يواصل صانعو السيارات تقديم حل تقني لأزمة السلامة المرورية الحالية لدينا عندما يكون الحل الحقيقي أبسط بكثير: فقط اجعل السيارات تسير بشكل أبطأ.
أعلنت شركة "فورد" أنها تستكشف "تقنية اتصالات جديدة قائمة على الهواتف الذكية" لتحذير السائقين من المشاة وراكبي الدراجات وغيرهم من مستخدمي الطريق المعرّضين للخطر، والذين قد يكونون مخفيين عن أنظارهم، يأتي ذلك بعد طلب للحصول على معلومات من وزارة النقل الأميركية حول إمكانية استخدام تقنية اتصالات مماثلة مثل "أنظمة تحذير لكل من السائقين والمشاة".
الرسالة الأساسية لكل من هذين الإعلانين هي أن التكنولوجيا يمكن أن تساعد في إبطاء أو حتى الحفاظ على الارتفاع الكبير في وفيات حوادث السير، فوصلت وفيات حوادث المرور إلى أعلى مستوى لها منذ 20 عامًا في أوائل عام 2022، وألقى المسؤولون باللوم على الوباء الذي "جعل سلوك القيادة أكثر تهوّراً"، بحسب موقع "ذا فيرج".
يشير الخبراء إلى أنّ الحلّ الحقيقي أبسط بكثير من ذلك، وهو جعل السيارات تسير بشكل أبطأ.
ازدهر قطاع السيارات حول فكرة "حريّة الذهاب إلى المكان الذي تريده بالسرعة التي تريدها"، لذلك، لن تعتمد شركات السيارات العربات الأبطأ كحل لمشكلة الوفيات المتزايدة من الحوادث. بدلاً من ذلك، سيطلقون مشاريع بحثية باهظة الثمن لتطوير نوع من الحلول التكنولوجية الغامضة لمشكلة القيادة الخطرة والبنية التحتية سيئة التصميم.
ولفت موقع "ذا فيرج" إلى أنّه قد لا تملك شركات السيارات "النوع الصحيح" من التكنولوجيا. كانت "فورد"، على سبيل المثال، تشير إلى فكرة أن هناك نوعاً من تكنولوجيا الاتصالات التي تسمح للسيارات بالتواصل مع الهواتف الذكية للمشاة بطريقة تقلّل من الاصطدامات المميتة.
فكرة "فورد" هي استخدام برنامج يعمل على التقاط إشارة من هواتف المشاة لإبلاغ السيارة بموقعهم، وإذا قامت السيارة بتوقّع خطر اصطدام محتمل، يمكن لبرنامج "Ford SYNC®" تنبيه السائقين من خلال شاشة السيارة التي تعرض رسومات للمشاة أو راكبي الدراجات أو غيرهم.
في هذه الحالة بالذات، تتمثل فكرة "فورد" في إرسال التنبيهات دون توقّف داخل السيارة عندما يتعرض أحد المشاة غير المرئيين لخطر الدهس، وبالمثل، فإن نفس التقنية تنبه المشاة أو راكب الدراجة إلى السيارة التي تقترب.
إلا أن التقنية لا تعمل بهذه الطريقة بالضبط، وفقًا لخبراء السلامة، إذ لا يحمل بعض المشاة أو راكبي الدراجات دائماً هواتفهم الذكية معهم، وإذا فعلوا، فهم لا يراقبونها باستمرار بحثاً عن تنبيهات حول اقتراب المركبات.
كذلك، سينزعج بعض السائقين من كثرة التنبيهات التي قد يتلقونها داخل سياراتهم وقد يتجاهلونها، أو قد يصبحون معتمدين بشكل مفرط على التنبيهات، ما قد يؤدي إلى مزيد من القيادة المتهورة.
وقالت سالي فلوكس، المديرة التنفيذية لمجموعة "PEDS" في عام 2019، وهي المرة السابقة التي اقترحت فيها شركة "فورد" تقنية التنبيهات للسلامة المرورية: "لا نريد أن يفكّر الناس في أنهم ليسوا مضطرين للبحث عن المشاة، أنا لا أعارض التكنولوجيا، إنّما لا أعتقد أنها ستحلّ مشكلة سلامة المشاة".
قد تلعب هذه التقنيات دوراً في المساعدة على تقليل الوفيات الناجمة عن حوادث المرور، لكنّها تطرح تساؤلات عن التركيز المفرط على الابتكارات التكنولوجية لمشكلة حلّها أبسط بكثير؛ فرض قوانين لجعل السيارات تسير بشكل أبطأ وتحسين التقاطعات وتغيير تصميم الشارع لإعطاء الأولوية للمشاة وراكبي الدراجات.
هذا ما فعلته هلسنكي وأوسلو، وهما عاصمتان من أصغر عواصم أوروبا، وقد أدّت إجراءاتهما إلى انخفاض كبير في الوفيات الناجمة عن حوادث المرور، من خلال فرض رسوم جعل القيادة أكثر تكلفة وخفّضت حدود السرعة في جميع أنحاء المدينة، وفرضت حظراً للقيادة في المناطق المحيطة بالمدارس.
وبالفعل، شهدت هلسنكي انخفاضاً بنسبة 75 في المئة في الوفيات المرورية على مدار الثلاثين عاماً الماضية.
Today I met with officials in Helsinki, which has had a ~75% drop in road deaths over the last thirty years (including recent years with no ped/cyclist deaths at all).
Me: “How much of a role has IT played in reducing crashes?”
City official: “Zero. We simply slowed down cars.” https://t.co/rHfJ6Cz1Ze
— David Zipper (@DavidZipper) September 16, 2022