النهار

"كريبتو 101"... شوشاني لـ"النهار": أزمة FTX أشبه بصندوق باندورا في عالم العملات المشفّرة
المصدر: النهار
"كريبتو 101"... شوشاني لـ"النهار": أزمة FTX أشبه بصندوق باندورا في عالم العملات المشفّرة
مؤسّس FTX سام فريد
A+   A-
ميرنا سرور
 
قبل أسبوعين فقط، كان اسم سام بنكمان فريد، أو SBF، علامة مشرقة في عالم العملات المشفّرة، فالشاب، البالغ من العمر 30 عامًا، قاد واحدة من أكبر امبراطوريات الكريبتو، وهي منصّة FTX للتداول. خلال ساعات، فقد بنكمان ثروته وانهارت منصّته، لتصفه "بلومبرغ" بأنّه "واحد من أعظم أحداث ضياع الثروات في التاريخ"، فكيف حصل ذلك؟

لنفترض أنّك أحد المتداولين عبر منصّة FTX، وأنّك استثمرت بضعة آلاف من الدولارات بالعملات المشفّرة، واستيقظت في أحد الأيام وقمت بشراء بعض احتياجاتك على أن تدفع ثمنها عبر محفظتك من العملات المشفّرة، إلّا أنّ العملية لم تتمّ، وتمّ رفضها، فحاولت مجدّدًا، مرارًا وتكرارًا، لكنّ عملية الدفع كانت تُرفض في كلّ مرّة.

هذا هو تمامًا ما حدث مع مئات آلاف المتداولين عبر بورصة العملات المشفّرة FTX، والتي كانت قبل أسبوعين فقط رابع أكبر بورصة للعملات المشفّرة.

وكغيرها من منصات التداول، تمتلك منصة FTX عملتها المشفرة الخاصة بها والتي تُدعى FTT، يستخدمها العملاء في دفع رسوم المعاملات على المنصة. بنكمان لا يملك منصة FTX فقط، لكنه يملك شركة Alameda Research، وهو واحد من صناديق التحوّط وشركة كبيرة في تداول العملات الرقمية.

في الثاني من تشرين الثاني الجاري، أبلغ موقع Coindesk عن وثيقة مُسرّبة تُظهر أنّ شركة Alameda Research تملك كمية كبيرة بصورة غير طبيعية من رموز FTT، الخاصة بمنصّة FTX، بما يعادل مليارات الدولارات، وتستخدمها كضمان للقروض. المشكلة أنّه من المفترض أنّ شركة FTX وشركة Alameda شركتان منفصلتان، لكنّ التقرير أوضح أنّ علاقتهما المالية وثيقة جدًّا.

وبعد تقرير coindesk المثير للشبهات، قرّرت منصة "بايننس"، والتي تمتلك عملات FTT بقيمة 500 مليون دولار أن تبيع هذه العملات، وبسبب هذا القرار انخفض سعر العملة وانطلق من يملكها لبيعها خوفًا من السقوط الوشيك للشركة.

وبالفعل، تدافعت طلبات السحب على منصة FTX، وبلغت ما يعادل نحو 6 مليارات دولار على مدار ثلاثة أيام، في حين أنّه في الوضع الطبيعيّ تصل قيمة عمليات السحب اليومية إلى عشرات الملايين من الدولارات، وبهذا دخلت المنصّة في أزمة سيولة، ما يعني أنّها لا تملك الأموال الكافية لتلبية كلّ هذه الطلبات.

بعد يومين، وفي محاولة لإنقاذ الموقف، لجأت FTX إلى "بايننس" التي أعلنت أنها ستستحوذ على FTX، وقال بنكمان إنّ صفقة الاستحواذ ستحمي عملاء FTX وستسمح للمنصة بإنهاء معالجة عمليات سحب الأموال من المنصة، محاولًا نفي الشائعات حول الصراع بين شركته FTX وشرك "بايننس".

في وقت لاحق، أعلنت شركة "بايننس" أنّ عملية الاستحواذ لن تتمّ، وذكرت أنّها توصّلت إلى هذا القرار بعد النظر إلى أوراق الشركة، وإجراء الفحوصات القانونية اللازمة، وبسبب التحقيقات الجارية حول سوء تنظيم واستخدام الأموال من شركة FTX، ومن هنا انهار الوضع أكثر، وتوالى سقوط أحجار الدومينو، وفجأة وصلت قيمة الشركة إلى 8 مليارات دولار بعد أن كانت تبلغ 32 مليار دولار.

وفي حديث لـ"النهار"، وصف خبير العملات الرقمية رودي شوشاني أزمة FTX بالصندوق الأسود، نظرًا لعدد المستثمرين الكبير في المنصّة، ومن بينها شركات كبرى استخدمت أموالها بطريقة غير أخلاقية ستتأثر حكمًا بهذه الأزمة، كما هو موضّح في الرسم أدناه:
 
 

وعن ثقة الرأي العام بالعملات المشفّرة بعد هذه الأزمة يقول شوشاني: "الثقة تزعزعت بطبيعة الحال، ولكنّها ليست الهزة الأولى التي يشهدها عالم الكريبتو، فالأمر حصل 10 مرات خلال الأعوام الـ10 الماضية، كان أبرزها أزمة منصة MTGOX في عام 2013، والتي كانت تشكل 75 في المئة من الموجودات من العملات الرقمية حينها، وسرعان ما استعاد الإقبال على الاستثمار بالعملات المشفرة عافيته بعدها".

وتساءل شوشاني عن سبب تضخيم الأزمات عندما يتعلق الأمر بالعملات المشفّرة، علماً أنّ البورصة العالمية تعاني من تراجعات مستمرّة بلغت قيمتها 1,6 تريليون دولار خلال الفترة الماضية.

كذلك، أشار شوشاني الى وجه الشبه القائم بين ما حصل من انهيار لمنصّة FTX والقطاع المصرفي في لبنان، فالبنوك أيضًا تأخذ أموال المودعين وتستخدمها في استثمارات عدّة، تماماً كما تفعل بورصات العملات المشفرة.
 
 

إلى ذلك، تحدّث شوشاني عن المنافسة القائمة في عالم الكريبتو، من بينها المنافسة بين المنصات المختلفة حول من يقود السوق، ومن هنا جاءت خطوة "بايننس" التي استغلّت الفرصة لضرب منافستها.

وكان مؤسس "بايننس" تشانغبينج تشاو قد أكّد في تصريح اليوم أنه يؤسس صندوق إنعاش لمساعدة الأشخاص المتضرّرين في الصناعة، مؤكّداً أنّ صناعة العملات الرقمية "ستكون على ما يرام".
وقال تشاو: "على المدى القصير، هناك الكثير من الألم، ولكن على المدى الطويل فإنّه يسرّع من الجهود التي نبذلها لجعل هذه الصناعة أكثر قوّة".

وأوضح أن "بياننس" شهدت "زيادة طفيفة في عمليات السحب" في الأسبوع الماضي، لكنّه قال إنّ هذا يتماشى مع الانخفاضات الأخرى في السوق، مؤكّداً: "عندما تنخفض الأسعار، نشهد ارتفاعًا في عمليات السحب، هذا طبيعيّ جدّاً".

اقرأ في النهار Premium