحصول على هذه القطع للشخص العادي. ومن أهم الأسباب التي أدّت إلى تفاقم هذه الأزمة هو تعرض تايوان للجفاف. ويرجع السبب في ذلك إلى أن تايوان تُعتبر واحدةً من أهمّ المراكز الرئيسيّة التي تقوم بتصنيع الرقائق الإلكترونية على مستوى العالم، هذا بالإضافة إلى أن موقع الشركة التايواني المصنِّعة لهذه الرقائق هو أكبر الموزّعين لها.
وكان السبب في ذلك أن الجفاف الذي ضرب تايوان أثّر بشكل كبير على درجة نقاء المياه التي يتمّ استخدامها في تنظيف السيلكون والآلات التي توجد في المصنع، والتي يتم استخدامها في تصنيع هذه الرقائق.
كذلك أدّت العواصف التي أصابت تكساس دوراً كبيراً في زيادة المشكلة، وفي اندلاع الحرائق في مصانع إنتاج أشباه الموصلات.
كيف واجه العالم أزمة نقص الرقائق الإلكترونية؟
منذ أن حدثت أزمة نقص أشباه الموصلات ارتفعت أسعار السّلعوالمنتجات التي تدخل في صناعتها أشباه الموصلات بشكل غير متوقع، وهو الأمر الذي تسبّب بحدوث ضجّة عالميّة أدّت إلى قيام الكثير من الشركات، التي تقوم بتصنيع الرقائق إلى إعلانها عن القيام بالاستثمار بشكل كبير من أجل سدّ الفجوة الحادثة بين العرض الطلب.
ومن أهم الخطط التي تبيّنت أن شركة أنتل عزمت على الاستثمار بمبلغ يعادل 20 مليار دولار، أمّا شركة تي سي إم سي فستقوم بالاستثمار بما يعادل 100 مليار دولار.
ولكن ما يمكن لفت النظر إليه أنّ الكثير من الخبراء صرّح بأن أزمة نقص أشباه الموصلات لا يمكن أن تُحلّ في يوم أو شهر، بل تحتاج إلى وقت كبير لكي تنتهي. ويرجع السبب في ذلك إلى أن عمليّة إتمام مصنع وبنائه من أجل تصنيع الرقائق الإلكترونية، وتهيئته لذلك يحتاج إلى وقت ما بين عامين إلى أربعة أعوام؛ وهذا يعني أن الإنتاج الجديد لعمليات الاستثمار الكبيرة التي تمّت في بعض الشركات لا يمكن أن يتوافر في الأسواق قبل حلول عام 2024 .
ولكن على الصعيد الآخر، فإن الخبراء يتوقّعون أنّ الطلب على أشباه الموصلات سوف ينخفض في فترة ما بين الستة أشهر والتسعة أشهر. ويرجع السبب في ذلك إلى أنّ المتوقع أن تعود الحياة إلى طبيعتها، أي إلى ما قبل انتشار فيروس كورونا، ثم ستختفي فكرة الحجر المنزليّ وخوف الناس من النزول إلى الأسواق. هذا بالإضافة إلى أن فكرة التسوّق من خلال الأونلاين سوف تخفّ حدّتها أيضاً؛ كلّ هذه العوامل سوف تؤدي إلى حلّ مشكلة أزمة نقص أشباه الموصلات.
في ما سبق، قدّمنا لكم كلّ ما هو متعلق بأزمة أشباه الموصلات، وذلك من خلال ذكر مفهومها، وأهمّ الدول المصنّعة لها، وما هي أسباب حدوث الأزمة، وكيف استطاع العالم أن يسيطر على هذه المشكلة ويتجاوزها.