تزداد الفيضانات فتكًا في الدول المتقدّمة أو ذات الدخل المتوسط كلّما اتّسعت الهوّة بين الأغنياء والفقراء، وفق ما جاء في دراسة نشرتها الإثنين الماضي مجلة "نيتشر" البريطانية.
وتطرّقت الدراسة إلى الفيضانات التي ضربت دولًا متقدّمة أو ذات دخل متوسط بين عامَي 1990 و2018 والتي تسبّبت بخسائر بشرية رغم تمتّع هذه الدول بالموارد اللازمة لتجنّب تداعيات الفيضانات.
ولا تزال الدول الفقيرة، وهي غير مشمولة في هذه الدراسة، تُسجّل أعلى نسبة وفيات جرّاء الفيضانات في العالم.
وأظهر الباحثون، في عيّنة من 67 دولة، أنّ الدول التي لديها أكبر تفاوتات بالدخل هي أيضاً الدول التي سجّلت أكبر أعداد ضحايا فيضانات.
لكنّهم لاحظوا أيضاً أنّ التفاوتات في الدخل بين الأغنياء والفقراء اتّسعت في 75% من هذه الدول في الفترة المدروسة.
وكانت علاقة ارتباط هذه العوامل ببعضها أثبتت بالنسبة إلى حالات معزولة، "لكن هذه المقارنة بين البلدان تتيح لنا الآن تأكيد أنّها نموذج"، وفق ما قالت المشاركة في إعداد الدراسة طالبة الدكتوراه في جامعة أوبسالا في السويد سارة ليندرسون لوكالة فرانس برس.
ويثبت هذا الارتباط مهما بلغ إجمالي الناتج المحلي للفرد أو مستوى التعرّض لخطر الفيضانات.
وفي هذه المجتمعات، يكون الفقراء في الواقع أقلّ قدرة على مواجهة الفيضانات أو النجاة منها، بينما تركّز الأحياء الغنية غالبية الخدمات والموارد المستثمرة والبنى التحتية المناسبة.
ففي العام 2005، حين ضرب الإعصار كاترينا ولاية لويزيانا الأميركية، كان العديد من القتلى الذين بلغ عددهم 1800 تقريباً يقيمون في حيّ فقير للأفارقة الأميركيين قرب السدود التي انهارت. ولم يتمكّن البعض من الفرار حينها لعدم امتلاكهم وسائل نقل خاصة، فيما جرفت المياه منازل خشبية كان يسكنها البعض الآخر.
وأكّدت الدراسة أنّ الأكثر فقراً يعيشون أحيانًا في شكل غير نظامي في مثل هذه الأحياء الهشّة حتّى لو وُجدت قوانين تمنع بناء مساكن في مناطق معرّضة لخطر الفيضانات، لعدم توفّر فرص أخرى أمامهم.
وشدّدت الدراسة على أنّ أحد الحلول هو تقليص الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
وقالت ليندرسون، "إذا فشلنا في تصحيح العامل الأساسي للهشاشة، ألا وهو الفقر وعدم المساواة، لن نتمكّن أبداً من التخلّص منه".
ودعا الباحثون جميع العلماء إلى عدم إهمال عامل عدم المساواة في الدخل في دراسة المخاطر، معتبرين أنّ وزنه أكثر أهمية من وزن العوامل الأخرى المرتبطة بمستوى التنمية الاقتصادية للبلد.
واعتبروا أنّ هذه المجتمعات التي تسودها تفاوتات كبيرة في المداخيل ليست معرضة فقط لخطر الفيضانات بل أيضاً لخطر كوارث طبيعية أخرى مثل الجفاف والأوبئة.